أخنوش: لا وجود لإلغاء صندوق المقاصة .. والحكومة تنفذ عملية إصلاح تدريجية    أخنوش: نشتغل على 4 ملفات كبرى ونعمل على تحسين دخل المواطنين بالقطاعين العام والخاص    أخنوش يربط الزيادة في ثمن "البوطا" ب"نجاح نظام الدعم المباشر"    الخريطة على القميص تثير سعار الجزائر من جديد    بطولة انجلترا لكرة القدم.. مانشستر سيتي يفوز على مضيفه برايتون برباعية    المغرب يستنكر بشدة اقتحام متطرفين المسجد الأقصى    رئيس الحكومة يجري مباحثات مع وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي    الأمير مولاي رشيد يترأس مأدبة ملكية على شرف المشاركين بمعرض الفلاحة    3 سنوات سجنا لشقيق مسؤول بتنغير في قضية استغلال النفوذ للحصول على صفقات    ''اتصالات المغرب''.. النتيجة الصافية المعدلة لحصة المجموعة وصلات 1,52 مليار درهم فالفصل اللول من 2024    نمو حركة النقل الجوي بمطار طنجة الدولي خلال بداية سنة 2024    الاتحاد الجزائري يرفض اللعب في المغرب في حالة ارتداء نهضة بركان لقميصه الأصلي    بطولة مدريد لكرة المضرب.. الاسباني نادال يبلغ الدور الثاني بفوزه على الأمريكي بلانش    الدفاع المدني في غزة يكشف تفاصيل "مرعبة" عن المقابر الجماعية    التحريض على الفسق يجر إعلامية مشهورة للسجن    بشكل رسمي.. تشافي يواصل قيادة برشلونة    البطولة الوطنية (الدورة ال27)..الجيش الملكي من أجل توسيع الفارق في الصدارة ونقاط ثمينة في صراع البقاء    مهنيو الإنتاج السمعي البصري يتهيؤون "بالكاد" لاستخدام الذكاء الاصطناعي    السلطات تمنح 2905 ترخيصا لزراعة القنب الهندي منذ مطلع هذا العام    بلاغ القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية    زنا المحارم... "طفلة" حامل بعد اغتصاب من طرف أبيها وخالها ضواحي الفنيدق    بعد فضائح فساد.. الحكومة الإسبانية تضع اتحاد الكرة "تحت الوصاية"    الأمثال العامية بتطوان... (582)    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الخميس على وقع الأخضر    منصة "واتساب" تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت    تشجيعا لجهودهم.. تتويج منتجي أفضل المنتوجات المجالية بمعرض الفلاحة بمكناس    نظام الضمان الاجتماعي.. راتب الشيخوخة للمؤمن لهم اللي عندهومًهاد الشروط    مضامين "التربية الجنسية" في تدريب مؤطري المخيمات تثير الجدل بالمغرب    حاول الهجرة إلى إسبانيا.. أمواج البحر تلفظ جثة جديدة    المعارضة: تهديد سانشيز بالاستقالة "مسرحية"    القمة الإسلامية للطفولة بالمغرب: سننقل معاناة أطفال فلسطين إلى العالم    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    3 مقترحات أمام المغرب بخصوص موعد كأس إفريقيا 2025    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعارض السوري جورج صبرة، رئيس المجلس الوطني السوري ل«الاتحاد الاشتراكي»
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 25 - 11 - 2015

ولد جورج صبرة أو «أبو شادي» كما يسميه المقربون منه والذي قضى سنوات قابعا في سجون النظام السوري معارضا لنظام الرئيس الراحل حافظ الأسد ثم لنجله بشار الأسد، بمدينة قطنا بمحافظة ريف دمشق في 11 يوليوز سنة 1947.
بدأ مساره التعليمي تلميذا في مسقط رأسه حيث درس تعليمه الإبتدائي والإعدادي، انتقل بعدها إلى دمشق ليواصل مساره التعليمي حيث تخرج من دار المعلمين العامة سنة 1967، وحصل على إجازة في الآداب بقسم الجغرافيا من جامعة دمشق.
لقد راكم صبرة خبرة سنوات طويلة أهلته ليكون أحد الخبراء التعليميين في بلاده. ساهم هذا الرجل في إدخال البرامج التعليمية للتلفزيون السوري حيث عمل -بعد سنوات قضاها مدرساً للمرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس دمشق وريفها- ضمن مجال الإنتاج التلفزي كمعد ومقدم لبرامج تلفزية تعليمية.
وعُرف صبرة وهو تربوي خبير بتقنيات أنظمة التعليم والتلفزيون التربوي من جامعة إنديانا الأميركية؛ بمشاركته في كتابة سيناريو مسلسل
الأطفال العربي المعروف «افتح يا سمسم».
