بينما تتوقع أطراف عدة انفراجا قريبا في عقدة مسار الاتحاد المغاربي المشروع الوحدوي الجامد منذ أزيد من عقدين يبدو أن المواقف السياسية والتحركات الدبلوماسية المسجلة بالمنطقة تصعب على الأقل في المستقبل القريب عملية إعادة تحريك مفاصل الجسم المغاربي العليل . الأمين العام لمجلس الشورى لاتحاد المغرب العربي الجزائري سعيد مقدم كشف عن وجود مساع وتحركات حثيثة لجمع قادة دول المغرب العربي حول طاولة واحدة في قمة مغاربية دون تحديد الدولة التي ستحتضنها وتوقيتها بالضبط. المسؤول المغاربي الذي أعرب في حديث للصحافة بالجزائر عن راهنية و أهمية إنعقاد قمة مغاربية عاجلة، لإعادة رسم معالم الاتحاد المغاربي وتكييفه مع المتغيرات الإقليمية والدولية والرهانات التي تواجه المنطقة شدد على أن كلفة «اللامغرب» تقدر سنويا ب 10 ملايير دولار وتتحملها الدول الخمس الموقعة على ميثاق مراكش و إعتبر واقع الحدود البرية المغلقة بين قطبي الاتحاد المغرب و الجزائر قضية ثنائية بين البلدين الجارين و يمكن التوصل إلى حلّها في أي وقت، مذكّرا بأن البلدين بادرا إلى إلغاء العمل بالتأشيرة كخطوة أولى في مسار حل مرتقب بين الطرفين. الخطاب التفاؤلي للفاعل المؤسساتي المغاربي بقدر ما يعكس إرادة سياسية لتجاوز المثبطات التي تعرقل الانطلاقة الفعلية للمشروع المغاربي فإنها لا يمكن أن يخفي واقع البون الشاسع ما بين الارادة والفعل في تدبير قضايا خلافية بين الرباطوالجزائر ظلت تشكل الدافع الأساسي في إجهاض مبادرات التقارب الكفيلة بتعبيد مسار تبني والتماهي مع متطلبات و شروط المشروع الوحدوي الاقليمي . إلتئام ونجاح قمة مغاربية يتطلب التحضير والاعداد المسبق لضبط أرضية توافقات مشتركة تبصم حدودا دنيا من التناغم في التوجهات الكبرى لمكونات الاتحاد والحال أن القرائن المتوفرة تؤكد أن قطبي الهيكل المغاربي يقاربان كل واحد من جهته ملفات حساسة من مناظير متناقضة ومتضادة لا تسعف تحقيق التناغم و الانسجام الكفيلين بالدفع الى قرارات مغاربية أفقية في مستوى تطلعات شعوب المنطقة . في الظرف الراهن تراقب الجزائر بتوجس وحذر خطوات المملكة المسترسلة نحو التقارب مع مجموعة دول الخليج والانفتاح على الصين وروسيا الحليفين الإيديولوجيين التاريخيين للنظام الجزائري بينما تأول الرباط ارتماء جارتها الشرقية في حضن نظام الملالي بإيران بمثابة محاولة للإضرار بالمصالح العليا للمملكة وعزلها بالإضافة الى محاولة قصر المرادية الدؤوب الأيام الأخيرة الى طي خلافاته المستعصية مع نواكشوط بهدف تطويق المملكة مغاربيا بعد أن تمكنت الدبلوماسية الجزائرية بجهد كثيف ضبط مواقف حكام تونس و طرابلس على عقارب الساعة الجزائرية . من الواضح أن مقومات و شروط إنضاج قمة مغاربية لا تتوفر في الظرف الراهن, ولعل التحركات الكثيفة المسجلة منذ شهرين لبعث الدفء في بعض مؤسسات الاتحاد تنطوي في العمق على مناورات الهدف منها تعديل بعض بنود الميثاق التأسيسي للاتحاد بصيغة تطلق يد الجارة الجزائر لاحتواء والتحكم في مصير الاتحاد ومواقفه بنفس المنهجية التي توجه بها الدبلوماسية المنظمة القارية وتملي عليها طبيعة مواقفها وتوجهاتها.