تداولات البورصة تغلق على "أداء سلبي"    نسبة مشاركة ضعيفة بزاف فالانتخابات الجزئية ف"دائرة فاس الجنوبية".. موصلاتش حتى ل4 فالمية    فرنسا معولة على مخابرات المغرب فتأمين أولمبياد باريس وها شنو گال جيرالد دارمانان    ميارة يتطلع لفتح آفاق جديدة للتعاون الثنائي مع البرلمان التشيكي    التعليم رجع كيغلي فوق صفيح ساخن. ملف الأساتذة الموقفين غادي بالقطاع لأزمة جديدة وسط رفض نقابي لتوقيع عقوبات ضدهم    وزير خارجية سيراليون : العلاقات مع المغرب بلغت "مستوى غير مسبوق"    صديقي أمام المؤتمر الوزاري لمبادرة تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية: خاص الخدمة لمواجهة أزمة المناخ اللي كتهدد الفلاحة    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    لابيجي فالشمال طيحات شبكة كتروج الكوكايين    وهبي لوزيرة العدل ديال الساو تومي فاجتماع دولي: تكلمي السيدة الوزيرة أنت كإمراة عندك الحق تتكلمي عشرين مرة    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    تهمة الاتجار في عملات أجنبية بدون ترخيص تطوق عنق الناصري وبعيوي    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    النقابة الوطنية للعدل تشل محاكم المملكة وتتهم وزارة العدل ب "الغش"    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    مسيرة شعبية بمدينة تطوان تضامنا مع أهل قطاع غزة والشعب الفلسطيني    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    الأقمصة الرياضية التي أرعبت السلطات الجزائرية!    وزير الزراعة والأمن الغذائي بنيجيريا: "نرغب في تعميق علاقات التعاون مع المغرب في المجال الفلاحي"    بسبب انقطاع شلّ مرافق مقاطعة مرس السلطان.. الداخلية تمنح بودريقة أسبوعا لاستئناف مهامه    أمل تيزنيت يستنكر الأخطاء التحكيمية التي ارتكبت في مباراته أمام جمعية المنصورية    حنان حمودا تصدر طبعة ثانية لكتاب "الماء وصناعة المقدس: دراسة أنتروبولوجية لبنيات المجتمع الواحي بالمغرب"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الفلاحة المستدامة.. القرض الفلاحي للمغرب والوكالة الفرنسية للتنمية يوقعان اتفاقيتي قرض    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الموت يفجع زوج دنيا بطمة السابق    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    الاتحاد المصري يستدعي المغربي الشيبي    سباق النصر النسوي يطفىء شمعته ال 14 يوم الأحد المقبل وسط أجواء رياضية واحتفالية    القميص ‬البرتقالي ‬يمرغ ‬كبرياء ‬نظام ‬القوة ‬الضاربة ‬في ‬التراب‬    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)    ماذا نعرف عن كتيبة "نيتسح يهودا" العسكرية الإسرائيلية المُهددة بعقوبات أمريكية؟    ادعاء نيويورك كيتهم ترامب بإفساد الانتخابات ديال 2016    بطولة إيطاليا-كرة القدم.. "إنتر ميلان" يتوج بلقبه ال20        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    هل يمكن لفيزياء الكم أن تقضي على الشيخوخة وأمراض السرطان؟    أسامة العزوزي يسجل في مرمى روما    الأمثال العامية بتطوان... (579)    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    السعودية تعلن شروط أداء مناسك الحج لهذا العام    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    الأمثال العامية بتطوان... (577)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد المداولة ... عامل يقتل زميله بدافع الانتقام والمحكمة تدينه بالإعدام

لم يكن محسن سوى ذاك الفتى الشقي الذي اعتاد العراك اليومي بالزقاق الذي تقطنه العائلة.. غادر مقاعد الدراسة، وفي الوقت الذي كانت العائلة تنتظر منه المبادرة بولوج مهنة يتعلمها عن طريق التدرج، عاكس رأيها وبدأت الدروب والأزقة تتلقفه في كل وقت وحين.. وببلوغه سن الرشد، بدأ محسن في مرافقة الأشرار، حيث سيدخل السجن من أجل الاتجار في المخدرات، وهي التهمة التي قضى من أجلها عدة أشهر، قبل أن يغادر السجن، وكله أمل -مثله في ذلك مثل عائلته- نسيان الماضي و بدء حياة جديدة قوامها العمل. وبعد شهرين من التسكع، استطاع الحصول على وظيفة في شركة للنقل الحضري، حيث عمل كمراقب للحافلات عدة سنوات، قبل أن يغادرها، جراء عدم انضباطه وعدم احترامه لرؤسائه ..