وتشبع بالفكر الشيوعي منذ شبابه، فكان أن انتسب مبكرا إلى الحزب الشيوعي السوري سنة 1970، وهي تجربة لم تمر بدايتها بردا وسلاما على الرجل حيث سرعان ما تعرض للملاحقة الأمنية سنة 1984. انتخب عضو الأمانة المركزية في حزب الشعب الديمقراطي السوري، وهو الاسم الجديد الذي اختاره لنفسه في 2005 الحزب الشيوعي (المكتب السياسي) الذي أسسه المعارض
السوري المعروف رياض الترك.
وللإشارة فقد تبنى الحزب باسمه الجديد عقيدة أقرب إلى الاشتراكية وتخلى عن الماركسية اللينينية.وحينما خرج السوريون إلى الشوارع للمطالبة بالحرية ضمن أجواء الربيع العربي، ساند صبرة مطالب الشعب ليكون عرضة مرة أخرى للاعتقال شهرا واحدا بتهمة «تحريض الناس للتظاهر»، ثم اعتقل مرة أخرى لمدة شهرين بسبب مشاركته في المظاهرات المطالبة
بإسقاط النظام، قبل أن ينتقل الى العيش في الخفاء.
خلال نهاية الاسبوع الماضي شارك جورج صبرة قي فعاليات الندوة الدولية، التي نظمها «الائتلاف التقدمي» بشراكة مع حزب الاتحاد الاشتراكي حول موضوع العدالة الاجتماعية و تكافؤ الفرص» فكان لنا مع رئيس المجلس الوطني السوري هذا الحوار، الذي يتحدث فيه جورج صبرة بقلب مفتوح عن الواقع السوري وعن ثورة السوريين على نظام الأسد اليوم، وعما عاشه العالم من اعتداء في باريس وكذا حول تغلغل «داعش» في العالم ومسألة اللاجئين السوريين في أوربا.
o كيف تنظرون إلى الملف السوري في ظل المتغيرات الأخيرة ولاسيما تصعيد الدولة الإسلامية والتدخل الروسي؟
n حقيقة، العنصر الأكثر خطورة هو التدخل العسكري الروسي الذي هو بمثابة احتلال للإرادة السورية وللأرض السورية وللمياه الإقليمية السورية وللأجواء السورية، هذا الاحتلال أتى لتحقيق مأربين أساسيين، الأول هو وقف الانهيار السوري الذي كان في حالة انهيار شامل وكذلك لتحقيق مآرب ومصالح اقتصادية للسياسة الروسية في المنطقة، لقد استغل الروس الفراغ الذي تعاني منه المنطقة بسبب انسحابية السياسة الغربية والسياسة الأمريكية وترددها، وأراد الروس من هذه السياسة أن يحققوا وجودهم جيواستراتيجيا في المنطقة.
وأعتقد أن «داعش» هي أحدى مفرزات الإرهاب الذي جرى في بلادنا في الفترة الأخيرة فتوسعت أعمالها داخل سوريا والعراق في المنطقة، وخارج المنطقة مما يعني أن الإستراتيجية التي وضعت لمحاربة «داعش» والإرهاب هي إستراتيجية على الأقل مخفقة لأنها لم تستطع أن تحد من وجود «داعش» أو تقضي عليها ونعتقد السبب الأساسي غياب لدور السوريين في هذه الإستراتيجية.
o كثر الحديث مؤخرا حول حل سياسي دون التخلي عن الرئيس بشار الأسد والمساس بسيادة الدولة السورية. ما رأيكم؟
n هذه رؤية روسية تلتقي مع الهدف الإيراني لإنقاذ بشار الأسد وإعادة تأهيله من أجل استمرار النفوذ الإيراني والنفوذ الروسي في سوريا. نحن نقول أن الحل السياسي مطلوب لكن على القاعدة الأساسية التي بنيت عليها العملية السياسية وهي بيان جنيف بتاريخ 30 يونيو 2012، كان ذلك مشروع الأمين العام السابق للأمم المتحدة السيد كوفي عنان والذي اعتُمد بقرار مجلس الأمن رقم 2118 واعتُمد بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة 262 لعام 2013، كذلك بُني عليه مؤتمر جنيف 2 وهو مؤتمر جرت فيه مفاوضات على جلستين بين النظام السوري والمعارضة، ولكن النظام هو الذي من أفشل ذلك، ويحاول الروس اليوم تغيير هذه القاعدة، أي في بندها الأساس وهو بناء جسم حكم انتقالي كامل الصلاحيات التنفيذية مما يعني ألا يكون لبشار الأسد أي دور في المرحلة الانتقالية أو مستقبل سوريا، يريدون اليوم، أن ينقلوا العملية السياسية من هذا الأساس إلى شكل من أشكال المصالحة مع النظام السوري، وهذا لا يمكن أن يتم بعد كل الذي جرى في سوريا.
