*** جلالة الملك يقود جهود الانتقال بالمغرب إلى مصاف الاقتصاديات الصاعدة وينصف الأحزاب والنقابات والحكومات السابقة المتأمل في بنية ولغة الخطب الملكية بمناسبة عيد العرش أو بمناسبة ثورة الملك والشعب سيتوقف لا محالة عند البعد الاستشرافي المتميز وأسلوب التوجيه والحكامة المباشرة والواضحة التي تتأسس عليها أغراض وأهداف التواصل الملكي مع الشعب المغربي في ظل التحولات الكبرى التي يعيشها المغرب وعلاقتها بمحيطها الاقليمي والجهوي. خطاب العرش في 30 يوليوز الماضي تميز بنوع من الجرأة غير المعهودة في معالجة القضايا الداخلية و خاصة الاشكالات ذات الصلة باستفادة المغاربة من التوزيع العادل للثروات الوطنية خلال السنوات الأخيرة و إستمرار الفوارق الطبقية بين شرائح و مناطق الوطن الواحد. خطاب ثورة الملك و الشعب لم يحد بدوره عن منهجية المباشرة في التعرض للاشكالات الكبرى للمملكة وإن أفرد حيزا أكثر أهمية للشق الاقتصادي بعد أن كان مجال التوزيع العادل للثروات الوطنية الشعار الأساس لخطاب العرش. منذ الخطاب الملكي أمام البرلمان في أكتوبر الماضي إختار جلالة الملك سياق المكاشفة والصراحة بدءا من تحديات ملف الوحدة الترابية للمملكة والاكراهات التي تنتظره ومرورا باشكالية التنمية البشرية وعثرات التوزيع العادل والمنصف للثروات على المغاربة بمختلف جهات المملكة. ذات النفس التقييمي والقيادي المتبصر والمتمرس والاستشرافي سيجد في الوضع الاقتصادي للمملكة الخيط الرابط في خطاب تخليد ثورة الملك والشعب. جلالة الملك افرد في خطابه الأخير والذي استغرق حوالي 15 دقيقة للجانب الاقتصادي حيزا هاما خلال حديثه عن علاقات المغرب مع باقي الدول، حيث أشار الى ان هذه العلاقات تشمل دول الخليج وروسيا والصين وإفريقيا وأكد على هذا التنوع الذي من شانه ان يسم هذه العلاقات بالكثير من التحرر والانعتاق من تبعية بعض الدول والمنظمات في إشارة منه الى المشاكل التي يعيشها المغرب في علاقته مع الاتحاد الأوربي بخصوص الشروط المجحفة التي يفرضها الاتحاد في موضوع قبوله لصادرات المغرب الفلاحية. الخطاب الملكي وإن إعتبر أن جاذبية الاقتصاد الوطني، تعززت بفضل الجهود المتواصلة، لتحسين مناخ الأعمال، وإحداث أقطاب اقتصادية تنافسية فإنه نبه أيضا الى أن المكاسب والمنجزات التي تم تحقيقها، «لا ينبغي أن تكون دافعا للارتياح الذاتي، بل يجب أن تشكل حافزا قويا على مضاعفة الجهود والتعبئة الدائمة» مبرزا أن « السنوات القادمة ستكون حاسمة لتحصين المكاسب، وتقويم الاختلالات، وتحفيز النمو والاستثمار». وبعد أن شدد جلالة الملك على أن الاقتصاد المغربي إما أن يكون صاعدا، بفضل مؤهلاته، وتضافر جهود مكوناته، وإما أنه سيخلف موعده مع التاريخ، أبرز أن الاقتصاد المغربي يسجل، مع الأسف، تأخرا ملحوظا، بسبب تشتت وضعف النسيج الصناعي، ومنافسة القطاع غير المنظم « مستطردا أن هذا الوضع يتطلب تطوير مجموعات ومقاولات قوية، تعزز مناعة الاقتصاد الوطني، سواء لمواجهة المنافسة الدولية، أو من أجل تطوير شراكات مع المقاولات الصغرى، للنهوض بالتنمية، على المستوى الوطني». جلالة الملك وإن تحاشى الخوض في القضايا المرتبطة بالمشهد السياسي الوطني فإنه عبر عن قناعة مبدئية ذات صلة بنسق استمرارية الجهود الفردية و الجماعية في وصول المملكة الى المرحلة التي تعيشها حاليا في ظل الاستقرار و التحضير للانتقال الى مصاف الدول الصاعدة . جلالة الملك و في رسالة بليغة المحتوى و المضمون أكد أن ما حققه المغرب من تقدم ليس وليد الصدفة . بل هو نتاج رؤية واضحة و إستراتيجيات مضبوطة و جهود و تضحيات جميع المغاربة مشيدا بروح الوطنية الصادقة و المسؤولية العالية التي أبانت عنها الحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن العام و مشيدا بها , و موجها تقديرا خاصا للأحزاب السياسية و النقابات الجادة وبرصيدها النضالي ووطنيتها الصادقة و مواطنتها المسؤولة في معالجة القضايا الكبرى للأمة.