-فاز مؤخرا فيلم" الزين اللي فيك" لنبيل عيوش، بجائزة في فرنسا، بعد أن خلق جدلا كبيرا في الوسط الاجتماعي والإعلامي والسينمائي، هل كنت مع فكرة المنع أم أنت من دعاة حرية الإبداع؟ *** بكل وضوح ومسؤولية، أنا مع حرية الإبداع والتعبير، وأؤكد أنني مع الحرية المطلقة لهذا الإبداع، بشرط أن تبقى المسؤولية ملقاة على المبدع عما قدمه من منتوج ، وبالنسبة لفيلم "الزين اللي فيك" فقد شاهدت منه مقاطع فقط، ولم أشاهده كاملا في الحقيقة، وقيل إن هناك مشاهد أخرى أكثر جرأة، ورأيي أنه يمكن للأطفال أن يروا أفضع من هذا العمل في الإنترنت، ويمكن أن يروا أفلاما بورنوغرافية، لهذا أقول دائما إن هناك دائما تربية بالصورة وتربية للصورة. فيمكن أن نربي الناشئة بالصورة من خلال أساليب بيداغوجية توظف الصورة، وتعوض الطابع الكلاسيكي، أما التربية على الصورة، فهي تبسيط الأساليب والشفرات التي تمكن الناشئة من فهم الصورة وتحليلها وفهم أبعادها دون خوف أو توجس. وإذا كنا نتحدث عن السينما المغربية ونحاول أن نحاكمها، فلا يجب أن ننسى الأفلام العالمية التي تعرض بالمغرب، فبعض هذه الأفلام تلامس البورنوغرافيا، ويشاهدها بعض المغاربة، وأحيانا تسيء هذه الأفلام لخصوصيتنا، لأن بعضها يهاجم العرب والمسلمين أو سلوكهم أو عرقهم. لهذا أنا شخصيا مع فكرة حرية المبادرة وضد فكرة المنع، وأنا مع مشاهدة أي فيلم ، على أن نناقشه ونكون فكرة عنه ونحاول تحديد درجة توفقه من عدمه، أما المنع المطلق أو المسبق فأنا ضده بشكل كلي، ولا أعتقد أن الاختلاف يفسد للود قضية. وأظن أننا يجب أن نخرج من الاستغلال السياسي والإديولوجي لبعض الأحداث والأفلام السينمائية وأن ننتصر لفكر الإبداع وأن نتقبل الاختلاف فيما بيننا بعيدا عن التوتر أو الأحكام الجاهزة التي تسيء للإبداع. – في السياق ذاته، عرض قبل أيام في العاصمة الإيرانية الفيلم الإيراني (محمد)، مما خلق جدلا واسعا في العالم العربي والإسلامي، كيف تنظر إلى إمكانية عرض هذه الفيلم في بلدان أخرى، من بينها المغرب؟ **أنا من المدافعين عن حرية التعبير و الإبداع، لكن، بتقديري الخاص، أن هذه الحرية لا يمكن أن تمارس خارج إطار مقدسات ورموز كل بلد، ففي المغرب مقدسات (الوطن، الملكية،الدين) لا يمكن أن يتم المساس بها، ولا أعتقد أن مجتمعا ما يقبل أن يتم المساس بمقدساته، وأتذكر أنه حينما عرض فيلم عن المسيح، أحرقت قاعة سينمائية بباريس، كما يمكن التذكير، بهذا الصدد أن الممثل العالمي ميل جيبسون تعرض لهجوم عنيف من طرف اليهود بعدما اتهموه بالترويج لإساءة اليهود للمسيح، لهذا لا يمكن قبول فيلم يسيء إلى المقدسات والرموز الدينية أو التعرض لها. -كثر الجدل مؤخرا حول الدعم السينمائي، كيف تقرأ حصيلة سياسة هذا الدعم؟ ** ككل المظاهر والإجراءات، يمكن القول إن للدعم السينمائي إيجابيات وسلبيات، وهذا ما يمكن أن يسقط على الدعم المسرحي الذي يعترف المسرحيون أنه أثر على مستوى الجودة، ففيما يخص ايجابيات الدعم السينمائي، فتتجلى في إنعاش الإنتاج والرفع من وتيرته، بالتزامن مع رفع الغلاف المالي المخصص لهذا الدعم، وهذا ما حقق نوعا من التراكم، إذا استطاع المغرب أن ينتج سنويا ما بين 20 و25 فيلما سينمائيا، وهذا رقم مهم، بالمقارنة مع سنوات التسعينات والثمانينات، وهذا ما خلق نوعا من التنافس بين المخرجين للمشاركة في المهرجان الوطني للسينما بطنجة، إذا أصبح مبدأ الجودة هو المعيار للمشاركة في المهرجان، وهو الأمر الذي يسقط على المشاركة في المهرجان الدولي للسينما بمراكش، كما أن أهمية الدعم تكمن في أنه يعوض النقص الحاصل على مستوى مشاركة القطاع الخاص. وهنا يمكن تعليل الغياب شبه التام للقطاع الخاص في غياب الشروط التجارية التي تشجع هذا القطاع على الانخراط والاستثمار، لأن القطاع الخاص ينطلق من مبدأ ربحي وتجاري، بمنأى عن البعد الثقافي أو التثقيفي، وأعتقد أن غياب قاعات سينمائية واستمرار القرصنة وغياب الرواج على المستوى العربي والإفريقي وطبيعة السينما أحيانا (سينما المؤلف) كلها أسباب تجعل القطاع الخاص مترددا في الاستثمار في المجال السينمائي، وفي غياب القطاع الخاص، يصبح الدعم العمومي عنصرا حيويا وحاسما، كما قلت سابقا، في استمرار السينما المغربية. وفيما يخص الجانب السلبي للدعم السينمائي، فيمكن إجماله في الإصرار على الجمع بين كل التخصصات، فالمنتج قد يكون مخرجا ويقوم بعملية التصوير ويشارك أحيانا في التجسيد، دون أدنى احترام للتخصصات أو احترام لقدرة الآخر على المشاركة في الإبداع وفق نسق إبداعي تكاملي، فحينما يحصل المنتج على الدعم، يصبح مقتنعا أنه ربح الرهان في أن يفعل ما يشاء بالمشروع السينمائي، فيعمد إلى اختيار من يشاء في الكاستنيغ ويشغل من يشاء من التقنيين ويصور في الفضاءات التي يرتاح فيها، دون أي اعتبار للقيمة الفنية لاختياراته، وفي كل الحالات هو رابح، سواء نجح العمل أو لم ينجح، لأنه لم يخسر ما دام أن التمويل عمومي، وهذا فهم مغلوط للدعم السينمائي، لأن فلسفة الدعم قامت على التشجيع على الإنتاج لتجويد المادة، وهذا مرتبط بعنصر أساسي هو احترام التخصصات، فليس ضروريا أن يكون المنتج مخرجا، وليس ضروريا أن يخرج مخرج ما عملا كتبه، كما أنه ليس مفروضا عليه أن يقوم بعملية التصوير أو يشارك في العمل، قد تحدث استثناءات، كما يقع في بعض الأعمال السينمائية الكبيرة، لكن أن يصبح في المغرب قاعدة، فهذا يسيء للإنتاج ويسيء للمنتج الذي حصل على الدعم. وعلى الرغم من هذه المؤشرات السلبية، يمكن القول إن هناك تطورا ملموسا في السينما المغربية، وهناك طاقات شابة جديدة، وليس الأمر مرتبطا بأزمة سيناريو فقط، وإنما لدينا أزمات متعلقة بالتصوير والإخراج والمونتاج، للأسف أننا لم نصل إلى مرحلة تمكننا من الوصول إلى مهرجانات عالمية، فحينما يفوز المغرب بجائزة في مهرجان دولية (كان، البندقية، برلين) كما حدث مع السينما الإيرانية نموذجا، نقول حينها إننا حققنا شيئا نفتخر به.