لم يسبق لي أن التقيت السيد الوحداني، ولا أعرفه من قريب، وما أعلمه عن الرجل لا يعدو ما جمعته عنه من أخبار منذ أن أودع السجن عقب أحداث سيدي إيفني الأليمة سنة 2008، وخرج منه ليحمل فوق الأكتاف رئيسا لمجلس مدينة سيدي إيفني عقب انتخابات حصل فيها على الأغلبية المطلقة، لأنه أحسن استثمار رئاسة اللجنة التي دبرت أحداث 2008. وما أعلمه أن الرجل دخل عالم تسيير الشأن العام إلا أنه لم ينجح إلى حد كبير في تطبيق الشعارات التي رفعها وقادته بحكم ثقة الناس فيه إلى منصب رئيس المجلس، وبدأت المصاعب تحيط بالرجل، فانفض من حوله رفاق الأمس الذين انتخبوه في الرئاسة وفقد بذلك الأغلبية النيابية، وتطورت الأمور إلى أن فوجئ في أحد الأيام بقرار إقالته موقع من سلطات الوصاية. إلى هذا الحد تبدو الأمور طبيعية أو لنقل شبه طبيعية، ولا تستحق اهتماما كبيرا، فرجل السياسة معرض للفشل كما أنه مؤهل للنجاح، لكن التطورات الأخيرة المتعلقة بهذا الرجل تفرض أن نولي هذا الموضوع اهتماما خاصا واستثنائيا، فلقد حملت إلينا أخبار صباح أمس تفيد باعتقال الوحداني في مدينة أكادير، والسبب مشاركته في الاحتجاجات الأخيرة التي نظمت بسيدي إيفني. سارعت بالاتصال بمصادر متعددة وتأكد لي أن السيد الوحداني شارك فعلا في وقفة احتجاجية نظمت بتاريخ 6 نوفمبر احتجاجا على غرق شاب أثناء محاولته القيام بالهجرة السرية، وأن هناك شبكة مؤطرة لهذه العملية. ما العيب في ذلك إذا كانت الوقفة الاحتجاجية حقا من حقوق التعبير وأنها بقيت في حدود السلمية؟ لا أستبعد أن الأمر يتعلق بتصفية حسابات ماضية غارقة في الضيق، وهي ليست نافعة على كل حال. نعم، إن القضية خاضعة لمسطرة قانونية، وهناك من الأقلام الخدومة التي ستنبري كالعادة للدفاع عن استقلالية القضاء وهي في الحقيقة تدافع عن عدم استقلاليته تجاه أصحاب الحال، وهذا لا يهمني في شيء، بقدر ما يهمني أن أعبر عن انشغالي باعتقال الوحداني في ظروف محيطة بملابسات وخلفيات.