تعج محاكم المملكة بتورط شبان يافعين في جرائم السرقة والسرقة الموصوفة تحت تهديد حمل السلاح الأبيض، والضرب والجرح، والاتجار في المخدرات، والقتل، والقتل العمد، والهجوم على مسكن الغير، وغيرها من الجنايات والجنح المٌجرَّمة بمقتضى القانون، بما في ذلك متابعة بعضهم بقانون مكافحة الإرهاب، خصوصا ما يتعلق باستقطاب المتطوعين للجهاد والسعي للالتحاق بتنظيم "داعش" وما جاوره من التنظيمات المتطرفة ببؤر التوتر .إنه من المؤسف أن نظل جميعا نتفرج على مثل هذه الأوضاع، حيث إن الحكومة تتملص هي الأخرى من مسؤوليتها وتترك المجال للجانب الزجري، حيث يتكلف القانون الجنائي وقانون مكافحة الإرهاب بالعقوبات الحبسية والسجنية، التي لم تُجد شيئا أمام تفشي الجريمة وارتفاع حالات العود، إذ أن هناك متهمين مقيمين بشكل دائم في المؤسسات السجنية، التي تعاني معضلة الاكتظاظ وتنتج أمام عدة أمراض وعلل، خصوصا في ظل التزايد الملفت لحالات الاعتقال التي لا أحد يريد أن يتحمل مسؤوليته اتجاهها، بمن في ذلك وزير العدل والحريات، باعتباره رئيسا للنيابة العامة والمشرف على السياسية الجنائية الفاشلة .وحتى نبقى في موضوع جرائم الأحداث/ القاصرين فإننا نتساءل عن الاجراءات المتخذة، أو التي ستتخذها الحكومة تجاه هذه الفئة لوقف النزيف، حيث أضحى التلاميذ والشباب اليافع يمتهن الإجرام، دون إغفال الضحايا من نفس الفئات التي تذهب ضحية لهذا الإجرام. في هذا السياق نطرح أسئلة من قبيل: ماذا عملت الحكومة بشأن ما سمي ببرنامج إعادة تأهيل السجناء؟ ولماذا فشل التعليم حتى أضحى بعض أبنائه منحرفين؟ وما هو دور الإعلام العمومي في التوعية والتحسيس بمخاطر الإجرام، لأنه لا يمكن أن نتحدث عن دور الإعلامي التثقيفي في ظل تلفزتين عموميتين لا يستطيع وزير الاتصال الوصي عن القطاع ورئيسه في الحكومة ممارسة اختصاصاتهما الدستورية والقانونية بشأنهما، والإصرار على تمرير مسلسلات هابطة ضد إرادة وزير الاتصال ورئيس الحكومة .إن تركيز النقاش حول علاقة الإعلام، والإعلام العمومي بوجه خاص مدخل أساسي للحد من الجريمة بصفة عامة ومسألة جوهرية وحيوية، لكن السؤال هو متى تمارس الحكومة اختصاصاتها الدستورية كاملة غير منقوصة، وتسمي الأشياء بمسمياتها بعيداً عن لغة الحيوانات والأشباح وعالم الجن .