هذا يهم الترشيح لرئاسة مجلس المستشارين.. يروج حزب الأصالة و المعاصرة لمرشحه المستشار عبدالحكيم بنشماس لشغل منصب رئاسة مجلس المستشارين الذي جرت انتخاباته يوم الجمعة الماضي، وإذا كان من حيث الشكل ومن حيث المبدأ مشروعا لحزب الأصالة والمعاصرة ولغير هذا الحزب ولجميع المستشارين الفائزين في انتخابات المجلس الترشح لشغل هذا المنصب، إلا أنه في مثل هذه الحالات لا يكفي أن يتسلح العضو أو الحزب بالأحقية للترشيح. ذلك أن الأمر يتعلق بمؤسسة تشريعية يبوئها الدستور مكانة متميزة لائقة بها، تساهم في التشريع وتمارس إلى جانب شقيقتها الغرفة الأولى في مراقبة الأداء الحكومي، ولذلك وجب التذكير أن الإقدام على خطوة الترشيح يجب أن يكون نتيجة لتحليل عميق وموضوعي للمعطيات بحيث تمكن صاحب التحليل من تكوين قناعة شاملة في هذا الصدد. لا يعقل أن يقدم شخص ترشيحه مثلا وهو يدرك مسبقا أن جميع المعطيات المرتبطة بهذا الخصوص ضده ولا تسعفه على تحقيق هدفه، اللهم إذا كان الأمر يتعلق بترشيح نضالي صرف. ولا يقبل أن يستغل أي كان وضعه الإعتباري أو قربه من مراكز القرار لإكراه البعض على مساندته للتعدي على حقوق الآخرين. لا جدال في أن البيداغوجية الديمقراطية علمت الجميع أن الحزب الذي يحتل الرتبة الأولى في الإنتخابات يكون مؤهلا أكثر من غيره لشغل هذا المنصب، فإذا كان المتن الدستوري الذي يقوم عليه دستور 2011 يعطي الحق للحزب الذي احتل المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية في شغل منصب رئيس الحكومة والبحث عن صيغة التحالف التي تمكنه من ذلك، فإنه من الواجب ومن المنطقي التذكير الآن بهذا المتن وترتيب نفس النتائج، فالثقافة الدستورية كل لا يتجزأ وما ينطبق على تشكيل الحكومة ينسحب اليوم على ما أفرزته انتخابات مجلس المستشارين. ثم إن حزب الأصالة والمعاصرة شغل منصب رئاسة مجلس المستشارين خلال الولاية السابقة التي امتدت خارج زمانها، ومن الصعب القبول اليوم بعودة نفس الحزب إلى نفس الرئاسة لولاية أخرى ضد الإرادة المعبر عنها خلال انتخابات مجلس المستشارين، وضد رغبة جزء كبير من الرأي العام المتطلع إلى التغيير والتداول وإن حصول غير ذلك سيكرس ويجذر بعض المعتقدات التي مكنتها كثير من الممارسات من أن تصبح سائدة مفادها أن الأمر يتعلق بحزب ليس كباقي الأحزاب السياسية الوطنية وهو حينما يريد شيئا يناله ويحققه شاء من شاء وكره من كره. إن البيداغوجية الديمقراطية توجد الآن في امتحان صعب جدا وسيترتب عما سيجرى كثير من النتائج والعواقب، ومشهدنا السياسي لم يعد قادرا على تحمل هزات جديدة، بل هو في أمس الحاجة إلى سيادة حقائق جديدة تعطي الإعتبار للقيم الديمقراطية. لذلك لابد من التحلي بالتواضع ونكران الذات والإعتراف بحقوق الآخرين، هذا ما يجب على حزب الأصالة والمعاصرة أن يقوم به ويفعله الآن إذا أراد أن يفتح بابا على المستقبل.