لم يحد الموقف الجزائري فيما يتعلق بإطلاق الجيش الجزائري الرصاص الحي على مواطنين مغاربة عن المعتاد، وكان كما توقعته قبل يومين في هذا الركن، حيث ركب المسؤولون الجزائريون رؤوسهم وزادوا الزيت في لهيب هذه الحرب الملتهبة. كان من المفروض أن تبادر السلطات الجزائرية بالإعتذار عما حدث خصوصا وأن إطلاق النار خلف مصابين وكان بالإمكان أيضا القول بأن الأمر يتعلق بحادث معزول، طائش، وكانت حسن النية تفترض أن تسعى السلطات الجزائرية إلى بذل ما يتطلبه الموقف من جهود لاحتواء الحادث. لكن المسؤولين الجزائريين اختاروا ما توقعناه سابقا وقرروا التصعيد في إطار تحدي صارخ. نعم ،نعرف جيدا أن الحادث لم يكن معزولا ولا تصرفا طائشا، ولكن في لغة الديبلوماسية فإن مجرد قول ذلك يكفي لتجاوز الأزمة مهما كانت حدتها لأن ذلك يمكن الطرف الآخر من امتلاك ما يهدئ الرأي العام لديه. المسؤولون الجزائريون أطلقوا العنان لأبواقهم الصدئة في وسائل الإعلام المكت-وب بالخصوص للسب والقذف واستعمال ما ملكت لغتهم من التعابير الحاطة من الكرامة في حق المغرب. وبذلك فإن الحاكمين في الجزائر اختاروا هذه الصيغة للرد العملي على موقف الحكومة المغربية إزاء ما تعرض له المغرب من اعتداء، وإن كان الحماس يجرنا إلى دعوة الحكومة المغربية إلى الرد على الرد وإتخاذ الموقف الذي يلي استدعاء السفير لطلب تفسيرات عما حدث، فإننا نكبح جماح هذا الحماس وندعو إلى ترجيح كفة التعقل، ونحن ندري أن التعقل لا يفيد مع الحمقى.