تخفيضات استثنائية.. العربية للطيران تعلن عن تذاكر تبدأ من 259 درهما على 150 ألف مقعد    الكونغرس يقر مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    ما حقيقة المقابر الجماعية في مجمع ناصر الطبي؟    رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك ب "الملياردير المتغطرس"    بطولة انجلترا: أرسنال ينفرد مؤقتا بالصدارة بعد فوز كبير على تشلسي 5-0    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل للمباراة النهائية على حساب لاتسيو    توفيق الجوهري يدخل عالم الأستاذية في مجال تدريب الامن الخاص    الصين تدرس مراجعة قانون مكافحة غسيل الأموال    نانسي بيلوسي وصفات نتنياهو بالعقبة للي واقفة قدام السلام.. وطلبات منو الاستقالة    الولايات المتحدة.. مصرع شخصين إثر تحطم طائرة شحن في ألاسكا    الصين: أكثر من 1,12 مليار شخص يتوفرون على شهادات إلكترونية للتأمين الصحي    إيلا كذب عليك عرفي راكي خايبة.. دراسة: الدراري مكيكذبوش مللي كي كونو يهضرو مع بنت زوينة        محلل رياضي مشهور: أمرابط بمانشستر ليس اللاعب المتألق الذي رأيناه مع المنتخب المغربي في قطر    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    حزب الله يشن أعمق هجوم في إسرائيل منذ 7 أكتوبر.. والاحتلال يستعد لاجتياح رفح    رحيمي والعين قصاو بونو والهلال وتأهلو لفينال شومبيونزليگ    موقف بركان قوي واتحاد العاصمة ضعيف وها الأحكام اللي يقدر يصدرها الكاف فقضية الغاء الماتش بسبب حماق الكابرانات    "الأحرار" يحسم الاقتراع الجزئي بفاس    سيراليون دعمات الوحدة الترابية للمملكة.. هو الحل الوحيد لي عندو مصداقية    تلاميذ متميزون يستكشفون آفاق الدراسة في كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة    رد قوي من طرابلس على التكتل مجهول الهوية لي بغات تخلقو الجزائر.. ليبيا شكرات سيدنا على دعمه الثابت لقضيتها وأكدات أهمية تعزيز اتحاد المغرب العربي    الحوار الاجتماعي.. الحكومة والنقابات داخلين فمفاوضات مكثفة على قبل الحق في الإضراب وحرية العمل    المنتخب الجزائري لكرة اليد شبان ينسحب من مواجهة المغرب بسبب خريطة المملكة    لومبارت كوساك : الفلاحة .. العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي "غنية جدا"    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    ميارة يستقبل فيرا كوفاروفا نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    يهم البذور والأغنام والحليب.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما الفلاحي    الأمثال العامية بتطوان... (580)    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأديب عبد الرفيع جواهري ضيفا على برنامج "مدارات"    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    تفتيش شابة على متن حافلة ببني ملال يسفر عن مفاجأة    تداولات البورصة تغلق على "أداء سلبي"    فرنسا معولة على مخابرات المغرب فتأمين أولمبياد باريس وها شنو گال جيرالد دارمانان    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)    سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف        وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شباب الفايسبوك.. طموحات وأحلام في حاجة إلى بوصلة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 25 - 01 - 2016

«الكود ..الباسوورد.. الرقم السري .. المودباس .. النويمرات ..» تنويعات لفظية لمسمى واحد اسمه الارتباط المجاني بالأنترنيت.
أصبح إقبال القاصرين على المواقع الاجتماعية يطرح إشكاليات تربوية و اجتماعية و قانونية رغم أن إدارة مواقع التواصل الاجتماعي حددت سنا أدنى للتسجيل في مثل هذه المواقع . كما اشترطت ضرورة موافقة ولي الأمر . فموقع فايسبوك، حسب الأستاذ غسان باحوأمرسال المحامي بفاس، حدد السن الأدنى في 13 سنة. إلا أن آليات المراقبة ، لا تسمح بتحقيق نتائج ملموسة بسبب التحايل بإعطاء سن وهمي. ويوضح الأستاذ أمرسال أنه بالرغم من أن القانون الجنائي المغربي حدد سن الرشد الجنائي في 18 سنة ، فقد سجلت في هذا الصدد عدة جرائم للتحرش بقاصرين أو استعمال صورهم لأغراض جنسية ،أو تسبب هذا التواصل في ارتكاب جرائم مثل هتك عرض قاصر بدون عنف أو اغتصاب.
