تتوالى الأحداث في التناسل وفي انتظار ردة فعل من حكومة قائمة الذات انتُخِبت فرُشحت ففازت، وعُدِّلت وبعد وقت أكملت النصاب، وخُطَّت الأسماء، وفُرقت الحقائب، وانتظر الجميع لحظة ما بعد التأجيل والانتظار.. لا شيء تغير اللهم من وجوه اعتلت مناصب شكلا لا مضمونا يخرج يعضها في وقت الخروج ليدون عبر حسابها الفايسبوكي انتقادا وكأنه غير معني بما حدث وكأنه ينتظر من حكومة أخرى أن تقوم محله باتخاذ القرار . حتى بلاغاتهم وخرجاتهم قَلَّت وصمتت ولما فكرت كثيرا وعَدَلت عن الصمت وتكلمت أخطأت أكثر مما أصابت واعتذرت عما سلف وعلقت التهمة على "الحجام" بعد أن طاحت صومعة الطبيب النفسي الصامت المبتسم…تهدئة صورية هي بدلالات الذي "يبرد على قلبه" والماسح "السما بليكا" والمغطي الشمس بالغربال نزلات تفقدية شبيهة بجولات المرشحين المهرِّجة خلال الحملات الانتخابية قوبلت بردة غير متوقعة وخارج حسابات الفرقة الوطنية للمسرح الشعبي في جولتها بمدينة الحسيمة تحت عنوان "ماعندي بو الوقت"، عبارة عفوية لخصت المشهد وكانت دالة في وصف كل ما يحدث. خرجة الريف وكل الخرجات الموازية للحراك أجبرت العالم على تأكيد أن الوقت تغير وأن طرق العلاج البدائية لم تعد تأتي أكلها لا الآن ولا بعد حين، وأن العلاج بالليزر بتكلفته الباهضة وبنتائجه الفعالة بات هو الأنجع، وليس البعث إلى الجانب الآخر من العالم وسط المغرب..في ذلك المكان الموصوم حيث قبع الكثيرون بتهم مختلفة نالت منهم الشيء الكثير وسحبت من حياتهم العادية عمرا من الزمن وأفقدتهم بعده حلاوة الاستمرار في عالم تغير لحظة دخولهم وهم يعلمون أن الخروج أصعب. مشهد رجال الأمن المحاصر للمصطافين بشاطئ الحسيمة تندى له الجبين، وتبكي عليه الدمعات الدم، وتزهق به أرواح الإنسانية المتألمة من فرط سخافة المشهد، تعويم رجال الأمن بدل تعويم الدرهم المؤجل زاد من شرعية النضال وحَقنه بالنصر، وتبَّله بالإعجاب والمشاركة فكان مِلح اليوم ومِلح الأسبوع الذي اخترق نشرات الوطن وطبع على الصفحات العالمية. قُتل محسن وفكري توقف عن التفكير قبل أن تمسح عليه كف مسيرة الشموع وتشعل قنديل الأمل في نفوس طمست لزمن وجاءها الخلاص الصاعد من القعر الخام معلنا ميلاد ناصر وزفزفة جيل جديد تجرد من بعض المرجعيات والخلفيات وصاح بمطالب مشروعة بصم عليها بالعشرة، فرافقه المرتضى وسيليا وآخرون ممن لا أقلام بأسمائهم خطت، ولا بصفاتهم تدوينات همست وما خطر على بالهم ولا بال أقاربهم أن يخونهم الوطن. الضرب والتنكيل وسوريا المغرب في عيد الفطر وبكاء طفل بين حضن والدته وارتجاف عجوز خرج من رمضان فوجد شوال ابتدأ مبكرا قبل حتى الإعلان عن عيد الفطر فذاق من طعم الأداة غير المفطرة طيلة رمضان، وتوج بجوائز الصائم الصابر في صبيحة عيد خالف فيه أعراف الأعياد..انتهى العيد ولم تنتهي المأساة بل تعززت في كل وقفة تضامنية نقلت بعض مشاهد الإرغام والدعوة للانسحاب، ووسط كل هذا تأتيك صورة ذلك الفتى الوسيط وقد أهينت وسط جموع أبت أن تبتعد، فكان كبش فداء الأمسية الذي رفست فيه الأقدام، وركلت بأضلعه رغبات الانتقام وبترت منه عدسته المتوقفة من هول ما حدث. توالت النكبات وتوالت معها الانتصارات فبالمشهد وثقت التحركات وإن دلت على شيء فالسلمية والرقي وأساليب الاحتجاج الإبداعية التي تقعد الأناة المتكبرة وتسحبها نحو الخلف وتعلمها أبجديات التواصل والجهر بأنظف الطرق، فحتى وإن دُسَّ بهم في براثين المجهول، فقد ارتفعت بهم الهمم، وحتى إن أظهر الشريط المتعمد لا المسرب جسدا، فإنه عرى الغباء وحجب عفة رجال كشفوا لنا أعداء الوطن. حراك ابتدأ بالموت وأَفُل بالموت فهل هو الريف السخيف أم المخيف؟