مايثير العجب في هذا البلد السعيد هو الإطناب في الحديث عن تحرير الأسعار، مقابل صمت ممنهج عن القدرة الشرائية للمواطن المغربي للإستفادة من هذا التحرير الذي أغرق السوق المغربية بمواد لاتعد ولا تحصى، تمكن من تبضع ما تشتهي الأنفس والملاحظ أنه يقف في أغلب الأحيان موقف المتفرج بالعديد من الأسواق والمتاجر امتثالا للمثل الشعبي القائل االعين بصيرة واليد قصيرةب باعتبار أن قطب الرحى لكل رواج تجاري مهما تحررت أسعاره، هو وفرة السيولة المالية لدى المواطن؛ إن هذه الأخيرة محكوم عليها حالياً بالجمود على امتداد السنوات الأخيرة بفعل التجاهل الكبير لها أمام سياسة اعتبار الزيادة في الأجور باعتباره خطاً أحمر، ليكون البديل هو اللجوء للسلفات والقروض للإحساس المؤقت بسيولة تفي بالقدرة على اقتناء الضروريات لا الكماليات لتأمين القوت اليومي وأداء فواتير الكراء والماء والكهرباء، مع صرف النظر عن الكماليات التي أصبحت حكرًا على فئات معينة في وقت باتت فيه أعناق البسطاء من المأجورين مطوقة بالقروض والسلفات الاستهلاكية، التي كرست مفهوما جديدا للرق والعبودية لدى الأبناك ودور السلف، والتي أصبحت الإشعارات الورقية هي العملية الوحيدة التي يلمسونها لإخبارهم بنوعية الاقتطاعات، من هنا يحق لنا أن نتساءل إلى أين تسير سياسة القروض التي أغرقت البلاد والعباد والتي يبدو الآن أنها لاتفيد لا في توفير السيولة الدائمة ولا الرفع من القدرة الشرائية، مما يؤكد انخفاض معدلات نسبتها سنة بعد أخرى في غياب خلق توازن بين الأجور وارتفاعات الأسعار بالسوق التي لا تعرف غير الزيادة المتواصلة. وعلى حد قول أحد المواطنين الذين كسرت على رأسه (الكدور) بعد أن أضناه الحديث عن السيولة المالية وضعف الأجور، فإن هناك سيولة واحدة هي سيولة المياه بالحنفيات وحتى هذه الأخيرة مؤدى عنها بالفاتورات الحارقة، فيما السيولة المسكوت عنها هي تبخيس الإنسان وتركه يتخبط في المشاكل.