لقد أصبح إقبال القاصرين على المواقع الاجتماعية يطرح إشكاليات تربوية و اجتماعية و قانونية رغم أن إدارة مواقع التواصل الاجتماعي حددت سنا أدنى للتسجيل في مثل هذه المواقع . كما اشترطت ضرورة موافقة ولي الأمر . فموقع فايسبوك، حسب الأستاذ غسان باحوأمرسال المحامي بفاس، حدد السن الأدنى في 13 سنة. إلا أن آليات المراقبة ، لا تسمح بتحقيق نتائج ملموسة بسبب التحايل بإعطاء سن وهمي. ويوضح الأستاذ أمرسال أنه بالرغم من أن القانون الجنائي المغربي حدد سن الرشد الجنائي في 18 سنة ، فقد سجلت في هذا الصدد عدة جرائم للتحرش بقاصرين أو استعمال صورهم لأغراض جنسية ،أو تسبب هذا التواصل في ارتكاب جرائم مثل هتك عرض قاصر بدون عنف أو اغتصاب.
ويشرح ذ: أمرسال البعد السيكولوجي والقانوني للظاهرة بكون هذا النوع من التواصل بات يأخذ جل وقت هؤلاء القاصرين و يؤثر في تربيتهم و تكوينهم النفسي و مردوديتهم الدراسية. فمرد ذلك بالأساس إلى غياب رقابة فعالة لأولياء الأمور أو عدم قدرتهم على منع أبنائهم من ذلك لمبررات عدة. ويراهن الأستاذ المتحدث على التنسيق بين المؤسسات التعليمية و أولياء التلاميذ كحل لهذه المعضلة ، مؤكدا على أهمية القيام بحملات تحسيسية من قبل متخصصين في المجال القانوني لتوعية القاصرين و القاصرات بهذه الممارسات الناتجة عن عدم الوعي بخطورة الأفعال و اللامبالاة، والتي قادت البعض للسجن و آخرين للانحراف وضياع مستقبلهم.
وفي السياق نفسه ، يسجل الروائي المصري عبد الواحد محمد التأثير السلبي لهذا النوع من الارتباط الشبابي حيث ينعكس على العقل التربوي العربي بآثار غير مألوفة .ويرى أن الصورة التي عليها الوضع اليوم ، قد خرجت عن نطاق الفلسفة التعليمية التربوية الهادفة ، وأخذت طرقا مرفوضة عند بعض النشطاء الفايسبوكيين ، مستدلا بأمثلة من قبيل الإساءة إلى زملاء المهنة الواحدة ،أو الدعاية المغرضة بهدف تحقيق مكاسب مالية و بطرق رخيصة، أو إفشاء معلومات تعرض المؤسسة للخطر، أو فضح العلاقات الخاصة عند الخلاف بين طرف وآخر، أما الناحية الإيجابية فيبرزها الكاتب والصحفي صاحب رواية « حارس المرمى «، في «توسيع هامش الحرية ما يسمح بتنوير العقل العربي التربوي من خلال فلسفة منهجية تعتمد علي بث الابتكار وروح الإبداع وتحفيز العقل البشري للنجاح من خلال وضع خبرات وتجارب يفخر بها الوطن ، وأيضا جذب العقل التربوي إلى حب الاطلاع دوما ودائما . و تدعيم العلاقات الطيبة بين زملاء وزميلات المهنة وتقديم «روشتة» وصفة نجاح لا هدم ،هنا سيكون الفيس بوك صوتا محمودا وصوت وطن» .
