شكل عيد العرش عيداً استثنائياً ليس كالأعياد الأخرى، خاصة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني الذي أراد له أن يكون كذلك، ورصدت لهذه الغاية كل الإمكانيات اللوجستيكية والمالية. الكل يتذكر أن عيد العرش في عهد الملك الراحل الحسن الثاني كان يفوق كل الأعياد الأخرى الوطنية والدينية. أكيد أن الوضع السياسي آنذاك في المغرب كان متحكماً في هذا الأمر. ذلك أن وزير الداخلية الراحل ادريس البصري يكاد يشرف شخصياً على هذه الاحتفالات التي تشهدها كل مناطق المغرب، سواء في المدن أو البوادي وكذا في الجبال. ويتحول المغرب كله مشتلها لصنع »الفرحة« فرحة العيد. ويتولى أيضاً العمال ورجال السلطة وكل المؤسسات الأخرى التعبئة الشاملة، حيث يتم نصب المنصات في كل الشوارع الرئيسية في المدن والبوادي، ويتولى جلب »الشيخات« اللاتي يصدحن بأصواتهن و وبمغرب النماء. ويجد أبناء الفقراء في هذه »الأعراس« الممتدة على تراب الوطن الفرصة السانحة »للنشاط« والتخلص من هموم الوضع الاجتماعي المتأزم ، بل وفي ظل الوضع السياسي المتأزم والتسلط والقمع الممنهج، تكون هذه اللحظات التي يسمح بها الاحتفاء بعيد العرش في عهد الملك الراحل استثناء خاصاً. . ويتذكر أحد المسؤولين الذي كان يرافق أحد العمال في زيارته أن بمدينة المحمدية كانت هناك ما يقارب 89 حفلة مقامة للاحتفاء بعيد العرش. ويضيف أن هذه الجولة التفقدية ابتدأت من الساعة الثامنة مساء وتواصلت إلى غاية الساعة الرابعة صباحاً من اليوم الموالي. كما أن الشعراء والمطربون والاعلاميين الرسميين كلهم يتنافسون في التلفزيون على إبداء إبداء "وطنيتهم" بشكل متضخم. وفي عهد الملك محمد السادس، الأشياء تغيرت بشكل واضح، حيث اختفت هذه المظاهر من الشارع العام، ولم يعد رجال السلطة يصولون ويجولون، وكان هذا من أهم القرارات التي جاء بها العهد الجديد، ولو على مستوى الشكل. كما تغيرت العديد من الطقوس المخزنية التي كانت ثابتة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وهذا كان من أهم القرارات التي طبعت العهد الجديد، وهو العهد الذي ألغى ما يسمى »بالأغاني« التي كانت تسمى بالأغاني الوطنية، والتي كانت تملأ الساحات وأمواج الإذاعة الوطنية وشاشة القناة الأولى. إذ لم نعد نسمع بهؤلاء »المطربين والمطربات« ولم يعد يفرض عليهم إنتاج هذه الأغاني، كما كان معمولا به في السابق.