لايمكننا أن نأخذ تصريح كريم غلاب وزير النقل بظاهر القول ونكتفي بتقبل إيضاحاته بشأن تأثير مدونة السير على ارتفاع الأسعار، لايمكننا أن نتقبل إفاداته من زاوية إبراء الذمة وتحميل الغير المسؤولية وإن كان لم يشر إليه صراحة وإنما فقط تلميحا. السيد الوزير قال بالحرف إن التأثير المعقول والمتوقع على كلفة النقل جراء احترام الحمولة القانونية من طرف جميع الناقلين، لا يمكن أن يتعدى بعض الزيادات المحدودة التي لا تفسر الارتفاع الذي عرفته أسعار المواد الاستهلاكية في الأيام الأخيرة ، موضحا أن معدل الزيادة بالنسبة للشاحنات من صنف 40 طنا هو 5.7 سنتيم للكيلوغرام وحوالي 34 سنتيما بالنسبة للشاحنات من صنف 14 طنا، في حين أن الزيادات التي عرفتها أسعار المواد الاستهلاكية تفوق 2 أو 3 دراهم، مبرزا أن المصالح المختصة عزت هذه الزيادات إلى المضاربة والتخزين. هو رد تبريري وتصريح بمثابة إبراء ذمته مما يتداوله الرأي العام الوطني بشأن الزيادات الصاروخية لبعض المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية الأخرى، هو عذر أكبر من الزلة! فعندما يصرح السيد الوزير ويعترف بأن هناك مضاربات في الأسعار والتخزين، فإن ذلك يطرح أكثر من سؤال حول التدابير المتخذة من قبل الحكومة لمحاربة هذه الظاهرة والتي صرح بها علانية السيد الوزير حماية للقدرة الشرائية للمواطنين. عفوا السيد الوزير، المواطنون يحكمون على الأشياء بظاهر الأمر، والظاهر هو عدم تحرك الجهات الحكومية المسؤولة والمعنية لرفع اللبس والغموض اللذين يلفان مسلسل ارتفاع الأسعار، فهل سيكفي تصريحكم السيد الوزير لتهدئة الخواطر وجبر الضرر الذي لحق ميزانية الأسر المغلوبة على أمرها؟ هل يكفي أن تتحلل مدونة السير من المسؤولية عن الغزوة الكبرى لأسعار الخضر والتي جاوزت المستوى المعقول والتي أربكت حسابات الأسر العاشبة بالرغم من أنفها لعدم قدرتها على اقتناء اللحوم والتي لاتزور موائدها إلا نادرا؟ إنه اعتراف صريح ليس بالأزمة فقط، بل أيضا بالعجز عن تدبير الأزمة ومحاربة المضاربة في التخزين والزيادات غير المشروعة في الأسعار، هو اعتراف بأن هناك لوبيات تتحكم في قوت المواطنين وتتسلل للعبث بجيوبهم من دون رقيب ولا حسيب لربما ! عفوا السيد الوزير، ندرك جيدا بأنه ليس لمدونة السير أية تأثير سلبي كبير على الأسعار بقدر ما ندرك أن للأسعار بارونات يتحكمون فيها بمنأى عن المحاسبة، للأسعار رجالاتها الذين لاتشملهم دوريات المراقبة، للأسعار مظلات توفر الغطاء لعبثها بميزانية الأسر، وبالتالي فلاحاجة للتبريرات، بل المنتظر من قبل عموم المواطنين ، تدابير تحمي قدرتهم الشرائية، أما وأن العذر كان أكبر من الزلة، فإن ذلك يعني أن الأسر المغربية ستتساءل: أين هي المصالح المسؤولة من كل هذا؟