دواءٌ لِلْخَرَفِ، ولِلنسيانِ أيضاً… بقلم // زكية حادوش جاء في خبر أوردته "بي بي سي" يوم الخميس أن العلماء متفائلون بشأن "دواء الدماغ، وأنهم يأملون في التوصل أخيرا إلى علاج لإيقاف تطور أمراض الدماغ من قبيل خرف الشيخوخة، الزهايمر، باركنسون وهنتينتون… سنة 2013، تمكن علماء من مجلس البحث الطبي البريطاني من إيقاف موت الخلايا الدماغية، لأول مرة في تاريخ البشرية، لدى حيوان (دون تحديد فصيلته لكن الأرجح أنه كان قردا)، محتلين بذلك عناوين الأخبار. لكن تبين أن الدواء المكتشف آنذاك لم يكن صالحا للبشر نظرا لآثاره الجانبية الضارة على بعض الأعضاء الحيوية للإنسان. اليوم، كشفت أبحاث الباحثين الإنجليز على أن دواءين موجودين في السوق قادران على وقف زحف أمراض الدماغ المدمرة للخلايا. وهم ينتظرون بفارغ الصبر القيام بالتجارب الاكلينيكية على المصابين بخرف الشيخوخة في أقرب وقت. لأن هذه النوع من الدراسات غالبا ما يستغرق من عامين إلى ثلاث سنوات قبل التوصل إلى نتائج موثوقة والترخيص بتداول الدواء. كما أن التجارب في بعض الحالات تجري على مرضى ينتمون إلى دول أخرى، دول نامية ليس لمواطنيها من بديل آخر غير بيع أجسادهم لشتى التجارب، أو دول تكون قوانينها متساهلة جدا مع الشركات المتعددة الجنسيات لصناعة الأدوية. المهم أن العلماء متفائلون بقدرة هذين الدواءين ليس على علاج "الزهايمر" مثلا ولكن على إيقاف تفاقمه بحيث يصبح داءً يمكن التعايش معه. فلحد الساعة لم يتوصل أي بحث علمي إلى علاج سحري يعيد الخلايا الدماغية البشرية إلى الحياة بعد موتها. والأهم أن هذين الدواءين متوفران في الصيدليات، إذ يستعمل الأول (ولن أذكر أي اسم حتى لا أقوم بالدعاية المجانية لهما!) في علاج الاكتئاب، والثاني في حالة بعض مرضى السرطان. لا أدري لماذا أشعر بغصة رغم اغتباط العلماء بهذا الاكتشاف الباهر الذي سيخفف من معاناة مرضى كثيرين عبر العالم. ربما أحس، ولست الوحيدة، بأن في مجالات الصحة العقلية وضمان حياة لائقة للعجائز، باختصار في مجال ضروريات الحياة، يتقدم البحث العلمي ببطء شديد إلى درجة أن بعض الأمراض التي قضت وما زالت تقضي على حياة ملايين البشر تسمى أمراضا "يتيمة" لأن البحث عن علاج لها لا يشكل أولوية بالنسبة لآلة صناعة الأدوية، أو لأنها إن ظلت أمراضا تشكل نسبة هائلة من الأرباح في السوق العالمية. في حين يجري البحث الطبي جري الوحوش في مجالات أخرى تتعلق بالحاجات المصطنعة من قبيل نفخ العجز وزرع الشعر وأشياء أخرى لا داعي لذكرها… هي غصة ناجمة عن الإحساس بالغبن لأن العلماء على الصعيد العالمي يشتغلون تحت وصاية "موالين الشكارة"، وكل شيء موجه، من خلق حاجيات مصطنعة إلى "ابتكار أمراض" وتجاهل أخرى، ومن استعمال بشر "الدرجة الثانية" كفئران تجارب إلى تهجير أدمغتنا، سواء إلى فضائيات ووسائل اتصال استلابية، أو بتسخير أفضل أدمغتنا لخدمة مصلحتهم… بتواطؤ صريح أو مضمر من أدمغتنا الضعيفة والمريضة المتحكمة. ومع ذلك، فأنا متفائلة لأن تلك العقاقير قد تكون صالحة لها!