"البيجيدي" يطالب بالتحقيق في تسويق منتجات غذائية مصنوعة من المخدرات    تصفيات مونديال الفتيات .. المغرب يسحق الجزائر في عقر داره ويتأهل لدور الربع    في يومها الأول.. عدد زوار الأبواب المفتوحة للأمن بأكادير يتجاوز 300 ألف (صور)        توقيع اتفاقية إطار بين الأمن ومجموعة العمران وولاية جهة سوس ماسة    لأول مرة .. المغاربة أكثر العمال الأجانب مساهمة في نظام الضمان الاجتماعي بإسبانيا    مع اقتراب عيد الأضحى.. مطالب بتحديد هامش ربح مستوردي رؤوس الأغنام    الخسارة الثالثة للأشبال بدوري ماركفيتش    لبؤات الأطلس ينهين الشوط الأول على إيقاع التقدم على المنتخب الجزائري    جامعة محمد الخامس "الأفضل في المغرب"    المغرب يسجل 35 إصابة جديدة ب"كوفيد"    ملف إسكوبار الصحراء.. محاكمة بعيوي تبدأ في هذا التاريخ    تقلبات أحوال الطقس تقلص اعداد المهاجرين غير النظاميين المتسللين إلى سبتة    "الفيفا" تصادق على منع انتقالات اللاعبين غير المنتمين للبلدان الأعضاء في الأمم المتحدة    كيف يتم تحميص القهوة؟    الخزينة تكتتب ما يعادل 3,4 مليار درهم في سوق السندات ما بين 8 و 15 ماي    سانشيز يعلن الأربعاء موعد الاعتراف بفلسطين    إسرائيل: حرب غزة "ليست إبادة جماعية"    مباحثات تجمع أخرباش بوفد من أذربيجان    الطالبي العلمي يجري مباحثات برلمانية بالصين    منظمات الإغاثة تحذر من تحديات متزايدة في عملياتها في قطاع غزة    القائد محمد الحيحي كما عرفته    القمة العربية في مواجهة التحديات    السيد العمراني يلتقي أجاي بانغا.. إرادة قوية لتعزيز التعاون بين البنك الدولي والمغرب    العصبة الاحترافية تحدد تاريخ إجراء مواجهة "الديربي البيضاوي"    طقس السبت.. أمطار ورياح قوية بهذه المناطق من المملكة    مقاولات جهة الشمال توفر أكثر من 450 ألف منصب شغل سنة 2022    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    انخفاض ملموس في المساحات الغابوية المتضررة من الحرائق سنة 2023    الإيسيسكو تدعو لتعزيز دور المتاحف بالتعليم والبحث وانخراط الشباب في صون التراث    أخبار الساحة    دول غربية تحث إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي في غزة    البرازيل تستضيف كأس العالم للسيدات 2027    شراكة تثمّن الإمكانات الغنية للسياحة القروية    ألمانيا تطلق هذه المبادرة لدعم خلق فرص شغل في المغرب    المحكمة الدستورية تقبل استقالة مبديع وتدعو وصيفه لشغل مقعده بمجلس النواب    وَصَايَا المَلائِكةِ لبَقَايَا البَشَرْ    وجهة خطر.. بين مسلم ورمضان لم تثْبت رؤية هلال الكِتاب!    رئيس وزراء السنغال ينتقد وجود قوات فرنسية في بلاده    تراجع جديد يخفض أسعار بيع "الغازوال" والبنزين بمحطات الوقود بالمغرب    دراسة: توقعات بزيادة متوسط الأعمار بنحو خمس سنوات بحلول 2050    رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً في إطار تحدٍّ مثير للجدل    هل يقبل المغرب دعوة أمريكا للمشاركة في قوات حفظ سلام بغزة؟    الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار في كنيس يهودي    وسط اهتمام آرسنال.. ريال بيتيس يتشبث بشادي رياض    بسبب محمد رمضان وسعد لمجرد.. بطمة تعرب عن غضبها    رد قوية وساحق لعمر هلال على ممثل الجزائر في الأمم المتحدة    "ولد الشينوية" أمام القضاء من جديد    احتفاء بسعيد يقطين .. "عراب البنيوية" ينال العناية في المعرض للدولي للكتاب    "ألوان القدس" تشع في معرض الكتاب    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (12)    الأمثال العامية بتطوان... (600)    الجزائر.. داؤها في قيادتها    ما دخل الأزهر في نقاشات المثقفين؟    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    كلاب ضالة تفترس حيوانات وتهدد سلامة السكان بتطوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزّة تنْزِف وآدمِيَّتُنا تُقْصَفْ !
نشر في العلم يوم 20 - 10 - 2023

افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 19 أكتوبر 2023
أنْظُرُ ولا أمْلكُ مِنْ قواي المُسْتَلبة غير النَّظر، لا أمْلكُ إلا أنْ أنتظر ولكن على أرْضٍ صلْبة تحْتملُ موقفاً ثقيلا، شتَّان بين الأثر البليغ الذي يُحْدِثُهُ الرأي العام، وذاك الذي يُبَلوِرهُ النَّعام، أقْفز أحياناً في مكاني كَمنْ يُساوِره وهْمُ السُّقوط في هاويةٍ، يا لَلْهَلَع الَّذي ركِبنِي من فَرْط إدماني لجُرعاتِ مشاهد الدّمار في غزّة، فما بالُكَ من يعيشها مُترقباً بين حينٍ وآخر، قذيفةً قدْ تَدْفنهُ حيّاً تحت سقْفٍ أو جِدار !
