خلق الإطار الفوسفاطي المتقاعد عبد المولى الشاي الحدث التربوي بمدينة اليوسفية بحصوله على شهادة البكالوريا في شعبة العلوم الإنسانية بميزة مستحسن. عبد المولى البالغ من العمر اثنتين وخمسين سنة, وبعد مسار مهني قارب ثلاثة عقود بإدارة المكتب الشريف للفوسفاط, وجد نفسه عرضة للفراغ, وشعر أن حياته انتهت , ما اضطره إلى اللجوء إلى مقهى الإخوان لرتق الوقت وتمضيته, دون أن يدري أن القدر سيقوده هناك إلى تحقيق أمنية العمر التي لازمه طيفها منذ اضطر إلى إنهاء مساره الدراسي والالتحاق بالعمل وهو مايزال يتابع دراسته بالسلك الثانوي التأهيلي, يقول عبد المولى:"بمقهى الإخوان تعاملت عن قرب واحتككت بمجموعة من رجال تعليم ذوي تخصصات مختلفة, فراودتني فكرة التتلمذ على أيديهم واتخاذ المقهى فصلا دراسيا لتلقي الدروس والتوجيهات من الأساتذة رواد المقهى, فطرحت الفكرة عليهم, ووجدت منهم ترحيبا وتشجيعا كبيرين, وانخرطوا في توجيهي ودعمي ومدي بالمعلومات الأساسية المرتبطة بهذه المادة أو تلك, بطرق مختلفة اتخذت في بعض الأحيان صيغة دردشة عامة بسطت لي كثيرا بعض المفاهيم التي كانت تبدو لي ضربا من الغموض المستعصي على الفهم". عبد المولى الشاي الذي تقاعد وظيفيا, وولد من جديد تربويا عبر رغبته الجامحة في الذهاب بعيدا في دراسته الجامعية, قائلا:" سأكون طالبا مواظبا في شعبة علم الاجتماع التي أسعى من خلالها إلى خدمة مدينتي, تحدوني رغبة ملحة في إنجاز أبحاث ودراسات تخص تناقضاتها الاجتماعية, وأحتاج إلى الإطار النظري والعدة المعرفية التي من شأنها أن تساعدني على ذلك, وأعتقد أنني سأجدها في هذا التخصص...عشت لنفسي ولأسرتي وعائلتي طيلة عقود, وبعدما بلغت شاطئ الأمان, وأمنت مستقبلي, آن الأوان لأعيش لوطني, ولأجعل المعرفة ونهلها هدفي ومبتغاي". بدورهم بدت علامات الانشراح بادية على محيا "مدرسي" عبد المولى الذين عبروا عن سعادتهم بالإنجاز الذي حققه صديقهم, وأثنوا على جديته وطموحه، آملين أن يكون عبد المولى نموذجا حيا يسير على منواله الكثير ممن يمتلكون قدرات تعلمية ويحتاجون فقط للقدوة والمثال ليسلكوا مسار العلم والتعلم.