إذا كانت بناية محكمة الاستئناف بالرباط بملحقة المحكمة الابتدائية بحي السلام بسلا تفتقد أصلا لمقومات المحكمة الوطنية لمكافحة جرائم الإرهاب، من حيث شكلها كبناية على غرار باقي المحاكم التي لا تُشرف القضاة ومساعديهم والسلطة القضائية المرتقبة. أقول إذا كانت بناية محكمة مكافحة الإرهاب الوحيدة بالمملكة قد تم اقتطاع جزء منها من مقر ابتدائية سلا فإنها بالمقابل غير مؤمَّنة، وفق ما تتطلبه الإجراءات الأمنية اللازمة في المحاكم، وبالأحرى في محكمة خاصة بزجر جرائم مكافحة الإرهاب منذ 2003 حينما كان مقرها قرب مسجد السنة بالرباط، حيث توجد اليوم كل من المحكمة الإدارية، والإدارية الاستئنافية، والتجارية. إن تأمين بناية محكمة مكافحة الإرهاب بحي السلام بسلا يوجب أولا فصل الارتباط بين محكمتين تتعايشان بينهما في غياب أية علاقة، اللهم قربهما من المؤسسة السجنية، وثانيا توفير الأمن بمحيط نيابة المحكمة، وثالثا أن مفهوم الأمن يقتضي توفير مكاتب مريحة للقضاة، لأن ما يتوفرون عليه لا يمكن حتى الحديث عنه، وكذا العناية بقاعة الجلسات المفتقدة لجملة من الحاجيات، دون الحديث عن الاهتمام بالعنصر البشري من حيث التكوين والتحفير. المادي والتعويضات، بمن في ذلك رجال الأمن بمختلف تصانيفهم العاملين في هذا المجال، وتوفير سيارة الأمن لنقل المعتقلين، إذ تكون مُعطلة، أو لا تفي بالغرض لكثرة المتهمين، مما يساهم في تأخير مناقشة القضايا والتحكم في سير عمل الهيئة القضائية وباقي مساعدي القضاء. إننا لم نرد أن ندخل في حيثيات افتقار محكمة مكافحة الإرهاب للأمن، لأنه سبق أن أثرنا هذا الموضوع مرارا، إلا أن دار لقمان مازالت على حالها، في ظل مفارقة غريبة وعجيبة، حيث هناك حديث عن رفع حالة التأهب واتخاذ الاحتياطات اللازمة في وقت لا يوجد اهتمام بالمحكمة التي تعرض عليها ملفات جرائم مكافحة الإرهاب على الصعيد الوطني، التي تكون أحيانا محل زيارة وفود قضائية، يا حسرة. إن أصل مثل هذه المشاكل هي سياسة الترقيع التي تتعامل بها الحكومة مع بنايات المحاكم، وإصدار عدد من قوانين، دون التفكير مليا في الإمكانيات المادية والبشرية والتقنية، حيث مثلا أنشأنا محاكم استئناف إدارية وأقسام قضاء الأسرة واقتطعت بنايتها مما هو غير مُخصص لها، أي مما هو قائم يعني الخصاص، وذاك موضوع آخر يحتاج إلى تفصيل أكثر. ملحوظة: يمكن للأجهزة الوصية عن حماية أمن البلاد بمختلف تصانيفها معاينة مجردة لبناية المحكمة، أو القيام بتجربة ميدانية لقياس مدى توفرها على التدابير الأمنية اللازمة، أو رجوعها للأرشيف بشأن التقارير المنجزة، اللهم أشهد فإننا بلغنا.