لابد أن يذهب بشار الأسد كرمز لهذه المرحلة، مرحلة قتل السوريين وتدمير سوريا واستخدام أسلحة الدمار الشامل لكي نقول للسوريين إن أبواب مرحلة جديدة تفتح على الوطن تتطلب استجابة الجميع للعملية السياسية.
o هل تعتقدون أن سوريا يمكن أن تدخل في حال تنحية الرئيس بشار الأسد وإزاحته من الحكم إلى النفق المسدود مثل ما دخلته بعض دول تجربة الربيع العربي ويجعل مصيرها في حكم المجهول؟
n نحن لا نعتقد ذلك، ففي سوريا النظام لا يسيطر على أكثر من 20 بالمئة من الأرض السورية فذهابه لا يعني شيئا إنما عندما تتم العملية السياسية، فهناك وجود للمعارضة العسكرية والسياسية المعتدلة التي تتوجه نحو بناء نظام وطني ديمقراطي متعدد، كما أنهم اتفقوا على علم الثورة الذي هو علم الاستقلال في منتصف القرن الماضي هم متفقون أيضا على دولة الاستقلال التي كانت فيها حياة دستورية وسيادة قانون وفيها حرية صحافة وحرية أحزاب وتعدد حقيقي وكل الأقليات كانت تعيش إلى جانب الأكثرية في سلم ووئام.
نحن نعتقد أن بناء العملية السياسية على هذا الأساس مع وجود ضمانات دولية لتحقيق هذه العملية السياسية مع فترة انتقالية معتبرة تمر لبضع سنوات، مع مشروع للمصالحة الوطنية، نعده نحن السوريون ونعمل على بلورته، يمكننا أن نخرج سوريا من عنق الزجاجة ونساهم في إخراج المنطقة من حالة عدم الاستقرار والعنف والتطرف والإرهاب الذي تشكو منه.
o في هذا السياق، ما هي، في نظركم، الخيارات المطروحة اليوم أمام المعارضة السورية في ظل الوضع الحالي؟
n الخيار الأول المطلوب هو في الحقيقة ليس خيارا بل ضرورة هو أن يكون ثمة اتجاه إلزامي للمعارضة، تلزم بموجبه نفسها في أن تتوحد رؤيتها وتلتقي على هدف واحد وهو مباشرة العملية السياسية على قاعدة جنيف 1 ثم هناك إقامة العلاقات الحيوية والوطيدة مع القوى المقاتلة على الأرض، مع قوى الجيش السوري الحر، لأن هذه المعادلة بين هذين الطرفين هي الكفيلة بإقامة التوازن ومنع أي انحرافات في المرحلة القادمة، في المرحلة الانتقالية أو في ما بعد، وكذلك ضرورة إقامة أشد أنواع التعاون والتنسيق مع الدول التي دأبت على دعم الثورة السورية منذ بدايتها، وأعني بها المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا.
o وماذا عن المغرب؟
n دون شك، نحن نكن كل الاحترام للمغرب، وفي ذاكرتنا تلك الدعوة الكريمة التي تلقيناها عندما عقد مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في فاس، وكنت شخصيا من بين الذين حضروا ذلك المؤتمر. بالتأكيد نحن نكن أكثر من ذلك للمغرب، نكن الاحترام للمغرب في تجربة الانتقال الديمقراطي أيضا، وخلال هذين اليومين كنت مهتما بمناقشة مشروع المصالحة الوطنية وتجربة هيئة الإنصاف والمصالحة لأننا بحاجة لهذه التجربة، كنا ننظر إلى تجارب أخرى في جنوب إفريقيا وفي البلقان، لكن اليوم لدينا تجربة هي الأقرب إلى روحنا وناسنا وهي تجربة المغرب بخصوص العدالة الانتقالية في المغرب الشقيق، كما أقمت نوعا من العلاقات مع إخوتنا في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من أجل التعاون المشترك، وتزويدنا بأساسيات ونتائج هذه التجربة، والحقيقة أنه ما حصلت عليه يدعوني إلى الاطمئنان، وسمعت عن نتائج طيبة جدا لتجربة الإنصاف والمصالحة، أفرجت عن هذا الاحتقان الذي عرفه المغرب في فترة من تاريخه وساهمت في إحقاق الحق والمصالحة و إنصاف المظلومين الذين تعرضوا خلال مرحلة سابقة لانتهاكات.
o بعد خمس سنوات على انطلاق الثورة السورية، هل تعتقدون أن عسكرة الثورة كان خطأ؟
عسكرة الثورة لم يكن خيارا...