وبعد أشهر من التسكع، حيث اعتاد على ولوج المنزل في الساعات الأولى ليستيقظ من النوم بعد منتصف النهار، استطاع، مرة أخرى، الحصول على وظيفة حارس أمن خاص بباب مستشفى محمد الخامس بالجديدة، لعدة أشهر، قبل أن ينقل المستشفى إلى مقره الجديد. إلا أن تصرفاته الطائشة وابتزازه للمرضى والتدخل فيما لا يعنيه عجلت بمغادرته الحراسة ناء على توصية من أحد الأطباء.
عاش محسن بعد ذلك حياة التشرد رغم أنه كان حديث الزواج ورغم محاولته المتكررة البحث عن عمل .. إلى أن استطاع، ذات مساء، أن يلج عالم الحافلات من جديد كمراقب بعد أن كانت الشركة الجديدة في حاجة إلى مراقبين.
كانت فرحته كبيرة بشغله الجديد وبلقائه أصدقائه القدامى الذين كانوا يعملون بالشركة التي توقفت عن العمل.. إلا أنه لم يتوقف عن عاداته السيئة، حيث عاد إلى سب أصدقائه وعدم احترام أوقات العمل والغش في المراقبة إلى أن تم عزله، مرة أخرى، عن العمل وعاد إلى حياة التسكع.
واجه محسن أزمة مالية لم يستطع معها إيجاد ما يطعم به زوجته وابنته التي كانت قد ازدادت قبل سنة .
دخل السجن مرتين بتهم الضرب والجرح والاتجار في المخدرات. وأمام الأزمة ، أصبح عصبيا ومزاجيا، حيث تقوده في أحيان كثيرة عصبيته إلى الاعتداء على الأشخاص. وهذا ما حدث له مع أحد أبناء الحي، حيث أصابه بجروح خطيرة ستقوده، مرة أخرى، إلى السجن، حيث قضى عدة أشهر نزيلا بسجن الجديدة. وبمغادرته السجن، اعتاد أن يذهب كل صباح إلى موقف الحافلات لعله يجد عملا.. إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل ليعود كل مساء إلى أزمور، قصد التوجه إلى منزل أصهاره، حيث زوجته وابنته.
وبمرور الوقت، ازداد تأزما، فبدأ يفكر جديا في السرقة، بل بدأ فعليا في التخطيط لها. وبحكم أنه كان يعلم جيدا مسارات المداخيل اليومية الخاصة بالحافلات، حيث كان يشتغل، فقد قرر أن يقوم بأول عملية..
كان حمو قد بدأ العمل بشركة النقل الحضري منذ سنة تقريبا كسائق رسمي بعد أن كان مناوبا، حيث تسلم الخط الرابط بين الجديدة وأزمور ذهابا وإيابا، كان يتسلم الحافلة في السادسة صباحا وينهي عمله في الساعة الثانية زوالا، أو من الساعة الثانية زوالا إلى حدود العاشرة ليلا، حيث يعود بأضواء مطفأة كما اعتاد السواق تسمية نهاية وقت الدوام.
اعتاد حمو، كلما غادر مقود الحافلة بعد أن يسلم المدخول اليومي، أن يعرج على بعض الأماكن، حيث يتناول كوب قهوته أو يتناول وجبة خفيفة ليعود إلى منزل أسرته بحي الصفاء، حيث يحظى باحترام الجميع .
في صباح اليوم المشؤوم، وبعد أن تناول فطوره، غادر في اتجاه المقهى. وفي حدود منتصف النهار عاد إلى المنزل، حيث تناول غداءه كالعادة وغير ملابسه وتوجه إلى العمل.. و يكن يعلم أنه سيغادره إلى الأبد..
صعد حمو إلى الحافلة المخصصة لنقل المستخدمين إلى حيث يتسلم كل واحد منهم الحافلة المخصصة له والمدخول الذي يكون في حوزة السائق الصباحي. تسلم كالعادة حافلته وبعد أن راقبها، توجه إلى حيث نقطة الانطلاقة.. إذ باشر عمله بالتوجه بأول فوج من الركاب من الجديدة في اتجاه أزمور. لم تظهر عليه أية علامة توتر طيلة فترة عمله. وفي حدود الثامنة والربع ليلا، انطلق بآخر فوج من الراكبين في اتجاه أزمور. ومباشرة بعد وصوله إلى محطة النهاية، أفرغ حمولة الراكبين وتبادل النكتة -كما ألف مع أصدقائه- قبل أن يطفئ الأضواء ويقفل عائدا إلى الجديدة..
