في التفاتة رائعة، تحركت قوافل مجموعة من طلبة المعاهد والكليات بمراكش، تجاه بيوت المعوزين وفقراء المدينة، فحطت الرحال محملة ببعض ما تيسر من مؤن وأغدية تحت راية «جمعية بهجة». شباب في عمر الزهور، آمنوا بنبل الرسالة العلمية والأدبية، فالتفوا حول مشروع خيري اختاروا له اسما منحوتا من عمق التربة المراكشية «بهجة». بعيدا عن مظاهر العنف والتعنيف التي أصبحت ماركة مسجلة لقبيلة الطلبة الجامعيين، خرجت المجموعة بالأفعال لا بالأقوال، لتؤكد أن الحرم الجامعي ليس ما ترسمه مجموعات العنف والتعنيف، وأنه لازال في كلياتنا وجامعاتنا شيء يستحق الانتباه. مجموعة شابة تعاهدت فيما بينها على رسم البسمة فوق شفاه الأسر الفقيرة، فاعتمدت على أموالها الخاصة رغم قلتها لتؤسس جمعية للأعمال الإنسانية من أجل غد أفضل. على بركة الله، انطلق العمل من مقر الجمعية بكلية الطب والصيدلة بمراكش، وبدأت أنوار خيرها تشع على المحيط الاجتماعي لتكبر الطموحات وتتسع القاعدة بانضمام مجموعات جديدة من طلبة باقي المعاهد والكليات سواء من داخل الوطن أو خارجه، بعد أن استشعر الجميع نبل الرسالة وأهمية المشروع. نجحت الفكرة وتمكنت المجموعة خلال رمضان المنصرم في توزيع 18100 وجبة إفطار لفائدة بسطاء القوم ومعوزي المدينة، ما جعل التفكير ينصب على الرفع من منسوب هذه المجهودات، ومن ثمة رسم هدف مضاعفة الكمية خلال رمضان الجاري، حيث يعمل الطلبة المعنيون على تجاوز عتبة ال30000 وجبة إفطار، مسترشدين في ذلك بقوائم دقيقة عن الأسر المستهدفة بهذا العمل الخيري وكذا طبيعة الحاجيات ونوعيتها. تنطلق العملية مع الساعات الأولى من كل صباح، بالاتصالات والإجراءات الخاصة بالتموين والتمويل، ويلتئم العشية حوالي 50 طالبا وطالبة لإعداد المواد داخل العلب استعدادا لتوجيهها صوب أصحاب الحاجة من فقراء ومساكين مصداقا لقوله تعالى «إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها». وابتداءمن الساعة السادسة تشرع قوافل السيارات الخاصة للطالبات والطلبة من أعضاء الجمعية في مغادرة كلية الطب، محملة ببعض ما تيسر من وجبات تجاه شوارع وفضاءات المدينة، لتمكين المحتاجين من علب الإفطار، حيث يتم تنسيق العملية عبر مجموعة من الفرق التي تزور مختلف أحياء مدينة مراكش. العملية تشمل كذلك قفة العيد، حيث تم توزيع 615 قفة خلال السنة الماضية، والأمل معقود على أن يتم تجاوز هذا العدد خلال هذه السنة. ولأن عمل الخير أصبح متأصلا في قلوب هذه النخبة من طلبة المعاهد والكليات بعد أن أدركوا أهمية الدور الاجتماعي الذي نذروا أنفسهم له، فقد قرروا توسيع «بهجة» عملهم لتغطي أهم المناسبات والأعياد، فابتهلوا فرصة عيد الأضحى خلال السنة المنصرمة لإسباغ سربال تضامنهم على بعض الأسر المستضعفة، التي تعيش حيرة من أمرها في توفير أضحية العيد، ومن ثمة المسارعة لإخراجها من دائرة الحرج، ومنحها خروفا حيث بلغ عدد الأسر المستفيدة من هذا الكرم الطلابي 66 أسرة بالتمام والكمال، دون احتساب، طبعا، تسيير قافلتين طبيتين لمناطق وتجمعات نائية، تم الكشف خلالها على أزيد من 1500 مواطنة ومواطن، مع تعزيز هذه المبادرة بإبرام اتفاقية شراكة مع جمعية أمل مراكش لمساعدة مرضى القصور الكلوي في إطار برنامج مستقبلي يهدف توسيع خريطة الخدمات وقاعدة المستفيدين، لا يبتغون من وراء دلك سوى «زرع بذور المحبة والتضحية والتراحم بين كل المستويات والطبقات الاجتماعية». إسماعيل احريملة