أعني هل عسكرتها لم يكن خطأ؟...
n عندما لا يكون خيارا، فلأنه لم يرتكبه أحد لذلك فهو ليس خطأ، كان حاجة، لذلك هو ليس خطأ ولا خيار بل هو حاجة. يمكن أن تتحدث في هذا الأمر، بلوم، مع بقية دول الربيع العربي، لكن ليس مع سوريا والسوريين، لأن السوريين بقوا أكثر من ستة أشهر يُقتلون في الشوارع كل يوم وهم يصرخون من أجل الحرية والكرامة، ولم يستيقظ أحد لنجدتهم ولم يتقدم أحد لوقف هذا القتل من جانب واحد، لكن هل يحق لأحد أن يعترض على السوريين عندما حاولوا الدفاع عن أنفسهم؟، وهو حق طبيعي، وأذكرك أكثر أنه في مؤتمر فاس، اعترفت أكثر من 117 دولة بحق السوريين في الدفاع عن أنفسهم، إذن كان حمل السلاح هو فعلا ضرورة وحاجة لدفاع السوريين عن أنفسهم، لكن كان الخطأ الكبير هو حالة الاستقطاب التي وقعنا فيها في الثورة السورية نتيجة الاستقطاب الإقليمي والاستقطاب العربي والاستقطاب الدولي، هذه هي المشكلة الكبرى التي عانينا منها، يطالبوننا بالتوحد وهم الذين يعملون على تقسيمنا كل يوم، هذه هي القضية. السلاح هو الذي أورث ضعف القرار السوري الوطني المستقل، لأن حامل السلاح أصبح مضطرا لأن يستمع ويصغي لمن يعطي للبندقية ما تتوجبه، لكن عملية الصراع المستمرة ووعي السوريين تقدم نحو التوحد في الرؤية من أجل حل، حتى لو كان من مواقع تنظيمية متعددة.
o تعيش فرنسا وضعا أمنيا حرجا بعدما تعرضت إليه العاصمة باريس من اعتداءات إرهابية. ما هي قراءتكم لما جرى في فرنسا بشكل خاص وأوروبا بشكل عام، خاصة وأن اعتداءات باريس نفذها إرهابيون عاشوا في صفوف «داعش» بسوريا أو قامت بتجنيدهم؟
نحن نأسف ونتألم لكل مدني، ولكل إنسان يكون ضحية الإرهاب، لكن نتألم ونتأسف أكثر أن يجري ذلك في فرنسا، لأن فرنسا هي من أصدقاء الشعب السوري، والحقيقة قامت باريس بكل أشكال الدعم للسوريين. ونعتقد أن من قام بهذه العملية هم من يريدون أن يخرجوا فرنسا من دورها في دعم السوريين، وأستطيع أن أتهم ببساطة النظام السوري والإيراني وأجهزة الأمن التي هالها أن تستمر فرنسا خلال الخمس سنوات الأخيرة في دعم الثورة السورية، وأنا أعتقد أن فرنسا ستخرج منتصرة، لأن فرنسا انتصرت للحق وللحرية وكونها مكان للحرية. إن لباريس فضل على العالم في تجربة الحرية والديمقراطية، للأسف إنها تتألم الآن من موقفها في دعم الأحرار، لكنني متأكد أن الذين نفذوا هذه العمليات الإرهابية ستفشلهم السياسة الفرنسية ولن تتخلى عن دعم الشعب السوري في الحرية والكرامة لأنها قضية السوريين وقضية الإنسان في هذا العصر أيضا.
o هل في اعتقادكم لتواجد «داعش» في الرقة على الاراضي السورية تأثير على صورة الشعب السوري خاصة في علاقته مع الدول العربية التي تعاني محاولات تجنيد مواطنيها للالتحاق بصوف الدولة الإسلامية؟
من دون شك ومع الأسف، ففي عام 2011 ، من الثورة لم تكن هناك تطرف أو إرهاب، وأيضا عام 2012 لم يكن هناك تطرف أو إرهاب في سوريا ولم يكن هناك لا «داعش» ولا»نصرة».