كان الضباب كثيفا ذاك المساء حتى أن السيارات لم تكن تسير بطريق الجديدة إلا بأقل من 40 كيلومترا في الساعة. وبوصول الحافلة أمام الغولف الملكي، فوجئ حمو بشخص يطلب منه التوقف ومنحه صندوق المداخيل قبل أن يعالجه بضربة سكين ويعاوده بأخرى، فثالثة، فرابعة.. ورغم قوة الضربات، فقد قاوم حمو خصمه ولم يسقط بين المقود والدرج إلا بعد أن انهار.. وهي اللحظة التي قام فيها الجاني بذبح الضحية بطريقة بشعة .
أسلم حمو الروح إلى باريها، وظلت الحافلة متوقفة بأقصى اليمين لمدة زمنية قبل أن تتوقف آخر حافلة قادمة من أزمور في اتجاه الجديدة بالقرب من الحافلة ظنا من سائقها أن الأمر يتعلق بعطب أصابها .. إلا أن مفاجأته كانت كبيرة. لقد رأى صديقه حمو الذي فارقه قبل لحظات مذبوحا من الوريد إلى الوريد. وأمام هول الصدمة وخوفا من أن يتعرض لنفس المصير، فقد ركب حافلته ولم يتوقف إلا وهو أمام «السد « الذي يوجد بمدخل مدينة الجديدة
أخبر السائق رجال الأمن الذين كانوا يؤمنون السد القضائي لحظتها، فتحركت برقيات عبر جهاز اللاسلكي وتم إخبار رجال الدرك بحكم أن المنطقة تابعة لنفوذ الدرك الملكي.. وماهي إلا لحظات حتى كان كل المسؤولين الأمنيين بالجديدة بمختلف رتبهم أمام جريمة لم يشهدها الإقليم منذ أمد بعيد.
وبحكم أن الجريمة وقعت في مكان حساس، حيث تتمركز وحدات سياحية مهمة، كما أن الطريقة التي تمت بها تدعو للقلق، فقد تم استدعاء وحدات خاصة من الدرك الملكي من ثكنة الجديدة -على عجل- من أجل تمشيط المنطقة.. لكن، أمام كثافة الضباب ووجود الغابة، لم تفض التحريات إلى أية نتيجة.. إلا أنه تم العثور على العلبة المخصصة للمدخول اليومي فارغة ومرمية على بعد حوالي 200 متر من الحافلة، حيث تم حجزها من أجل البحث.
تعددت الروايات بعد العثور على جثة حمو.. لحظتها كانت مصالح الدرك والأمن قد شكلت «خلايا» من أجل فك طلاسم الجريمة.
شكلت فرقة مسرح الجريمة التابعة لسرية الدرك عصبة البحث، حيث قامت بمسح لمكان ، كما أخذت عينات من الدم الذي عثر عليه بالحافلة وخارجها وأرسل ليلا إلى المختبر الوطني بالرباط.فيما سلم مدير العمليات، العقيد قائد السرية الجهوية بالجديدة، ملف البحث إلى المركز القضائي بسرية الجديدة من أجل العمل على الوصول إلى الفاعل أو الفاعلين.
الشك الذي قاد إلى اليقين..
بداية، عمد المحققون إلى وضع لائحة بأسماء المشتبه فيهم من ذوي السوابق القضائية الذين يعملون بشركة النقل الحضري، وكان من بينهم المتهم محسن الذي لم يكن قد توصل بعد باستدعاء الحضور..
بعد مرور ثلاثة أيام، كان أمنيان يعملان بالجديدة قد طرقا باب المسؤول عنهما من أجل الإخبار عن شخص يتردد على أزمور، كان يعمل بشركة النقل الحضري، كانا قد نقلاه معهما إلى أزمور مباشرة بعد وقوع الحادث.
كان رجال الأمن قد قبضوا على بداية خيط رفيع سيوصل إلى مشتبه فيه، حيث انتقل أمنيون -بإشراف شخصي للعميد رئيس الدائرة الثالثة للأمن بحكم أن محطة توقف الحافلات تدخل ضمن نفوذه- وماهي إلا لحظات حتى ظهر شبح المتهم بالقرب من الحافلات المتوجهة إلى أزمور وبتوقيفه حاول بداية المقاومة بادعاء براءته من أي تهم مستفسرا عن دوافع اعتقاله؟
طمأنه رجال الأمن على أن الأمر مجرد مراقبة روتينية وتحقيق هوية، وسيغادر مقر الأمن وهو ما هدأ من روعه..
