بحلول منتصف الليل ليومه الخميس تكون الحملة الانتخابية قانونيا قد انتهت لتنطلق عقارب الساعة في الدوران صبحا من اجل فسح المجال امام الناخبين للإدلاء بأصواتهم والتعبير عن قناعاتهم واختياراتهم، أكيد انه وطبقا للمنطق الديمقراطي فان جميع الاحزاب قد استغلت الاثنى عشر يوما من أجل الدعاية لبرامجها ومخططاتها، هذا ان كان لها برامج فعلا ومخططات، ولقد وضحنا في اعمدة سابقا اجواء الحملة وما عرفته من صرف باذخ وجنوني للأموال، وما ميزها من سلوكيات وتصرفات يخجل المرء على وصفها لأنها تتم باسم التعددية والاختيار الديمقراطي. نحن امام تمرين ديمقراطي، وباعتبار الاتحاد الاشتراكي حزب وطني يسمو بالصراعات على حساب الوطن، فقد دعا اولا ومشددا على ذلك لكل اعضائه ومسؤوليه والمتعاطفين معه وللمغاربة جميعا، أن يتوجهوا للقيام بواجبهم الوطني وان يصوتوا، وهو أمر اساسي للبلاد وتمرين لكل الاحزاب السياسية ولجمعيات المجتمع المدني ولكل المؤسسات، لأن في المشاركة المكثفة ترسيخ لشرعية ومشروعية المؤسسات وبدون استثناء، وهو ما دفع الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى 62 ل"ثورة الملك والشعب" الى القول: «إن السلطة التي يتوفر عليها المواطن، للحفاظ على مصالحه، وحل بعض مشاكله، ومحاسبة وتغيير المنتخبين، تتمثل في كلمة واحدة من ثلاثة حروف: صوت»، وأضاف مخاطبا جميع الناخبين: "التصويت حق وواجب وطني، وأمانة ثقيلة عليكم أداؤها، فهو وسيلة بين أيديكم لتغيير طريقة التسيير اليومي لأموركم، أو لتكريس الوضع القائم، جيدا كان أو سيئا». هذا الصوت الذي به تعطى للعملية الديمقراطية معنى وعمقا في ترسيخ الاختيار والنهج المستقيم نحو بناء المجتمع الديمقراطي المأمول. هي اذن المشاركة المواطنة حماية للمؤسسات وولشرعيتها، والعملية الثانية التي تجعل هذه المشاركة لها معنى ومفعول يساعد على تراكم مصداقية هذه المؤسسات وتقويتها، هو حسن الاختيار، اختيار يرجع بالأساس الى الناخب نفسه وما يمثل له هذا الصوت من قيمة، وكيف ينظر الى مرشحيه، ويتطلع من خلالهم الى مستقبل مجتمعه وحكومته المحلية المصغرة. هنا دعا الملك معتبرا هذه الانتخابات «حاسمة لمستقبل المغرب»، بوضوح الى تحمل المسؤولية من طرف الناخب والى طبيعة اختياره، حيث قال موجها كلامه للمغاربة «عليكم أن تحكموا ضمائركم وأن تحسنوا الاختيار. لأنه لن يكون من حقكم غدا، أن تشتكوا من سوء التدبير، أو من ضعف الخدمات التي تقدم لكم». ان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لطالما حذر من مجموعة من المنحدرات والمنزلقات التي يمكن أن تكلف المغرب مستقبل مؤسساته التي بدونها لن يكون معنى للدولة، وقدم رؤية استراتيجية لحكامة انمائية محلية راعت مختلف المتطلبات والحاجيات والتحديات لمختلف الفئات المجتمعية، وعمل على شرحها وتوضيحها عن طريق مناضليه ومرشحيه وقيادته التي جابت مدن المغرب العميق، وباقي المناطق المغربية، بحملة انتخابية نزيهة تحترم كرامة وذكاء الناخب المغربي الحاسم في الامر اولا وأخيرا. ان التراكم الكبير الذي حققه المغرب في مسار بناء المجتمع الديمقراطي نعتقد انه اليوم مهدد بشكل كبير، نظر لما بدا جليا من اختلال على مستوى احترام اساسيات وأدبيات اللعبة وتلويثها بكل الوسائل الدنيئة، وأساسها المال الفاسد، بشراء الذمم والمتاجرة في رغبات واختيارات الناخبين، بالإضافة الى استعمال اساليب التهديد والوشاية والاتهامات الكاذبة للنيل من مصداقية الشرفاء المناضلين. ان الترشح هو اسمى صور النضال، وليس صرف الملايير من اجل الحصول على منصب هو في الاصل تطوعي وخدماتي لصالح المواطن، إلا شكل من اشكال محاولة اعادة التحكم الخطير للوبي الفساد المالي والسياسي بمستقبل المغاربة وبمستقبل الوطن. علينا جميعا ان نعي بحساسية المرحلة، وبدقتها، وان نساهم في حماية مكتسبات بلادنا ومجتمعنا. بحسن اختيارنا لممثلينا ومن سيرهن مستقبل جماعتنا لخمس سنوات قادمة. يجب ان نكون حاسمين في اختيارنا، شرسين في عدم التساهل مع من جربناه والحالة لازالت كما هي، وان التراكم هو تراكم انجازات وليس اخفاقات، وان التمثيل الانتخابي هو واجب وطني تطوعي خدماتي ونضالي، وليس تحسين لمستوى الاجتماعي لممارسيه ومسؤوليه، وهو اجتهاد لمن سلمت ذمته وابدعة كفائته في المساهمة في جلب استثمارات وتقنين مصاريفها وحسن استغلالها وفق اولويات وحاجيات ومتطلبات الساكنة المحلية، أنه بدون تنمية محلية لا يمكن لنا أن نحلم بتنمية وطنية، فهي عماد وأساس التنمية المستدامة الشاملة، وإلا فستبقى تنمية عرجاء شكلها جميل وداخلها قبيح. لنمارس حقنا في الاختيار يوم غذ، لنقطع الطريق امام الفساد وعملائه، لنحمي مقاطعتنا وجماعتنا من العابثين، المستغلين، السماسرة بحاضرنا ومستقبلنا المحلي، لنؤمن سلامة مسار تنمية مجتمعنا، لنصنع الحدث.......لنصوت على رمز الوردة، وردة اشتراكية لتغيير الوضعية.