حقائق فاضحة
حينما عن ببالي تحضير استبيان أستمزج من خلاله رأي فئة شبابية في موضوع الشباب ومواقع التواصل الاجتماعي « خاصة الفايسبوك، كأبرز موقع اجتماعي تواصلي يسترعي اهتمام الشباب « ، حرصت على أن تكون العينة من الجنسين ومن مختلف الشرائح والأعمار، بدا لي الأمر شيقا وممتعا للوهلة الأولى ، لكن عندما بدأت الردود المتحمسة وأحيانا المتهورة تصلني تباعا، وجدت نفسي مثل ثور جامح لا يقوى على السير دون أن يرتطم ، كانت قراءة الإجابات «الطلاسم» وتفكيك رموزها أشبه بعملية تحقيق مخطوطات تعود إلى القرون الوسطى ، وبات علي أن أتقمص بقليل من الخبرة ودون تردد ، مهمة محقق تاريخي لنصوص غابرة من غير امتلاك حقيقي هذا المنهج العلمي الدقيق .
أولى المعيقات ،يمكن تلخيصها في صعوبة قراءة بعض الإجابات ،وهي تكشف الوجه البشع لمنظومتنا التعليمية، فالطالب في السنة الثانية باكالوريا يعبر عن رأيه بلغة هجينة مولدة بلا ملامح لا هي عربية ولا فرنسية ..هي عبارة عن رموز وأرقام . جمل وعبارات لا شكل ولا لغة ، المفاهيم الواردة لا دلالة لها ، إجابات سطحية ومختزلة ومقرفة أحيانا ،تجسد في مجملها رموزا ذات دلالات جنسية تتشكل داخل مجموعة من الانحرافات بلبوس أخلاقي مائع ، والمحصلة ،مجموعة أفكار وتدوينات لا رابط يجمعها سوى الانحلال ..بكل أبعاده ومستوياته ، أوفي أحسن الأحوال، كان الوضع مجرد استعراض للمأثور الشعبي التقليدي في شقه « المحظور « والمحرم من أمثال شعبية دون تحليل ولارابط منطقي يحكمها ، إنه مجرد اجترار لنفس الفكرة وتكرار ممض لمضمونها ،وحدثت نفسي لحظتها ..إذا كان هذا هو باب الدار فكيف فناؤها ياترى ؟
وتعتبر الحقيقة أو الصراحة والمصداقية الغائب الأكبر في مجمل الأجوبة ، لكن والحقيقة تقال ، أن المرور بنكهة الفلسفة على مجموع تلك الردود والإجابات بمختلف صيغها وأنساقها ، من تحليل وتأمل ومعالجة فكرية، تحتاج إلى دارس متخصص حتى يتسنى الإحاطة الضرورية بعناصر الإجابة وتحديد أدوات العمل المطلوبة في عملية تحليلها والخروج بخلاصات علمية مستنيرة ومضيئة تفيد المدرسة المغربية والمجتمع برمته.
تكشف لنا القراءة الأولية لخلاصة الاستمزاج في ضوء الصعوبات التي أشرنا إليها، حقيقة واحدة ، أن الارتباط بالأنترنيت عبر الهواتف الذكية وغيرها ،باتا قبلة الشباب بدون منازع، وأن المقهى كفضاء عمومي أفضل مسرح لبلورة هذه التجربة وإخصابها ، ثم أن استثمار هذا المعطى على النحو الأمثل من قبل البعض ،من شأنه أن يحقق تطورا نوعيا على مستوى هذه الفئة العمرية التي تشكل عماد المستقبل ورهان المغرب لركوب عصر العولمة بثقة محسوبة .وخلافا لذلك ، كما تفعل بعض المقاهي الراقية التي اجتهدت لتوفير فضاءات معزولة للجنسين بستائر مخملية وأثمنة مرتفعة ومبتزة ، يعد انزلاقا غير محمود العواقب، ليس لشباب المرحلة فقط ، بل بالنسبة للمجتمع برمته .
يلخص لنا نادل بمقهى وسط المدينة أوضاعه النفسية في جملة واحدة « الويفي هو السبب « اللعنة على الويفي ولي جابو ...»مضيفا بنبرة فيها غصة» من الجورنان للويفي ..يقصد بعد صداع الجورنان .. جاء دور الويفي ...يالطيف ثم يركز قدمه أسفل طاولة، قبل أن يشرع في تمرير خرقة مبللة فوقها.