عامان كاملان، والسوريون يتعرضون للتقتيل دون أن يجدوا من يساعدهم، للأسف المستوى الهائل لعنف النظام البربري والمتوحش وصمت المجتمع الدولي العميق والمؤلم والمؤسف هو الذي أنتج هذه الظاهرة. تجمع بعض المتظرفين وللأسف، من دول عربية وأجنبية أيضا ومن كل جهة مجندين عبر أجهزة وجمعيات، ودخلوا إلى سوريا هم ليسوا خيارنا، وأقول لك إن السوريين هم من يحاربون «داعش» فقد طردوها من محافظة إدلب وطردوها من محافظة «اللاديقية» ويطردونها الآن من «ريف حلب» لأن السوريين هم ضحايا الإرهاب، لكن للأسف، العالم لا ينظر للطرف الثاني من الإرهاب. إرهاب النظام، إرهاب القوات الإيرانية والمليشيات التي أدخلها حزب الله إلى سوريا، ماذا يفعل حزب الله في سوريا، في نظرك، هل يستجم في المصايف السورية؟ ماذا تفعل الملشيات الطائفية التي استقدمت من العراق: كتائب «أبو الفضل عباس»، «الزينبيون»، «الفاطميون، هل هم سياح في سوريا؟. إن محاربة «داعش» والقضاء عليها لا يستقيم إلا بإستراتيجية كاملة لمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله وأنواعه، إرهاب الدولة الذي تمارسه السلطات السورية والسلطات الإيرانية، إرهاب المنظمات «داعش» و»حزب الله» و»النصرة» وغيرها من المنظمات الإرهابية وكذلك التنظيمات الطائفية التي استقدمت من العراق. إن مسألة الإرهاب قضية واحدة وعدو كل الشعوب، عدو للسوريين في المقام الأول لابد أن يحارب بكامله وينظر إليه بالعينين معا لأن الإرهاب تحت العلم الأسود يشبه تماما الإرهاب تحت العلم الأصفر لا فرق بينهما لأنهما لا ينتجان غير الموت.
o نزوح السوريين إلى التراب الأوربي كان بقوة خلال الشهور الأخيرة، هل هذا نتاج لغياب عدالة اجتماعية، وانعدام تكافؤ الفرص كما نناقشه اليوم في هذا الملتقى، أم أنه هروب جماعي من سوريا ،أم أن الواقع السوري اليوم فرض عليهم ذلك؟
n أولا، أشير إلى أن سوريا بلاد الخيرات وأرض تتسع لكل شعبها، بل تتسع للاجئين من كل أنحاء العالم، لا أريد أن أتحدث عنهم كي لا يقال إننا نفتخر في سوريا بذلك ،رغم أنه يحق لنا أن نفعل ذلك. لقد خرج السوريون في العام الخامس من الثورة بعد أكثر من 300 ألف شهيد، وبعد أكثر من 150 ألف مفقود في السجون السورية وبعد أن قتل تحت التعذيب، أكثر من 20 ألف مواطن سوري. فبعد أن أصبحت الحياة مستحيلة في المناطق التي يسيطر عليها النظام وفي المناطق التي تحررت. خرج السوريون لأن الحياة لم تعد ممكنة، خرج السوريون تحت نيران قصف الطائرات السورية وبراميل بشار الأسد وقاذفات القنابل التي زود بها الروس نظام بشار الأسد ومدفعية وصواريخ إيران. وقاسم سليماني الذي يقود العمليات على الأرض العسكرية.
نادى السوريون بمنطقة آمنة يلجؤون إليها كي لا يخرجوا لاجئين إلى بلاد الآخرين، للأسف لم تتحق حتى الآن هذه المنطقة الآمنة ليحموا أنفسهم من البراميل والقذائف وصواريخ سكود، من يمكنه أن يلوم الإنسان إذا أراد أن يقتنص لحظة من الحياة، من حق السوريين أن يحافظوا على أنفسهم، خرجوا وهذا نتيجة الإرهاب المزدوج، إرهاب النظام أولا وإرهاب «داعش» ثانيا، للأسف السوريون الذين عاشوا في عز، عبر التاريخ، في بلادهم، الآن يندفعون ليصلوا إلى منطقة آمنة إلى مكان آمن، ولو على حدود الموت، يجتازون الموت في البحار ويجتازونه على الحدود لأن المخاطر التي دفعتهم للخروج من بلادهم أكبر، وهنا يأتي دور التحالف التقدمي في أن يساهم في بناء بيئة صديقة للسوريين، بيئة يمكنها أن تحتضنهم ولو بشكل مؤقت، لأنهم سيعودون إلى بلادهم،بلاد توفر لهم الشروط بعيدا عن التطرف والكراهية، لأنهم خرجوا بسببها، من الصعب أن نتخيل أنهم سيواجهون في أوربا التطرف والكراهية أيضا، وهذا دور يمكن أن تقوم به كل الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية وكل الديمقراطيين، وكل منظمات حقوق الإنسان في العالم، والسوريون ليسوا لاجئين كيفا كان، ويحق لي أن أفتخر بشعبي، معظمهم مزود بكفاءات علمية وأصحاب شهادات وخبرات عالية يمكنهم أن يساهموا في إعمار البلاد التي يلجؤون اليها.
