حفل تدخل الصحافية الفرنسية كاثرين غراسي خلال البرنامج المخدوم الذي بثته القناة الفرنسية ( فرانس 3) ليلة الخميس الماضي بالدلالات و المؤشرات التي يجب أن نستوعبها جيدا لفهم جزء مهم جدا من المشهد الإعلامي الفرنسي ،و استيعاب الأسباب الحقيقية التي تحرك حماس كثير من الصحافيين الفرنسيين تجاه المغرب. فهذه السيدة تصرح و هي طبعا في كامل قواها العقلية و ليست تحت أي تهديد أو إكراه أنها أصدرت الكتاب الأول ضد المغرب و لم يقع شيء و لم يتغير أي شيء في المغرب ،و أصدرت الكتاب الثاني و كانت نفس النتيجة و نفس المآل عكس ما كانت تتوقع . و تضيف الصحافية الفرنسية في تدخلها أن ظنها خاب فالتجأت إلى ما تسميه بيع كتابها الجديد و اعترفت بأنها ضعفت أمام المال ، و قبلت بالأربعة مليون أورو مقابل عدم إصدار الكتاب المعلوم. قد تكون السيدة كاذبة هذه المرة أيضا ، فمن سرق مرة يمكن أن يسرق مرات أخرى ، و المجرم يسعى دائما إلى تبرير جريمته وإدراجها في المعتاد و الطبيعي . و لكن مع ذلك سنمارس ضغطا على قناعاتنا بأن نرضخ لتصديقها هذه المرة. أولا ،تعترف الصحافية بأن إصدارها لكتب ضد المغرب كان له خلفيات سياسية صرفة بأن أكدت أن شيئا لم يحدث بعد صدور الكتب ، و هذا يعني اعترافا واضحا بالتحريض و خدمة أجندة سياسية صرفة ،و هذه ليست من خصال و لا من أدوار الكاتب المحايد النزيه . إنها تعترف بأنها كانت تكتب بصفتها فاعلة سياسية تسعى إلى الكسب السياسي. ثانيا ، إن هذه السيدة تعترف بعظمة لسانها بممارسة الابتزاز بأن تقر باعترافها بضعفها أمام المال، وهي ترى تسبيقا بقيمة ثمانين ألف أورو يدخل حقيبتها مقابل تخليها عن دورها كفاعلة سياسية و ليس ككاتبة صحافية محايدة . و لن يستسيغ عقل سليم التفسير الغبي الذي يحاول أن يلبس هذه الجريمة لبوسات حق المؤلف في بيع منتوجه . لأن الأمر لا يتعلق بصابون أو معجون أسنان و لكنه أمر يتعلق بموقف و بدور الصحافي في الكشف عما يراه و يقدره فسادا بالحجج و الدلائل، وإلا تحولت الصحافة الاستقصائية إلى أسلوب خبيث لمراكمة الثروات الفاسدة. ثالثا، فالسيدة كاثرين لم تخجل من قولها صراحة ، نعم ضعفت أمام المال ، و هذا حال الفاسدين الذين تهزمهم الأطماع الصغيرة والكبيرة و الذين يتحولون في لحظة ضعف إلى حمالين لوظائف تدمير القيم الجميلة . و الأكيد أن السيدة كاثرين الصغيرة جدا ليست حالة معزولة في المشهد الإعلامي الفرنسي . بل إنها حالة تزيح الأقنعة على وجود أسوإ حال من الأقنعة المخيفة التي تلصقها بوجهها و تمارس ما تمارسه في المشهد الإعلامي الفرنسي.