ما كشف عنه وزير العدل مصطفى الرميد بخصوص إلغاء حكم بسبب التعذيب، يعيد موضوع التعذيب بمخافر الشرطة والدرك للواجهة. لقد أكد مسؤولون رسميون منذ فترة أن التعذيب مازال يمارس في المغرب لكنه غير منهجي، بمعنى أنه لا يمثل سياسة للدولة. لكن بالمفهوم الحقوقي حينما تتواتر حالاته يعتبر نمطا. الدولة المغربية عبرت غير ما مرة عن نيتها في مواجهة التعذيب،وعدم التساهل مع مرتكبيه. كما أن المغرب وقع وصادق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. المصادقة على هذا البروتوكول تفرض إنشاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وهو أمر لم يقم به المغرب لحد الآن. مواجهة التعذيب لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتم بالنية الحسنة أو بالتصريحات الرسمية، بل تتطلب إجراءات خاصة، في المتناول، تنتظر فقط الإرادة السياسية...ومهما كانت الرغبة في مواجهة التعذيب ملحة،إلا أنها تتطلب عدة إجراءات قانونية وبيداغوجية مستعجلة. لقد خصت هيئة الإنصاف والمصالحة موضوع الحكامة الأمنية بتوصية واضحة تقوم على ربط المسؤولية بالمساءلة وبعدم الإفلات من العقاب. وهي توصية أدمجتها الوثيقة الدستورية ضمن بنودها، لكنها تنتظر التفعيل... كما أن معظم ما يمكن أن يمارس من تعذيب داخل مخافر الشرطة والدرك وفي كل مواقع الحرمان من الحرية قد يكون ناتجا بالدرجة الأولى عن نقص في التكوين، طبعا إلى جانب غياب المراقبة. فمجموعة من القائمين على إنفاذ القانون من الضابطة القضائية تنقصهم الكفاءة في التعامل مع جمع أدلة الإدانة في احترام للقانون و احترام لحقوق الإنسان... ما زال مجموعة من القائمين على إنفاذ القانون لا يعرفون سوى الأسلوب القديم القائم على مقولة «قر لمك»، وهو أسلوب ضد القانون وضد حقوق الإنسان. لقد تطورت أساليب مكافحة الجريمة وطرق جمع الأدلة في البلدان التي تطبق القانون في حفظ تام لكرامة الناس، وهذا الأمر يجب أن ينطبق على مخافرنا... غير ذلك سيظل التعذيب يمارس في علم من المسؤولين أو في غفلة منهم...