ما تضمنه تقرير بنك المغرب حول واقع البطالة في المغرب و الذي قدم إحصائيات و نسبا تدعو فعلا إلى القلق ، يكشف عن حقيقة مهمة تهم ثقافة و منهجية الحكومة في تعاطيها مع الإصلاح . ذلك أنها ركزت كل اهتمامها على كل ما يمكن أن يساعدها على إدخار بعض المال و لم تهتم بما يمكن أن يساعد المغاربة على توفير بعض المال أو على الأقل الحصول على بعض منه لمواجهة تكاليف الحياة التي أضحت صعبة . فكرت في إلغاء الدعم على بعض المواد المدعومة من طرف صندوق المقاصة و البقية تأتي ، و ادخرت ملايير من الدراهم ، و فكرت في إنقاذ المكتب الوطني للكهرباء و الماء الشروب فقررت الزيادة في أسعارهما و إدخرت ملايير أخرى من الدراهم ، و فكرت في إصلاح نظام التقاعد و ها هي على وشك تقرير الزيادة في قيمة الإشتراك و تخفيض قيمة الإستفادة المالية مما سيمكنها من توفير ملايير أخرى من الدراهم و غير ذلك كثير ، في حين أهملت الحكومة كل ما من شأنه أن يحقق التوازن في سياستها الإقتصادية و الإجتماعية ، و حينما يعلن بنك المغرب أن معدل البطالة في المغرب إرتفع إلى مستويات عالية غير مسبوقة خلال العشر سنوات الماضية ،و أن الحكومة أحدثت أقل مناصب الشغل لفترة تمتد إلى 14 سنة خلت و أن قطاعات استراتيجية كما الشأن بالنسبة للفلاحة و الصناعة و الخدمات استوعبت أعدادا من الطالبين للشغل أقل بكثير مما اعتادت استيعابه خلال السنين الماضية ، فإن ذلك يعني أن الحكومة لم تهتم بصفة مطلقة بكل ما يرتبط بالشغل ، من حيث الرفع من قيمة الاستثمار العمومي الذي تقلص بنسبة كبيرة جدا و تشجيع الإستثمارات الخاصة و دعم إنشاء المقاولات الصغرى و المتوسطة . إن ذلك يعني أن ملايين من المواطنين قل دخلهم و بالتالي تراجع إستهلاكهم ، إن ذلك يعني تراجعا كبيرا في جودة الحياة . تقول القاعدة الإقتصادية إن زيادة رقم واحد في معدل النمو تعني زيادة مليون منصب شغل ، و هكذا حينما يعلن تقرير بنك المغرب أن نسبة البطالة ارتفعت في المغرب من 9,2 بالمائة إلى 9,9 بالمائة يعني بصفة مباشرة أن هذا حصل نتيجة تراجع مهول في معدلات النمو . طبعا ننتظر من الوزير الرقاص في الحكامة و الشؤون العامة التعليق و التعقيب على تقرير بنك المغرب ، لنعرف نوع السباب الذي سيطال هذه المرة هذه المؤسسة المالية المهمة .