هل كان الفقيد محمد العربي المساري في حاجة ماسة لحضور بعض الوجوه لمراسم جنازته أول أمس بالرباط ممن تغيبوا عن الحضور؟ لا أقصد الأصدقاء المقربين من الفقيد ولا من محبي الرجل ولا ممن قدروا عطاءات الرجل الكثيرة والمتعددة؟ طرحت هذا السؤال على بعض الأصدقاء أثناء مراسم الجنازة، وكان أن رد علي أحدهم بأن محمد العربي المساري لو كان بإمكانه اختيار من يمشي في جنازته لما وقع اختياره على كثير من الذين تغيبوا عن الجنازة، ولأنه يدرك أن حضورهم سيسيء إليه، أو على الأقل، محمد العربي المساري من الأشخاص الذين يحرصون على انتظام جنازاتهم في الصفاء والنبل، لا أن يشارك فيها من قد تنزل عليه لعنة العباد. لست في حاجة لسرد الأسماء، فالآلاف من الذين شاركوا في وداع الفقيد الكبير محمد العربي المساري يحفظون هذه الأسماء عن ظهر قلب، و أجازف بالقول بأن حتى الذين لم يحضروا الجنازة من الذين حالت ظروف موضوعية دون أن تتحقق لهم هذه الرغبة أو حتى من المواطنين العاديين الذين لم يكونوا معنيين بهذا أدركوا قصدي ورسموا صورا لهم في مخيلاتهم، ولعل التفسير المنطقي لهذا العزوف يكمن في أن هذه الكائنات لا علاقة لها بقطاع الإعلام اللهم علاقاتهم بأصحاب الحال الذين أنزلوهم هناك ولا علاقة لهم بالسياسة ولا بالثقافة ولا بالعلاقات العامة، ولذلك فهم ليسوا معنيين بمقاسمة المهنيين أحزانهم ولا معنيين بالتطورات الوازنة التي تهز القطاع لأنهم يدركون جيدا أنهم عابرون ولا يعلمون متى يتغير مزاج الأسياد ليهزوا القلاع للرحيل، ولأنهم طارئون على القطاع كما النخلة التي تغرس كبيرة في شارع يستعد لاستقبال موكب رسمي، ومن حقهم ألا يلقوا النظرة الأخيرة على رجل ناضل ليكونوا هم اليوم في تلك المناصب. صدقوني، محمد العربي المساري صديق عزيز، أعرف نمط تفكيره كما يعرف هو نمط شخصيتي، إنه اليوم سعيد في قبره لأنهم لم يحضروا إلى جنازته.