في ظرف عشرة أيام أعلنت الإدارة العامة للأمن الوطني عن وفاة أربعة مواطنين خلال مدة الحراسة النظرية بعد أن اعتقلوا في ظروف مختلفة بتهم مختلفة. وكالة المغرب العربي للأنباء منذ الأسبوع الأخير من أبريل توصلت بأربعة بلاغات: – البلاغ الأول يوم الأحد 24 أبريل ويتحدث عن اكتشاف جثة شخص بالغرفة الأمنية التابعة لمنطقة أمن أنفا تم اعتقاله قبل يومين ووضع رهن الحراسة النظرية وكان في حالة سكر متقدمة بالشارع العام. – البلاغ الثاني صدر بتاريخ 28 أبريل حيث أفادت ولاية أمن وجدة بأن شخصا كان موضوع تحت المراقبة الطبية بمستشفى الفرابي بوجدة توفي متأثرا بمضاعفات الجروح التي تسبب فيها عمدا أثناء توقيفه بمفوضية الشرطة بالعيون الشرقية من أجل تعاطي المخدرات، وكان المتهم قد أوقف في الشارع العام وهو في حالة تخدير متقدم وعرض نفسه لإيذاء عمدي أثناء الاستعداد لوضعه رهن الحراسة النظرية بعدما ضرب رأسه مع القضبان الحديدية الخاصة بالغرفة الأمنيو ما استدعى نقله إلى المستشفى حيث لفظ أنفاسه. – البلاغ الثالث نشرته الوكالة يوم السبت الماضي 2 ماي تخبرنا أن الشرطة القضائية لفاس فتحت تحقيقا حول قيام شخص بالانتحار داخل الغرفة الأمنية للمحكمة الابتدائية بالمدينة. وقال البلاغ إن المتدهم تم تقديمه أمام النيابة العامة بتهمة العنف ضد الأصول واستهلاك المخدرات وحيازة السلاح الأبيض قبل أن يضع حدا لحياته شنقا بمرحاض الغرفة الأمنية حيث وافته المنية فور استقباله بقسم المستعجلات بالمستشفى. – أما البلاغ الرابع فهو الذي نشر يوم الثلاثاء 3 ماي ويتحدث عن شخص في الخمسين من العمر وضع رهن الحراسة النظرية بمراكش من أجل قضية تتعلق بهتك عرض قاصر نقل على متن سيارة إسعاف إلى المستشفى لتلقي العلاج نتيجة عارض صحي في الرابعة من صباح أمس وتلقى العلاجات الضرورية ثم أعيد إلى مقر الأمن لكنه أصيب مرة أخرى في الثامنة صباحا بوعكة جديدة نقل على إثرها إلى المستشفى حيث توفي. جميع هذه البلاغات تنتهي بنفس العبارة «وقد تم وضع جثة الهالك بمستودع الأموات رهن التشريح الطبي لتحديد أسباب الوفاة، فيما تم فتح بحث في الموضوع من طرف المصلحة الولائية للشرطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة المختصة». حسب البلاغات الأربعة فإن هذه الوفيات حسب المعطيات الأولية نجمت إما عن وعكة صحية كما هو الشأن بالنسبة للمعتقل بمراكش أو بسبب ضرب المتهم رأسه مع القضبان في حالة المعتقل بالعيون الشرقية أو بسبب الانتحار كما وقع في فاس أو لأسباب غير مذكورة كما هو الشأن في الدارالبيضاء. ما أثارني في هذه الأحداث هو تقاربها في الزمن ووقوعها بمعدل حالة كل يومين (تقريبا)، فمثل هذه الحالات قد تقع بين الفينة والأخرى بحيث أن عددا من المعتقلين أو السجناء توافيهم المنية، لكن ما يجعل الموضوع ذا اهتمام بالغ هو أنها تقع تحت مسؤولية الدولة إذ أن السجين يكون إما في عهدة الأمن أو في عهدة مندوبية السجون، وهي وفيات تكون في الغالب طبيعية، مع بعض الاستثناءات، لاسيما بعد الأبحاث القضائية التي تقوم بها الجهات المختصة، ولا يمكن بأي حال توجيه اتهام لأي جهة إلا بعد أن يصدر تقرير التشريح الطبي والبحث القضائي. ومعلوم أن حالة مماثلة وقعت في نهاية غشت من السنة الماضية بالدارالبيضاء فكان البلاغ الأول الذي صدر عن الأمن هو أن المتهم ضرب رأسه بالقضبان، قبل أن يعلن البحث القضائي عن تعرض المتهم للعنف وتوجيه التهمة لرجل أمن. لكن ثمة نقطتين أساسيتين يجب التأكيد عليهما في كل هذه الوقائع وهي أهمية التواصل بإعلان الوفاة كما دأبت على ذلك إدارة الأمن، والثانية هي إعلان نتائج التحقيق بالسرعة المطلوبة، كما حدث بالنسبة للشخص الذي توفي بكلميم، حيث تم الإعلان بسرعة عن نتائج التشريح وأسباب الوفاة. ولا يمكن بأية حال إنكار أن التحقيقات في مثل هذه الأحداث التي وقعت على امتداد السنة ومنذ تولي عبد اللطيف الحموشي قيادة الأمن، تتم بشكل موضوعي ولا يقع أي تستر على المتهمين، في حال كانت الوفاة ناتجة عن العنف، وهو حزم يجب أن يستمر إذ من شأنه إقرار العدالة ومعاقبة المتورطين كيفما كانت رتبهم. وهي الرسالة التي سبق للمدير العام للأمن الوطني أن بلغها لكافة العاملين بالجهاز. لكن مع ذلك يجب اتخاذ احتياطات جديدة في حالة الوفيات التي تقع بشكل مفاجئ أو بسبب إقدام المتهمين على الانتحار، وهي إجراءات وقائية من شأنها أن تزيد من درجة الضبط داخل غرف الحراسة النظرية، ومن شأنها أن تقلص منها قدر الإمكان لتتمكن من إنقاذ المعنيين بالأمر، والموت في آخر المطاف بيد الله.