اعتبر رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، نزار بركة، الاثنين بالرباط، أن أي محاربة للمخدرات والإدمان عليه تتطلب أن ترتكز على مقاربة شاملة ومندمجة، تستلهم من النجاحات المسجلة على الصعيد الدولي مع الأخذ بعين الاعتبار النهوض بالصحة العامة. وأضاف خلال ندوة حول "السياسات العمومية في مجال محاربة المخدرات: التجربة الدولية، والإصلاحات المغربية"، أنه يتعين أن تذهب هذه المقاربة أبعد من التكفل الطبي لصالح المدمنين على المخدرات وذلك عبر تمكنيهم من فرص الاندماج الاجتماعي والمهني وخلق آليات حقيقية لمواكبة هؤلاء الأشخاص ما بعد العلاج . وقال بركة خلال هذه الندوة، التي نظمها المجلس بشراكة مع اللجنة الدولية لمحاربة المخدرات والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن هذا النهج يقود إلى وضع ميكانيزمات محددة مع تنزيلها محليا واعتماد تتبع دقيق للنتائج. وذكر بركة أن تقرير المرصد الوطني للمخدرات والإدمان سجل وجود ما يقرب من 800 ألف حالة إدمان على مواد غير مشروعة في عام 2014، مشيرا إلى أن ثلاثة آلاف شخص يتعاطون مخدرات عن طريق الحقن، وهو ما يشكل "تحديا حقيقيا" للصحة العامة. وأشار إلى أنه برسم الفترة 2014-2015، استفاد ما يقرب من 10 آلاف شخص من العلاجات التي تقدمها مختلف مراكز طب الإدمان المفتوحة، من جهته، شدد الرئيس السابق للبرازيل فرناندو إنريك كاردوسو، رئيس اللجنة الدولية لمحاربة المخدرات، على أن المقاربة القمعية الزجرية لن تحل إشكالية المخدرات، محذرا من أن إيديولوجية العقاب لن تعمل سوى على تكثيف الجريمة. وأشار إلى أن نظاما جديدا لمراقبة المخدرات، يضمن حماية أفضل لصحة وسلامة الأشخاص والمجتمعات على الصعيد العالمي، أضحى ضرورة أكثر من أي وقت مضى، مضيفا أن يتعين أن يتم استبدال التدابير المستلهمة من مقاربات عقابية بمقاربات إنسانية، تنبني، في جوهرها، على خبرة التجارب العلمية، ومبادئ الصحة العامة وقيم حقوق الإنسان. من جانبها، تطرقت العضو في اللجنة الدولية لمحاربة المخدرات، روث دريفوس، لمحاربة المخدرات وفق تصور اللجنة، مبرزة أن الأمر يتعلق، بالدرجة الأولى، باستبعاد تدابير عقابية "غير فعالة" مقابل اعتماد مقاربات صحية واجتماعية أثبتت جدواها. واعتبرت أن تجريم استهلاك وحيازة المخدرات تقوض المبادرات الرامية إلى التغلب على هذه الآفة، وبالتالي تبدو الحاجة إلى "تعديل الطابع القمعي" واختيار نهج "الوضع تحت المراقبة أكثر من المنع". من جهته، دعا رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، إلى عدم أدلجة الحوار الوطني حول هذه الإشكالية وزيادة تعميق النقاش بشأنها وإشراك مختلف الفاعلين المعنيين . وتعتبر مشاركة اللجنة الدولية لمحاربة المخدرات في هذا اللقاء الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وعرفت هذه الندوة مشاركة نخبة من الأكاديميين والأطباء والفاعلين الجمعويين وممثلي قطاعات حكومية.