وتزامن اعتقال المشتبه فيه مع إرسال نتائج عينات الدم المأخوذة من مكان الجريمة من الرباط إلى الجديدة تؤكد على أن الأمر يتعلق بعينتين مختلفتين.. فتم تشكيل خلية مشتركة بين الأمن والدرك تحت إشراف العقيد والمراقب العام بمقر الأمن الوطني. لحظتها، انتقلت فرقة من الدرك الملكي إلى مقر سكن المشتبه فيه ، حيث تم إجراء بحث بمنزله أسفر عن حجز هاتف نقال منزوع البطاقة وملابس تم تنظيفها حديثا .
البحث مع المشتبه فيه لم يفض إلى أية نتيجة رغم تضييق الخناق عليه، في الوقت الذي استمر البحث مع العديد من المشتبه فيهم إلا أن أحدهم -وبعد أن عرض عليه الهاتف- أكد أنه هاتف الضحية وقد تسلمه منه أكثر من مرة، كما صرح أنه يعرفه جيدا.
الملابس هي الأخرى تم عرضها على الخبرة العلمية بواسطة الأشعة تحت الحمراء، حيث جاءت النتيجة بأنها تحمل بقع دم، فتم تسليم المشتبه فيه إلى الدرك الملكي صاحب الاختصاص لاستكمال البحث بعد أن بدأت خيوط الملف تظهر، حيث كان قد أكد للمحققين أنه مجرد مشارك في الجريمة وأدلى بأسماء شخصين تم اعتقالهما.
محسن، وبعد أن تم تضييق الخناق عليه، أكد أنه اتفق مع كل من عبد الله وإبراهيم على تنفيذ سرقة مداخيل حافلة النقل الحضري التي يعمل على متنها حمو، حيث ترصد إبراهيم لحمو داخل الحافلة، فيما استقل محسن وعبد الله دراجة نارية وتوقفا أمام بوابة الغولف الملكي إلى حين توقف الحافلة، حيث تم الاعتداء على حمو من طرف إبراهيم، بينما تكلف هو وعبد الله بسرقة صندوق المداخيل ، وهو السيناريو الذي لم يكن مقنعا للمحققين، حيث كانت نتائج الحمض النووي التي أخذت من فم محسن مطابقة لما تم العثور عليه في حافلة النقل الحضري. كما أن عبد الله وإبراهيم أفادا باستعمال الزمن لكل منهما ليلة الحادث، حيث كان الأول يتابع مباراة في كرة القدم بمقهى، وهو ما أكده النادل ورواد المقهى.. فيما الثاني الذي كان يعمل بمحل لبيع الدجاج المذبوح، أفاد صاحب المحل أنه لم يغادره إلا في حدود العاشرة والنصف ليلا بدوام مستمر.
بمواجهة محسن بهذه الحقائق، انهار واعترف أنه مقترف الجريمة لوحده.. ؟
كان محسن يعيش عطالة ووضعية مالية جد متأزمة، خاصة وأنه رب أسرة وأب لابنة أتمت سنتها الأولى يوم ارتكابه لفعله الإجرامي، فيما كان هو قريب من استكمال 29 سنة خمسة أيام بعد ارتكابه لفعله الجرمي. كان حمو من بين أصدقائه الأوفياء كما كان يتناول الطعام رفقته كلما حملت له والدته وجبة الغداء إلى محطة الحافلات.. حتى أن عائلة حمو لم تكن تظن، في يوم من الأيام، أن يلقي حمو حتفه على يد محسن ، وهو الذي أبدى حزنا شديدا عليه كما لم يفارق جثمان حمو، بدءا من مستودع الأموات ،مرورا بتقديم التعازي لوالدته وانتهاء بوضع التابوت في القبر والقيام بواجب العزاء والمشاركة في الحفل الديني..
