اعترض حزب العدالة والتنمية قبل سنوات بحدة شديدة عن سن قانون مكافحة الإرهاب وقاد حركة رفض قوية ضد هذا القانون الذي اعتبر تضييقا كبيرا، وأن البلاد ليست في حاجة إلى قوانين استثنائية، واعتبر في مواقفه آنذاك أن سن ذلك القانون ما هو في الحقيقة إلا إرضاء للغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وجاءت الأحداث الإرهابية بالدار البيضاء لتمثل إكراها لهذا الحزب في هذا الصدد، واضطر للانحناء أمام العاصفة. مرت السنين وتغيرت المعطيات وانتقل حزب العدالة والتنمية من المعارضة إلى الحكم، وتصادف أنه يرأس حكومة ويشغل حقيبة وزارة العدل، وحدث أن الحكومة تحضر مشروع قانون يكمل قانون مكافحة الإرهاب الذي ناهضه حزب العدالة والتنمية ويهم الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية أو الإشادة بها، ويتوعد بعقوبات سجنية ثقيلة جدا. ما الذي تغير؟ قد يكون الجواب أن الذي تغير فعلا أن الإرهاب أخذ مناحي خطيرة جدا، وأنه أضحى يشكل تهديدا حقيقيا للأمن والسلم في العالم، وأن وجود أكثر من 1500 مغربي ضمن مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام يجب أن يواجه بصرامة حقيقية، وأن كل هذا يحتم توفير قانون يسد الثغرة. هذا كلام صحيح، لكنه كان ولايزال وسيظل معروفا. فالإرهاب ملة واحدة، وأن مستنبتات هذا الإرهاب كثيرة ومتعددة، ويجب إبادته في هذه المستنبتات والقضاء على مبيضه، والأكيد أن حزب العدالة والتنمية كان يؤمن بهذا الكلام حينما حضرت حكومة سابقة مشروع قانون مكافحة الإرهاب، لكنه كان بعض من قادته يزايد بالموضوع، ويسعى إلى استمالة مشاعر المواطنين وإظهار السلطات العمومية في صورة المناهضة لحقوق الناس والمهددة لسلامتهم وأمنهم. عشنا حتى رأينا نفس الأشخاص يقدمون مشروع قانون يسد الثغرات التي أغفلها قانون مكافحة الإرهاب استنادا إلى نفس الاعتبارات التي ناهضوها أمس. نحن نعتبر أن هذه القضية لا تحتمل المزايدات، لذلك لن نقبل بأن يرفع أحد ما كان يرفعه بعض من قادة الحزب الأغلبي في فترة سابقة.