نجح الحراك في الريف في تنزيل المطالب التي نادت بها الجماهير ، و خضعت الدولة لتلك الحناجر التي احتجت واستنكرت وطالبت … بل و تم إيفاد وفد وزاري خاص من أجل الاستماع لأنين المستضعفين من أهل الحسيمة و ما جاورها من المناطق التي ثارت في وجه التهميش ، فجيء بملايير الدراهم و تم تنزيل مشاريع في لمح البصر ، هذه إذن أبرز الخلاصات التي استنتجها المغاربة من أقصى إلى أقصى ، نعم ، لتنال حقوقك كاملة لابد من " الثورة " ، الدولة تلزم المغاربة بأن يخرجوا إلى الشارع و يحتجوا و يسخطوا ووو ، هو شرط أساسي لا محيد عنه من أجل الاستجابة للمطالب العادلة و المشروعة في الصحة والتعليم و الرياضة و قل ما شئت .. إن اختيار الدولة أول الأمر لخيار التصعيد والعنف كان خيارا خاطئا مائة بالمائة ، قبل ان تجد هذه الدولة نفسها مرغمة أمام صمود أهل الريف إلى الخنوع لمطالب رفعت بشكل سلمي ، لكن كيف ستتعامل اليوم مع حركات احتجاجية أخرى من قبيل حراك أهل الريف ، كيف ستتصرف و قد شمر الخريبكيون و سواسة و سكان القنيطرة … على سواعدهم ملوحين بقادم نضالي ترفع خلاله نفس مطالب الحسيمة ؟ إن أسهل طريق لتجنب مزيد من الاصطدامات مع الشارع لن يكون عبر العنف و القمع ، فالحل الوحيد أعتقد ،هو محاسبة ومعاقبة المتسببين في هذه الثورات الداخلية ، من كبار المسؤولين الذين نهبوا خيرات البلاد بلا رحمة أو شفقة ، ومن ثمة العمل على امتصاص غضب الشارع ، عبر سلك خطة معقولة ترمي إلى تحقيق تنمية شاملة في المدن كما في القرى على حد سواء ، حسب درجة الحاجة و الضرر، مع التركيز أكثر على الهوامش الأكثر تضررا من مدن المحور .