ودولة القانون هي شكل من أشكال التنظيم السياسي، تخضع في إطاره جميع سلطات الدولة، وبلا استثناء، للقانون، وذلك من خلال توفير
الآليات والوسائل القانونية والمؤسساتية التي تمكن الأفراد من الدفاع عن حقوقهم الأساسية، والضغط على السلطة لأجل احترام هذه الحقوق؛
آليات ووسائل صارمة للمراقبة، تتمثل أساسا في الرقابة القضائية على أعمال الإدارة، إما بواسطة محاكم إدارية مختصة أو بواسطة
القضاء العادي. لكن، السلطة الإدارية هنا ليست وحدها الملزمة بالامتثال للقانون، بل إن جميع السلطات، كيفما كانت، يتحتم عليها ذلك،
بما فيها السلطة التشريعية، والتي تعد واضعة القانون ومنشئته، إذ يلزم المشرع ممارسة اختصاصاته في الحدود التي رسمها له النص
الدستوري ولا يتجاوزها، وهنا أيضا، يكون تدخل القاضي ضروريا، لكن، هذه المرة قاض دستوري، يضمن احترام الدستور. لكن،
مبدأ «دولة القانون» لا ينحصر فقط في خضوع جميع السلطات داخل الدولة للقانون، بل ثمة مجموعة من الشروط الأساسية لتحقق
هذا المبدأ، وتتمثل أساسا في ضرورة وجود دستور ديمقراطي، يقوم على مبدأ الفصل بين السلط، بهدف حماية الحقوق والحريات
وتجنب أي شكل من أشكال التعسف والاستبداد. وتلعب الرقابة القضائية دورا هاما في هذا الإطار.
هذا المفهوم «الشكلي» لدولة القانون تم إغنائه بمعنى آخر مادي- أعطى للمبدأ معناه الحقيقي وجعله ينطبق على عدد محدود جدا من
دول العالم- يتم بمقتضاه تكريس الحقوق الأساسية، كما هي متعارف عليها دوليا، حيت إنه ومنذ منتصف الثمانينات، سيعرف هذا المبدأ،
انتشارا واسعا ليس فقط في القوانين الداخلية للدول، بل ومن خلال القانون الدولي كذلك، والذي يحفل بالعديد من المواثيق والمعاهدات
والخطابات السياسية الدولية.
لكن، الدول التي تبنت مبدأ «دولة القانون» في أنظمتها القانونية الداخلية، ستواجه تحديات جديدة؛ تتمثل أساسا في ضرورة إصلاح
أنظمتها القانونية والمؤسساتية، وإعادة صياغة تشريعاتها الداخلية، و إنشاء محاكم جديدة، و خلق مؤسسات تضمن تحقيق استقلال
الجهاز القضائي؛ وكلها إصلاحات تصب في إطار ما يسمى: بناء «دولة القانون». هذا البناء سيصطدم بواقع البنيات الاقتصادية
والسياسية والاجتماعية الهشة لهذه البلدان، والتي ستتحول فيها الدولة ضد مواطنيها، وقد تصبح نقمة عليهم، بعد أن كان من المفروض
أن تكون حامية لحقوقهم وحرياتهم.
أما بالدول النامية، الراغبة في إصلاح مؤسساتها وتشريعاتها الداخلية، فإن بناء وإقرار «دولة القانون»، وممارستها لمتطلباتها،
من ديمقراطية وحقوق الإنسان، قد باءت بالفشل الذريع، بل إنها أعطت ردودا عكسية في الكثير من هذه البلدان؛ كالسودان والصومال،
ورواندا، والكونغو، وهاييتي، وكمبوديا... إلخ؛ وكلها بلدان تعاني من الفقر وضعف البنيات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتطاحن
الفصائل العرقية أو الدينية بها، مما جعلها تعاني من حروب أهلية، حولت بلدانها إلى بؤر دموية، تنتهك بها حقوق الإنسان والحريات العامة، على مرأى ومسمع من الدولة، التي وقفت عاجزة على السيطرة على الأوضاع الداخلية لبلادها وحماية مواطنيها.
