أسال انسحاب نواب فرق المعارضة من اجتماع لجنة المالية بمجلس النواب الذي عقدته يوم الأربعاء الماضي كثيرا من الحبر وشغل كثيرا من المتحدثين في وسائل إعلام سمعية. يرى المعارضون لانسحاب المعارضة أن نواب الأمة ليسوا موظفين ولا أجراء وبالتالي لم يكن لهم يد في الإضراب عن العمل، وأنه يجب صيانة العمل النيابي الدستوري من مثل هذا السلوك، والحقيقة أن الذين يروجون مثل هذا الكلام، إما أنهم يجهلون حقيقة ما جرى وبالتالي يتحدثون عن جهل وينقلون ما سمعوه أو ما قد يكون طلب منهم قوله. ومثير جدا أن نلاحظ أن بعض الأقلام خطت حروفا سوداء على بياض في هذا الموضوع بأقلام استعملت نفس المداد ومن نفس المحبرة، أم أنهم يعرفون حقيقة ما جرى وهم يتعمدون الافتراء وتضليل الرأي العام، وهذا سلوك خبيث على كل حال. لو كان نواب فرق المعارضة مضربون ما كانوا ليحضروا اجتماع اللجنة، وإن كانوا مضربين عن العمل ما كانوا ليشاركوا في نقاش مسطري في نفس الاجتماع. الموضوع طرح بالصيغة التالية، ففرق الأغلبية - وكان معها حق في ذلك - سعت في هذه المناسبة لتبرز أن الأمور تسير بشكل طبيعي، وأنه لا أثر للإضراب العام على الحياة العامة في البلاد. وأن المؤسسة التشريعية ليست مهتمة بهذا الاضراب. لذلك في رأيها لم يكن هناك أي مبرر لتأجيل اجتماع اللجنة. فرق المعارضة كان لها رأي مخالف، ورأت أن الشغيلة المغربية تخوض في ذلك اليوم إضرابا عاما يشل الحركة في كثيرمن القطاعات، وكان الأجدى بمؤسسة دستورية نيابية تتكون من نواب من يخوضون الإضراب العام أن تعقد سلسلة اجتماعات قبل وأثناء وبعد يوم الإضراب العام لمناقشة دواعي هذا الإضراب العام وتداعياته والحلول الممكنة في إطار أجواء الحوار، وهذا واجب ممثلي الأمة لكن الحكومة مدججة بأغلبيتها رفضت أن تلتفت المؤسسة النيابية لما يجري. وفي ضوء نقاش مسطري استغرق أكثر من ساعة داخل لجنة المالية بمجلس النواب أكد خلاله نواب فرق المعارضة أنه من غير المعقول ولا المقبول ألا تكثرت المؤسسة التشريعية النيابية لما يجري في نفس اليوم ويتعلق باضراب عام، ويدير النواب ظهورهم لما يحدث ويقدموا بذلك إشارة سيئة للرأي العام، وهو ما لم تقبله فرق الأغلبية، وأصرت على رفض طلب التأجيل اعتقادا منها أن فرق المعارضة إنما تمارس المزايدة. لكن فرق المعارضة تشبثت بموقفها وانسحبت من الاجتماع، وواصلت اللجنة اجتماعها بحضور الوزير، وبعد لحظات قررت الأغلبية ووزيرها رفع الجلسة وتأجيل الاجتماع، وهي بذلك توحي بأن التأجيل لم يتم استجابة لفرق المعارضة، بل جاء لقناعة خاصة بها. لذلك نكررها للمرة الألف. النواب لم يضربوا والذي نقل هذا الكلام إما أنه مفتري أو جاهل بالموضوع.