يعرض ببلادنا حاليا الجزء الخامس من سلسلة الخيال العلمي السينمائية "المتحولون" التي تحمل هذه المرة عنوان "الفارس الأخير" التي قام بإخراجها الممثل والمنتج الأمريكي "مايكل باي" المنعوت برائد سينما الفوضى، وشارك فيه الممثل البريطاني المقتدر أنطوني هوبكينز إلى جانب مواطنه الممثل مارك وولبيرغ الذي قام ببطولته في دور "كيد". تجدر الإشارة إلى أن الجزء الرابع من هذه السلسلة كان قد حقق سنة 2014 أعلى الإيرادات المالية في مختلف أنحاء العالم. انطلقت أولى حلقاتها سنة 2007 وقام بإخراجها كلها نفس المخرج، وهي مقتبسة عن مجموعة من لعب الأطفال المتطورة تكنولوجيا التي تنتجها شركة "هاسبرو". تستغرق مدة الحلقة الجديدة 144 دقيقة وتنطلق من نهاية الحلقة السابقة، ويقوم فيها الضابط إدوارد بنتون (النجم البريطاني آنثوني هوبكنز) المكلف بحراسة تاريخ مخلوقات آلية من فصيلة المتحولين ويشرح أنها نزلت إلى الأرض منذ أيام الملك آرثر وظهرت أيضا في عهد الدكتاتور هتلر خلال الحرب العالمية الثانية، كما يقوم فيه بتحفيز البطل "كيد" الذي نعته بالفارس الخير ورفيقته البروفيسورة "فيفيان" (لورا هادوك) المنتمية لجامعة أكسفورد على ضرورة إنقاذ الكرة الأرضية والعالم من هذه الكائنات الشريرة المدمرة. وظفت في هذا الفيلم كائنات آلية متحولة وناطقة من مختلف الأنواع والأشكال و الأحجام، وأصبح البعض منها أليفا يعيش في تفاهم تام مع الكائنات البشرية كأنها حيوانات أليفة، بل إن البطل "كيد" يقوم بحمايتها ويدافع عنها مثل ما يقوم به الضابط إدوارد بنتون أيضا، وهما معا يحاولان إقناع القوات العسكرية الأمريكية التي تريد تدميرها كليا بأن هذه الكائنات الآلية التي أتت من كوكب آخر ليست كلها شريرة، ولا ينبغي القضاء عليها. سيتم التعاون مع هذه الكائنات الآلية المتحولة الأليفة في مهمة حماية الكون من الكائنات المتحولة الشريرة التي توجد في كوكب آخر يسمى "سيبيرترون" والذي قرر رئيسهم الشرير أن ينتقم من خصومه وأن يعيد لكوكبه الحياة، ولكن ذلك يتطلب منه إرسال أشرار مقاتلين إلى الكرة الأرضية للعثور على العصا السحرية. تنطلق المواجهات بين الكائنات البشرية اللحمية والآلية المعدنية، وتتصاعد درجة حدتها تدريجيا مخلفة دمارا مهولا وأجسادا بشرية متطايرة، وهياكل فولاذية مهشمة في فضاءات مرعبة وأجواء نيرانية جهنمية باستعمال مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة المتطورة، ويصبح الفيلم عبارة عن فر وكر وهرج ومرج وعنف وصخب لا تستحمله الأذن ولا العين بفعل المؤثرات الخاصة والمكثفة الموظفة فيه. الفيلم صاخب ومشحون بالحركة والعنف الشديد والمطاردات في البحر والبر والسماء بدون أية متعة، وهو مشحون أيضا بالإصطدامات القوية التي تجعل المشاهد يشعر بنفسه كأنه في معمل ضخم لصنع الحديد يشم فيه رائحة الشرار الأحمر المتطاير في الهواء. القصة بسيطة بمضمونها، تتوالى تطوراتها بكيفية كلاسيكية كما هو مألوف في هذا النوع من الأفلام التي تتناوب فيها لحظات الصخب ولحظات الهدوء بكيفية منتظمة ميكانيكية، وبالرغم من كثرة الكلام فإن الأحداث تتوالى بإيقاع سريع وبحدة كبيرة مصحوبة بأصوات وموسيقى صاخبة. الفيلم متقن من ناحية التصوير والإخراج، كما بدل فيه مجهود كبير في تخيل وابتكار كل هذه الأجواء والملابس والإكسسوارات ونوعية المخلوقات و الأسلحة والطائرات المتنوعة والسيارات التي تتحول إلى كائنات آلية مثل ما كان عليه الأمر في فيلم "ماد ماكس". يوجد من يعشق هذا النوع من الأفلام التجارية التي تسليه وتهيج عواطفه وأعصابه، ويوجد أيضا من يكرهها ولا يستحمل متابعتها لأنها تافهة وغير ممتعة فنيا إضافة إلى كونها لا تخلو من مبالغة وتساهل كي لا يقتل فيها البطل مهما كانت قوة خصومه ومهما كان عددهم. حاول المخرج القيام في هذه الحلقة الجديدة بعملية التجديد على مستوى التشخيص، وبالرغم من تواجد أنطوني هوبكينز فإن الفيلم لم يحقق النجاح التجاري المأمول بسبب غياب رؤية إخراجية فنية وبسب هشاشة السيناريو والمراهنة على الحركة والصخب المؤثرات السمعية البصرية في محاولة لإبهار المشاهد خصوصا إذا ما شوهد في قاعات يتوفر فيها نظام "إي ماكس 3 أبعاد"، وقد برر المخرج ذلك بقوله إنه يصنع أفلامه لتسلية الأطفال والمراهقين، وهي في الحقيقة تسلية عنيفة لا تليق بالأطفال إطلاقا من الناحية التربوية. الفيلم صعب الفهم حتى على المشاهدين الكبار، إذ يتطلب من المشاهد تركيزا وإنصاتا للربط بين الأحداث والتعرف على الشخصيات، وربما قد يفهمه المشاهدون الذين شاهدوا الحلقات الماضية من هذه السلسلة، وقد صرح الممثل المقتدر طوم هوبكينز نفسه بأنه لم يفهم القصة، واكتفى فقط بحفظ الحوارات المسندة إليه. بقلم // عمر بلخمار للتواصل مع الكاتب: [email protected] فيلم المتحوّلون الفارس الأخير: عنف وفر وكر وهرج ومرج.. بقلم // عمر بلخمار