إن ما يلاحظ بخصوص الإعلانات والخطابات السياسية الدولية والإقليمية، والأدبيات السياسية للمؤسسات المالية الدولية، وللجمعية العامة
للأمم المتحدة ولبعض الأجهزة التابعة لها، هو كونها من جهة، استعملت مفهوم «دولة القانون»، بمعناه الضيق؛ أي ضرورة خضوع الدولة
وجميع سلطاتها للقانون- وهنا القانون ليس فقط القانون الداخلي، بل أيضا القانون الدولي- وذلك باعتبار أن نظام «دولة القانون» هو الكفيل
بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للمواطنين وحقوق الأقليات، المتعارف عليها دوليا. ومن جهة أخرى، وظفت مفاهيم ثمينة
وغالية لدى المدافعين عن حقوق الإنسان والديمقراطية، مثل قدسية الإنسان ومحاربة الفقر والشرعية، مما جعل من مفهوم
«دولة القانون»، بالقانون الدولي، بمتابة لواء مرفوع، وعلى جميع أعضاء المجتمع الدولي الالتفاف من حوله. وبذلك، أصبح لمبدأ
«دولة القانون» بعدا جديدا، حين ربطت بينه وبين الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية ومفاهيم أخرى؛ مثل الحكامة الجيدة، وإقرار
السلم والأمن، ومحاربة الفقر. لكن، السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما العلاقة بين «دولة القانون» وكل هذه المفاهيم؟
يرى مانحو المساعدات لدعم الإصلاحات القانونية والمؤسساتية الهادفة لترسيخ دولة القانون ونشرها بالأنظمة الداخلية للدول،
بأن «دولة القانون»، تعد وسيلة أساسية لتحقيق الديمقراطية وترسيخ حقوق الإنسان ، وتعتبر عنصرا مهما لتحقيق الحكامة الجيدة
وتعزيز الأمن والسلم ، بل إنها غدت في الآونة الأخيرة، وسيلة فعالة لتحقيق الازدهار الاقتصادي ومحاربة الفقر وتحقيق المساواة
بين الجنسين. هناك تطورين أساسيين عرفهما مبدأ «دولة القانون»؛ الأول يتمثل في مدى توفر الآليات القانونية والمؤسساتية
التي تجعل من الدولة وسيلة فعالة لحماية الحقوق والحريات الأساسية للأفراد، وتمكنهم من الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم الأساسية،
والضغط على السلطة لأجل احترامها؛ وهذه الوسائل والمؤسسات تختلف من دولة لأخرى، سواء في تسميتها أو في مضمونها.
أما التطور الثاني، فيتمثل في انتقاله إلى القانون الدولي، وتكريسه بمواثيق وأدبيات المؤسسات الدولية، والتي استعملت مفهوم
«دولة القانون» بمعناه الواسع؛ أي ضرورة خضوع الدولة وجميع سلطاتها للقانونين الداخلي والدولي، لأجل حماية حقوق
الأفراد والحريات الأساسية، وضرورة توفر المؤسسات الإدارية والقضائية لتحقيق ذلك، كما أنها استطاعت أن تعطيه بعدا جديدا،
حين ربطت بين هذا المبدأ ومبادئ أخرى لا تقل أهمية؛ كالديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية والحكامة الجيدة وإقرار
السلم والأمن ومحاربة الفقر.
وفي المغرب، شكل مبدأ «دولة القانون» والحد من تعسفها أحد أهم الإصلاحات التي جاء بها الدستور الجديد، حيت نجد، ومنذ التصدير،
التالي «إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة
مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن
والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات
المواطنة . . .». « . . . إن المملكة المغربية، الدولة الموحدة، ذات السيادة الكاملة، المنتمية إلى المغرب الكبير، تؤكد وتلتزم بما يلي:
حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما مع مراعاة الطابع الكوني لتلك
الحقوق، وعدم قابليتها للتجزيء؛ حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي
أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان؛ جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق
أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على
ملائمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة».
وفي الباب الثاني عشر المتعلق بهيئات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، نص الدستور كذلك على مجموعة من المؤسسات،
باعتبارها مؤسسات دستورية تعنى بحماية والنهوض بحقوق الإنسان والحريات، وهي:
أولا- المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛ وهو «مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة، تتولى النظر في القضايا المتعلقة بالدفاع عن
حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وبضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها وبصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات
والمواطنين، أفرادا وجماعات، وذلك في نطاق الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال» (الفصل 161).
وقد حدد الظهير الشريف رقم 1.11.19 الصادر في 18 من ربيع الأول 1431 الموافق لفاتح مارس 2011، نظامه الداخلي،
وقواعد تنظيمه وكيفيات تسييره وممارسته لاختصاصاته، وعقد اجتماعاته ومداولاته، وتشكيل وتنظيم مجموعات عمله ولجانه
وهياكله الإدارية والمالية، وإجراءات تلقي الشكايات وشروط قبولها ومسطرة الاستماع إلى الأشخاص والأطراف المعنية،
وشروط وكيفيات تسليم الجائزة الوطنية لحقوق الإنسان، وكيفيات تأليف اللجان الجهوية وعدد أعضائها وتنظيمها وكيفيات سيرها،
وكذا كيفيات التصويت على القرارات التي يتخذها المجلس.
