غطت تقارير حقوقية في الآونة الأخيرة، الفترة الممتدة من مرحلة ما بعد تنصيب الحكومة، إلى الآن، وهي الفترة التي تولى فيها عبد الاله بنكيران تدبير الشأن العام، إضافة الى مسؤوليته التاريخية في تدبيره صورة المغرب في الخارج. وقد اكتشف الرأي العام الوطني، ومعه الدولي، أن الحكومة الحالية عاجزة عن تسويق صورة المغرب الذي يتحرك، وينتج ويتطور ويرسخ القيم الديموقراطية، المغرب الذي يبتعد بخطوات حثيثة عن منطق الاستبداد والقهر والحلول العنيفة للصراعات الداخلية، المغرب الذي يحقق مكتسبات جمة، ذات بعد حضاري وديموقراطي لا ينكره إلا جاحد، يلتحق ، بمحض قراره السيادي، بالمنظومة الدولية، والحقوقية منها بالاساس بوعي متقدم. وهذا العجز الحكومي تقابله تغذية مقصودة ومنتظمة، مبرمجة بإصرار، لصورة تقدم البلاد كما لو أنها لم تغادر الزمن السابق عن خطاب 9 مارس ودستور يوليوز 2011، مغرب القرار فيه أحادي ومغلق، والمنهجية الديموقراطية شعار فارغ لم يأت بجديد ولم يجسد تغيرا في طبيعة الدولة وهرمية اتخاذ القرار. ولهذا يربط الرأي العام بين الأدبيات الحكومية التي ينشرها رئيس الحكومة في كل مناسبة يخاطب فيها الرأي الدولي، وآخرها حواره مع القناة الفضائية في شبه الجزيرة، وبين إصرار منظمات حقوقية عالمية على «تأبيد» صورة المغرب الذي مازالت تحكمه عقليات الماضي وقرارات الماضي وانتهاكات الماضي. والرأي العام يتساءل باستغراب عن إصرار الحكومة على تسويق صورة المغرب الذي لا يتغير فيه القرار الديموقراطي ويحافظ على منظومة القيم المهيكلة سابقا للحقل السياسي المغربي، التي تجعل رئيس الحكومة مجرد موظف بدون شخصية سياسية أو دستورية أو ديموقراطية. في تزامن يثير الغرابة مع تقارير تسعى الى تقديم البلاد كما لو أنها جزيرة لم يمسها تغيير، ولا دخلتها شمس الربيع الديموقراطي. فالحكومة التي تنصاع الى رأس المؤسسات المالية وتأخد رأيها بحرفيته وبانصياع لم يسبقها إليه أي جهاز تنفيذي، لا يمكنها في المقابل أن تصر على أن تتجاهل الرأي العام الحقوقي والسياسي وصناع الضمائر في عالم اليوم، وتساير كل ذوي النزعات المناهضة للبلاد عبر ترديد مفاهيم لم تعد من حاضر المغرب ولا من مقومات مشروعه الحالي والمستقبلي. حقيقة هناك إشكالات، يواجهها المغرب، منذ سنوات، ولم يجد لها أي حل، حيث لم يتمكن من تغيير الصورة التي رسمت حوله، منذ سنوات الرصاص، كما لو كان لدى عدد من المنظمات الحقوقية الدولية، نموذج نمطي، لا يتغير رغم تغير الأزمنة، و رغم التحولات، التي حصلت، إلا أن هناك تقرير شبه جاهز، لا تتغير فيه سوى الأسماء، لكن المضمون، يكاد لا يتغير. كما أن هناك موظفين، في العديد من المنظمات الدولية، لديهم موقف غير موضوعي، من المغرب، و بدل أن يقيموا الوضع الحقوقي، بناءا على معطيات شاملة، تأخذ بعين الإعتبار المكتسبات التي تحققت، فإن الحكومة الحالية لم تتمكن من الدفاع عن الصورة الحقيقية بإيجابياتها وسلبياتها رغم أن لا أحد يمكن أن ينكر أن هناك انتهاكات وخروقات، تنتقدها وترصدها، المنظمات الوطنية، الحقوقية والسياسية، قبل غيرها. وقد قدم المغرب وقواه الحية تضحيات جسام من أجل تحسين صورة بلادنا وإسماع صوتها، وإقناع الرأي العام بما يحصل وبالاستثناء الدينامي في البلاد، غير أن هذه التضحيات تضيع اليوم مع خطاب يجعل من أولوياته محاربة الشركاء الوطنيين عوض تقوية مناعة البلاد ضد الهجمات التي تقصدها.. ومنها التقارير الحقوقية المسيئة لما تراكم منذ بداية العهد الجديد، ومنذ تموجات الربيع السياسي .