نَنْظُر جميعا فُرادى أوْ قطيعاً، ولا نملك لنُصرة أهالينا في غزّة إلا النَّظر، أنا أيضاً أصبحتُ أسْمَع صفَّاراتِ الإنْذار، ولكن ليْست كالتي تُنْذر بحِمَم طائراتٍ ستقْصِفُ الأبرياء بعد قليل، إنّما هي صفَّاراتٌ تَضِجُّ فقط في رأسي بسبب ارْتِفاع ضَغْط الدَّم وتمدُّد الفتيل مع العروق، لا أعْرفُ هلْ أبْكي أمْ أضْحكُ حين ينْصحُني صديقي الطَّبيب بِتجنُّب التوتُّر والغضب، يَنْصحني أنْ أضع الأعْصاب في ثلاجةٍ مع البقدونس والجَزَر، أنْ أتعامل مع كُلِّ الأعْطَاب التي يُسبِّبُها البَشر للْبَشر، كأنِّي أعيشُ بمعْزِلٍ عن العالم في كوْكب آخر، والحقيقةُ أنِّي لا أسْتطيع أن أتَبرّأ من إنْسَانيتي كي أُصَنَّفَ قِطّاً مُدلّلاً أو غزالاً، أنْ أبْقى مَكْتوفَ الأيْدي أمام الظُّلم ولوْ بتعبيرٍ غيْر أخرس، ولَكَم أغْبِط هذه الأيّام صوتَ المِلْعقة حين نُحرِّكُها في فنْجان، وأنا أنظر لتواطُؤاتِ بعْض المُثقَّفين مع همجيَّةِ العدوان الإسرائيلي الغاشم، كيف أمْتثِل لنصائح صديقي الطّبيب كيْ لا أُرْبك توازُن السّاعة البيولوجية لنفْسِيَّتي، حقّاً إنَّ تَجرُّع السُّم أهْون بكثير من العيْش في نفْس الخُمِّ مع دواجن الخِذْلان، لا أستطيع أنْ أقف في الحِياد مُعلَّقاً بين الوجود والعدم، ومن حقِّ المُقاومة الفلسطينية ولوْ قادها الشيطان، أن تُعلنَها بِتصْعيدٍ أقْصى إما بلاد أو استشهاد !
أنْظرُ وليتني أُفرِّج كُرْبتي بالنَّظر، وما أكْثَر ما يَحْمِلُني ذُهولي على أجْنِحةٍ من هواء، أسْتسلِم لِلْمشْي هرباً من أنْ أصْبح هدفاً سهلاً لِمنْ هُمْ دون هدف، عجباً ما لي بيْنَ طأْطأة وقوْقأةٍ أرفع رأسي مُكابِراً حَذِراً، أحدِّقُ كأنِّي أتبيَّن هل من شظيَّة قادمةٍ من السّماء، صحيح أنَّنا لسْنا في غزّة، ولكن الأصَح دون حاجة لِذرِّ الملْح على الجُرح، أنّنا جميعاً مقْصُوفون في آدميَّتِنا بمدفعية العنف الرمزي، مع ذلك الفرْق البسيط الذي يجْعلنا مُجرَّد جُثثٍ تَشْغل حيِّزاً في الحياة دون جدوى، يا للهوان، لا نملكُ إلا أنْ نُواكِب كأنَّنا نُنْجز تحقيقا إجرامياً لعدالة التاريخ، لا نمْلكُ إلا أنْ نتمطَّى مُتثائبين مع صفِّ الجنازات الطويل بأطفال غزّة الأبرياء، أوْ نُشغِّل العدّاد كما يصْنع سائق طاكْسي، ليس لنتقاضى ثمن مسافة يَمْشيها المُهَجَّرُ في الحريق، إنما لِنُسجِّل بقتيلٍ جديد، رقماً التحق بشهداء ارتقوا تباعاً في مواكبْ !
أنْظُر ويا ليتني أعمى كما قال الشاعر محمد بنطلحة، أنا وأنتَ وكلُّ العالم ينْظر من ثُقْبِ الباب، عيْنٌ على التِّلفاز تتلمَّس طريقها بين الأشلاء والدخان دون عُكَّاز، وأخْرى تمْتطي أصبعاً يُمارسُ رياضة التَّزحْلُق على الهاتف، يَا لَبُرودتنا التي أفْقدتِ الأنْفس أجمل إحساس، ألا ليْتنا نتوصّل ببعض الدم الذي يتبرّع بنزيفه أهالينا في مجْزرة غزّة، ليْتنا نكْتسِب بدم الشهداء بعْض الحياء ولا نُطبِّع حتّى مع الألم !
أُنظُرْ ولا تَخَفْ يا رفيقي، لستَ في غزَّة التي ابْتكرت النّازية الصّهْيونية من ضحاياها تحْت الأنقاض هيروشيما جديدة، أنتَ وأنا في مأْمنٍ بالبيْت نجْترُّ كأيِّ بهيمةٍ بالإسطبل القُوت وننْتظر الموت، لا تخفْ ما منْ شيءٍ يَطير فوق رؤوسنا أو يُغِير، اللَّهم بعْضُ الذُّباب الذي يتناوبُ على لسْع الأذُن، ماذا لو تَحوّلت الذُّبابة إلى دَبّابة هل تسْتجمِع قواكَ الخائِرة لتُقاتل، أو ماذا لو حلّقت عِوض الذُّبابة طائرةٌ حربيةٌ من طِراز إف-35 الفاشل، هل يسْتوي الطَّنين مع الهدير، أبداً يا رفيقي.. وإلا كان اسْتَوى الكفاحُ المُسلَّح في فلسطين، مع المُسْتنْقع العربي المُنْبطِحْ !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.