لقد أعمى الفقر والحاجة الماسة إلى المال محسن فلم يجد أمامه سوى صندوق مداخيل الحافلة، حيث خطط للاستيلاء عليها ووقع اختياره على الحافلة التي يقودها حمو أثناء العودة من أزمور. وبعد طول تفكير وتخطيط، استقل الحافلة المتوجهة إلى أزمور في حدود الساعة الثامنة والنصف والتي غالبا ما تعود فارغة من أزمور إلى الجديدة وبوصولها إلى أزمور نزل الجميع فيما بقي محسن تحث الكراسي الخلفية للحافلة مترصدا السائق، خاصة أن أضواء الحافلة تكون مطفأة أثناء العودة. وبوصوله إلى محطة الكولف الملكي استوقفه على أساس أن النوم باغته، حيث فتح له الباب إلا أنه بوصوله خلف السائق عرض عليه تسليمه المدخول اليومي والادعاء أنه تعرض للسرقة.. إلا أن حمو رفض، فوجه له ضربة بواسطة سكين على مستوى الذراع وأخرى على مستوى اليد.. إلا أنه رغم ذلك فقد أبدى حمو مقاومة قوية تجاه محسن الذي لم يجد بدا من معالجته بالعديد من الطعنات إلى أن سقط أرضا مضرجا في دمائه، فصعد فوق جثته وقام بذبحه بطريقة بشعة واستولى على صندوق المداخيل ولجأ إلى الغابة المحاذية للغولف، حيث تخلص من صندوق النقود والسكين مستغلا كثافة الضباب ولم يغادر الغابة إلا بمحاذاة الغولف الملكي..
بعد الاستلاء على مداخيل الحافلة والتخلص من الصندوق والسكين، عمد محسن إلى طلب الأطوسطوب.. وماهي إلا لحظات حتى توقفت له سيارة رجلي أمن تعرفا عليه بحكم تردده على أزمور إلا أنهما لم يلاحظا عليه أية علامات اضطراب ولم ينتبها لملابسه، وبوصوله إلى أزمور، غادر في اتجاه منزل أصهاره. وهناك اغتسل من الدماء وغير ملابسه مدعيا أنه تشاجر مع أحد أصدقائه وشاركهم حفل عيد ميلاد ابنته وسلم هاتف الضحية إلى زوجته وقسطا من المال الذي استولى عليه وخلد للنوم. وفي الصباح، غادر في الحافلة المتوجهة إلى أزمور، حيث توجه رأسا إلى المستشفى، إذ لاحظ أصدقاؤه أنه كان من ضمن الأوائل الذين كانوا يبعدون المتطفلين من مستودع الأموات وبنقل النعش إلى المنزل حيث كان من بين الأشخاص الذين حملوه وقام بمواساة والدته وأفراد عائلته، كما شارك في حفل التأبين قبل أن يعود إلى بيت عائلته بالجديدة وظل متنقلا بين الجديدة وأزمور إلى أن ألقي عليه القبض، حيث أكد أنه قام بجريمته لوحده.
ورغم أن كل المؤشرات العلمية كانت تدل على أنه هو من ارتكب الفعل الجرمي، حيث تمت مواجهته بهاتف الضحية الذي تم حجزه لدى زوجته وتحليل الحمض النووي، فقد حاول الجاني (محسن) إدخال المحققين في متاهات أخرى عندما حاول تعويم الملف بإدخال شخصين فيه مدعيا أنهما شاركاه الجريمة، حيث تم استقدام الشخصين إلا أن كل التحريات والأبحاث التي تمت في مواجهتهما كانت سلبية خاصة ضبط استعمال الزمن وتوقيت عملهما وتواجدهما في أماكن مختلفة أفضت في الأخير إلى أن الفعل الجرمي كان بمعزل عن الجميع وتم اقترافه من طرف المدعو محسن الذي أقر في الأخير أنه كان يريد فقط توريط زميليه في العمل لحزازات سابقة مما حدا به إلى اتهامهما بالباطل.
وقد أمر القاضي المكلف بالتحقيق لدى الغرفة الأولى باستئنافية الجديدة بوضع المسمى محسن رهن الاعتقال الاحتياطي بعد استنطاقه ابتدائيا مشعرا إياه بالتهم الموجهة إليه بناء على استنطاق الوكيل العام لدى ذات المحكمة.
وتوبع المتهم محسن من أجل جنايات القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المتبوع بجناية السرقة تحت التهديد بالسلاح الأبيض ومحاولة تضليل العدالة،
وأحيل على غرفة الجنايات التي مثل امامها وهو في كامل صحته ثابتا في اجوبته حيث اعترف بكافة تفاصيل الجريمة، موضحا ان دافعه الأساسي في قتل السائق كان بسبب تشريده من العمل بعد أن اوشى به الى مسؤولين بالشركة فتم طرده .
دفاعه طالب المحكمة بإحالة موكله على خبرة طبية جراء خطورة الفعل الإجرامي وإجابة المتهم عن أسئلة المحكمة بسلاسة دون دفاع عن نفسه او تراجع عن أقواله المحكمة برئاسة المستشار نور الدين فايزي، وبعد ان أعلنت عن انتهاء المناقشة انسحبت للمداولة لتصدر قرار الإدانة بالإعدام .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.