هل فعلا نحن معشر النساء نشعر بالانتماء لهذا اليوم (8 مارس)، أم هو عادة مكتسبة كباقي العادات التي اكتسبناها إما من خلال انفتاحنا على الجهة الشمالية، أو العالم الجديد؟ في تقديري، أرى أن أغلب نسائنا لا يعنيهن هذا اليوم بقدر رغبتهن في اقتناص لحظات الاهتمام والتفرد، ولو ليوم واحد من بين 365 يوم في السنة. المثير للشفقة والحزن في الآن ذاته، أن كل احتفالاتنا هي مستوردة ككل شيء في حياتنا، حتى الأعياد لم نستطع تطويقها بثقافتنا، والاحتفال بها حسب مستوى تقدمنا وما حققناه من مكتسبات على مدى 60 سنة من الاستقلال للآن. لا أريد أن أقول أن تطلعاتنا نحن النساء تافهة كأحلامنا، لأنني أعلم الحياة اليومية الجافة للمرأة المغربية مهما كان مستواها المعرفي والمهني، حتى أصبح هاجسها استجداء الاهتمام من زملائها في العمل أو من إخوانها في البيت أو من زوجها أو حبيبها وحتى من عيون المارة... الأعياد تفرض علينا، فنقتنص الحدث بدون تفاصيله، في هذا العيد "المجيد" الذي كان محطة غيرت مسار حياة المرأة الأمريكية، خرجت الأمريكيات يوم 8 مارس سنة 1908، في مسيرات أطلق عليها مسيرة "الخبز والورد"، للمطالبة بتقليص ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع والانتخاب، حيث شكلت مظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولاياتالمتحدة، خصوصا بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف. بين هذه المطالب ومطالبنا مسافة كتلك الفاصلة بين السماء والأرض، فالأمريكيات طالبن بالحق في الحياة -وأؤكد على الحق في الحياة- والمرأة في مجتمعنا تطالب بوردة أو هدية من الذهب، ويصل الأمر في بعض الأحيان، إلى المطالبة بدرهمين من "الحرشة...". للأسف تحول هذا اليوم إلى يوم للمنافسة على المقدار الصوري لاحترام وحب وتقدير النساء، فتجد المؤسسات والإدارات تقدم الورود والهدايا للنساء العاملات بها، وتنظيم احتفالات، وتكريم بعضهن، وطبعا هناك مؤسسات لم تصلها ثقافة صرف بعض الأموال للاحتفال بالعاملات بها، فتجد العاملات بهذه المؤسسات مع كل صورة تضعها زميلاتهن في مؤسسات أخرى على صفحاتهن على المواقع الاجتماعية ينتحبن في صمت أو يعبرن عن احتجاجهن بطريقة ممزوجة بالمرح والحسرة والقهر... فيتحول هذا اليوم من يوم للاعتراف بحقوق المرأة إلى يوم يكشف اللامساواة والطبقية... الغريب أنه لا يتعامل مع المرأة كامرأة بل كشيء، فبائع الورد ينظر إلى اليوم العالمي للمرأة أنها فرصة لبيع وروده، والمؤسسات تعتبر هذا اليوم فرصة لإبراز أنها تحترم المرأة وتؤمن بحقوقها، الحكومة... أعفي نفسي من الحديث عن الحكومة التي ترأس وزارة المرأة امرأة ولم تفكر حتى في التفاتة بسيطة لهذا الكائن الذي لو لم يكن موجودا لما كانت تحمل هي حقيبة وزارية، ولو بعرض منجزاتها التي لم تحرك عرش "شنيولة...". هل فعلا نحتاج ليوم يذكرنا بمأساتنا أننا نساء في مجتمع لا يعترف بحقوق المرأة، بالرغم من أن الدين الرسمي للمملكة يعترف بالحقوق الكاملة للمرأة كإنسان كامل الأهلية؟ هل من الضروري أن ننتظر يوما في السنة لنكون مميزات؟!! لماذا نساهم في مسرحية لا تحدث تغييرا سوى رفعُ سعر الورد والشوكلاطة؟!