لا أعتقد أن الرأي العام الوطني يصدق ما أعلنت عنه أحزاب الأغلبية المكونة لحكومة الأستاذ عبدالإلاه بنكيران في شأن التحالفات فيما بينها خلال الإنتخابات الجماعية المقبلة، ومرد ذلك لاعتبارات كثيرة و متعددة. أولا، يدرك الذين اتفقوا على هذا التنسيق، أن التجربة الإنتخابية المغربية لم تصل إلى مستوى النضج الكامل ،الذي يؤهلها إلى إعلان تنسيق مسبق قبل تنظيم الإنتخابات الجماعية، وهم أكثر الناس علما ،أن الإنتخابات الجماعية مختلفة عن الإنتخابات التشريعية، إذ غالبا ما يكون فيها القرار محليا، يتخذ على أساس اعتبارات محلية، ولذلك لا يجد الملاحظ في كثير من الأحيان تفسيرا لبعض التحالفات الحزبية، من ذلك أن حزب العدالة و التنمية الذي يلعن اللحظة السياسية التي خرج فيها إلى الوجود كائن إسمه الأصالة و المعاصرة، لم ير مانعا في التحالف معه في تشكيل أجهزة الجماعات التي أفرزتها انتخابات 2009 الجماعية ودفعت قيادة الحزب آنذاك بحرية القواعد في الحسم في مسألة التحالفات. ثانيا يدرك الرأي العام أن الذي يجمع الأحزاب المكونة للأغلبية اليوم هو الحفاظ على مصالح كل واحد منها في أن يبقى في دائرة الضوء وقريبا من مراكز السلطة، بمعنى أن هذه الأحزاب ليست مجتمعة على قناعات ترتبط بالبرامج و الأفكار، بل إنها المصلحة التي تفعل فعلها السحري في تليين المواقف بل و حتى تغييرها بدرجة 180، وبذلك فإن ما يفرق مثلا بين حزبي التجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية أكثر بكثير مما يجمعهما، لذلك لا أحد سيصدق النوايا المعبر عنها. ثالثا، إن قيادة العدالة والتنمية والتقدم والإشتراكية تعلمان علم اليقين أن حليفيهما في التجمع الوطني للأحرار وفي الحركة الشعبية مستعدان للإمتثال - ليس لتعليمات الجهاز المركزي في الداخلية - بل وحتى لتعليمات أقل القياد شأنا وبالتالي لا جدوى من منافقة الرأي العام بإعلان كاذب يهدف إلى التمويه والمغالطة. وأمامنا الإنتخابات وآمل وأتطلع أن تكذبني الوقائع؟