كما كلف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، في وقت سابق، بمتابعة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، والواردة في
تقريرها الختامي، بمقتضى الخطاب الملكي الموجه للأمة في 06 يناير 2006، بمناسبة انتهاء ولاية هيئة الإنصاف والمصالحة
وتقديم الدراسة الخمسينية حول التنمية البشرية، والذي ورد فيه: «وإذ نشيد بالجهود المخلصة لهيئة الإنصاف والمصالحة،
رئاسة وأعضاء، فإننا نكلف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بتفعيل توصياتها، كما ندعو كافة السلطات العمومية إلى
مواصلة التعاون المثمر مع المجلس، لتجسيد حرصنا الراسخ على تعزيز الحقيقة والإنصاف والمصالحة».
وأكد الخطاب الملكي لعيد العرش في 30 يوليوز 2006 على هذا التكليف، حيث جاء فيه: «وضمن هذا التوجه، وافقنا على نشر
التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، غايتنا من ذلك توطيد الثقة في الذات، وقد أنطنا بالمجلس الاستشاري لحقوق
الإنسان متابعة تفعيل توصيات هذا التقرير، وأمرنا السلطات العمومية بتيسير إنجاز هذه المهمة، كل في مجال اختصاصه،
بما يمكننا من ترسيخ دولة القانون وتحقيق الإنصاف».
وتجسيدا لهذا التكليف، عمل المجلس على متابعة تفعيل التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة، باعتماد تصور
ومنهجية عمل تقوم على تحديد مجالات المتابعة والأطراف المعنية بها وأدوات العمل. وقد مكن ذلك المجلس من إحداث
لجن متعددة التكوين، سواء من أعضاء المجلس أومن الجهات والقطاعات والمصالح الحكومية المعنية ومن فعاليات المجتمع المدني.
ثانيا - مؤسسة الوسيط؛ الذي يهتم بالنظر في تظلمات الأفراد ضد الإدارة، من خلال خطوات جادة وعملية، في مجال تقييد
تصرفات الإدارة وإخضاعها للقانون، وفي نفس الوقت حماية الحقوق والحريات الأساسية من تعسف السلطة.
و»الوسيط؛ مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة، مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين،
والإسهام في ترسيخ سيادة القانون، وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، وقيم التخليق والشفافية في تدبير الإدارات
والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صلاحيات السلطة العمومية» (الفصل 162).
فعلى إثر الحصيلة المتواضعة لمؤسسة ديوان المظالم، في تحسين العلاقة بين الإدارة والمواطن، ونظرا للدور الذي أضحى
يضطلع به المغرب، على مستوى مؤسسات الوساطة الدولية، في نشر ثقافة الحكامة الإدارية، وإلى جانب التطورات المتلاحقة
التي شهدها العالم العربي مؤخرا، والمغرب بصفة خاصة، وفي سياق محاولة الاستجابة للأصوات الداخلية والخارجية، المطالبة
بإصلاح وتأهيل المنظومة المؤسساتية، وجعل الإدارة في خدمة المواطن، اقتنعت الدولة المغربية بضرورة تطوير ديوان المظالم،
عبر تقوية دوره في حفظ وصيانة الحقوق والحريات، وتدعيم تطبيق مبادئ العدالة والإنصاف.
وتمارس مؤسسة الوسيط اختصاصاتها، في نطاق تحسين العلاقة بين الإدارة والمواطنين، سواء الذاتيين أو الاعتباريين، مغاربة كانوا
أو أجانب، فرادى أو جماعات، وكذا بين الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والهيئات التي تمارس صلاحيات
السلطات العمومية، وباقي المؤسسات الخاضعة للمراقبة المالية للدولة، والتي يشار إليها في الظهير الشريف باسم «الإدارة «.
ثالثا - مجلس الجالية المغربية بالخارج؛ و»يتولى على الخصوص، إبداء آرائه حول توجهات السياسات العمومية التي تمكن المغاربة
المقيمين بالخارج من تأمين الحفاظ على علاقات متينة مع هويتهم المغربية، وضمان حقوقهم وصيانة مصالحهم، وكذا المساهمة
في التنمية البشرية والمستدامة في وطنهم المغرب وتقدمه» (الفصل 163).
ويعمل مجلس الجالية المغربية بالخارج على بلورة إستراتيجية وطنية، تأخذ بعين الاعتبار حاجيات أفراد الجالية المغربية،
والنظر إلى مختلف القضايا التي يواجهونها في بلدان المهجر وفي المغرب، عبر تعبئة كافة القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية،
من أجل ضمان حقوقهم وحمايتها، أينما تواجدوا، وذلك من خلال التنسيق مع مختلف الدول المستقبلة للهجرة المغربية ومختلف الفاعلين
الدوليين في ميدان الهجرة، عن طريق نهج سياسة تشاركية وتعاونية وحوار جاد وبناء، من أجل تقريب وجهات النظر والدفاع
عن مواقف المغرب وانشغالاته، فيما يتعلق بحقوق المغاربة المقيمين في الخارج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.