في الفترة الأخيرة، كثُر الحديث عن احتمالات ضربات إرهابية تهدد المغرب. بين الفينة والأخرى، نسمع عن شبكة إرهابية تم تفكيكها أو عن أشخاص تم اعتقالهم في إطار مكافحة الإرهاب. الخطر الإرهابي المتربص بالمغرب أمر غير مشكوك فيه في الظرفية الحالية. أمن وأمان المغرب نقطة حمراء لا أعتقد أن بيننا من لا يسعى إلى الحفاظ عليها. لكن سؤال الإرهاب وتهديداته يستدعي منا طرح عدة أسئلة، حول مجتمعنا وعلاقته بالإرهاب، لكن أيضا حول المقاربة الأمنية. أولا، على المدى الطويل، يبدو أن المغرب، حكومة وشعبا، طالما استخف بالخطر الإرهابي المتربص بنا، وحتى بعد الأحداث العنيفة لماي 2003. الواقع اليوم أن أعداد المغاربة المجندين في تنظيمات إرهابية دولية في تزايد مستمر. بل والأخطر، أن مواطنين عاديين مثلنا تماما، قد يتعايشون مع التطرف بشكل عادٍ. منذ بضعة أيام، راج فيديو لمسجد تتم فيه الصلاة بإمامين مختلفين، أحدهما يؤم فريقا في مقدمة المسجد وثانيهما يؤم فريقا آخر في المؤخرة. على غرابة الموقف، ما أثار انتباهي هو تعليق مصور الفيديو وهو يردد أكثر من مرة: "هادو داعش. هادو خاصّهم الرجم". في وقت الصلاة، مصور الفيديو كان متخلفا عن أداء واجبه الديني منهمكا في تصوير فيديو يوثق للواقعة. لكن ذلك لم يزعجه لأنه لم يبدُ مهتما لتخلفه عن الصلاة بقدر ما كان مشغولا بالمزايدة في الإيمان على من يصلون بطريقة بدت له غريبة. لا أحد حوله أو ممن علقوا على الشريط اعترض على كلامه. اكتفينا بمحاولة فهم الواقعة، وكأن كلام المصور طبيعي متفق عليه. إلى جانب ذلك، لنتأمل أنه، كلما انتشرت دعوات تكفيرية من طرف بعض الشيوخ ضد فاعلين مغاربة (أحمد عصيد، المختار الغزيوي، لطيفة أحرار، مليم العروسي…)، لا نجد استنكارا كبيرا عند المواطن المغربي، وكأن هذا الأخير لا يرى ضيرا في الدعوة لقتل شخص اعتبره الشيخ كافرا زنديقا خارجا عن الملة. الفكر المتطرف ترسخ تدريجيا بيننا وهذا أخطر من تجنيد البعض في تنظيمات إرهابية؛ لأنه إرهاب يعشش بين من نعتقدهم مسالمين. إرهاب كرّسه التعليم والإعلام والجهل. على النخب السياسية والفكرية، كما على الدولة بكل مؤسساتها أن تأخذ الأمر على محمل الجد وتبدأ في التأسيس لمجتمع أقل تطرفا، عبر تغيير المناهج التعليمية وزرع ثقافة الحوار والاختلاف ونبذ العنف. إذا بدأنا الآن، فقد نجني الثمار بعد جيل كامل. فهل نعي خطورة ذلك؟ ثانيا، يمكن لمتتبع الشأن الأمني في المغرب طرح تساؤل جدي عن مدى احترام حقوق الإنسان من طرف الدولة المغربية، في إطار مقاربتها الأمنية لمحاربة الإرهاب. من حق الرأي العام والإعلام أن ينتقد بموضوعية بعض التجاوزات التي تمس بالحقوق الأساسية للأشخاص. هذا لا يعني أن من ينتقد يشجع الإرهاب. بل أن هذه الرقابة الموضوعية ضمانة أساسية لاحترام الحقوق الأساسية للمواطنين. طبعا، من واجب الدولة أن تحارب الإرهاب وتسعى لاستتباب الأمن والأمان في البلد. نحن جميعا نطالبها بذلك. لكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب حقوق المتابعين والمشتبه فيهم. لا يمكننا اليوم أن نضحي بالديمقراطية وبإلزامية احترام حقوق الإنسان، لأن داعش تهدد أمننا. في نفس الوقت، لا يمكن للسلطات الأمنية أن تتهاون في محاربة هذا الخطر المتربص بنا. لكن معادلة تحقيق الأمن ومكافحة الإرهاب، مع احترام المنظومة الديمقراطية وميكانيزمات احترام حقوق الإنسان هي ضرورة ملحة لكي لا نخطئ الطريق في اتجاه أو في آخر.