حميدة الجامعي متزوج وله طفلان ، يشتغل نادل مقهى وسط حي شعبي آهل ، ورغم أنه عريق في مهنته ، وصاحب تجربة تفوق عشر سنوات في مواجهة الزبائن وتلبية طلباتهم المتعددة، فهو يعيش أوضاعا نفسية لا يحسد عليها « يقول حميدة « الناس باتوا يطلبون الجريدة والمودباس قبل المشروب ! ثم يضيف بنبرة ساخرة بعد أن غمزبعين « أضطر إلى تغيير المودباس كل يوم ؟ بل كل 5 ساعات ، بعد ماكنت لا ألتفت إليه بالمرة ؟ « .
مستنقع بارد
مرتادو المقهى الكائنة في الزاوية المأهولة من حي بنسليمان أغلبهم شباب، وقد دفنوا رؤوسهم على غير العادة ، في شاشات بلورية تتفاوت من حيث الضوء والمساحة والجاذبية ، هذا يشاهد فيديو سرقة ، والآخر يلعب شوطا من مقابلة كرة القدم الإسبانية ، فيما ترتسم الدهشة على محيا شاب على وقع أصوات نسائية تدعو إلى الانخراط في صفقة شبق مشبوهة ..هكذا حول الويفي حياة الشباب من حيوية الشارع وطيشه إلى مستنقع بارد من صورة وصوت ووجدان جاف ، إنه المكان الأزرق الضاج بالآهات والزفرات ، حيث صمت ودخان يكتنف فضاء المقهى ، وما بين الشاب الجالس في الزاوية وزميله سور من زجاج مسلح .
إنه الفضاء الوحيد الذي يقول فيه الشاب ما يريد وما يشاء دونما رقابة ،وما يرغب فيه أن يكون وأحيانا دون ضمير أو وازع أخلاقي أو مجتمعي ، تقول الباحثة التربوية « ب ل» لقد تسمر لساعات أمام جدار من زجاج فاصل ، يترجم سنوات الكبت والقهر والحرمان إلى تدفق عاطفي جامح بوجدان وبلا بوصلة» .
كل الأحلام والانتظارات تنطلق من لحظة الارتباط على الفايسبوك ، لقد اختزل هذا المارد الأزرق حياة الشباب وفكك أوصالها ، وعبث بكل أليافها العميقة، لتصبح عبارة عن إنتاج فيديوهات للمشاهدة بنكهة مرضية ، بلا طعم لكن برائحة ، مصحوبة في الغالب بتعاليق هجينة تكشف ضعف التكوين وهزالة التربية ، مجرد تعليقات بذيئة شاردة واهنة شائخة ذابلة واهنة، وفي أحسن الأحوال مستجدية ومتسولة .
لا شيء سوى الإدمان والتدوين، ومع شساعة الزرقة ، واتساع رقعة الحرية الشخصية تنبجس الصدمات لتعبر عن نفسها تناقضات مريبة تتذاكى في إبراز عيب الناس أكثر مما تكشف حسناتها ، تركيب ومزج وتشويه للصورة كما للحقائق والأشياء ، وحينما لا يجد المرء ما يقوله ، يستعيد نعي خال جد عمته، ويستجدي طوفان الأدعية والمعسول من الكلام.
حين طلب « ر. م» من النادل فنجان قهوة» نورمال Normal» وهو الذي ظل يلكنها « رورمان» هكذا لشهور طويلة ، قبل أن يتدخل أحدهم بلطف لتصحيحها ، يبادر حميدة إلى الانصراف على عجل لأنه يعلم علم اليقين أن وراء الطلب القهوة هناك شيء مقرف إسمه «مودباس» ، لكنه ، سرعان ما سيعدل عن وجومه حين يعرف أن الزبون من فصيلة سخية، فيبادر إلى الهمس « هاد لولاد الله يبدل المحبة بالصبر « يشفطون الواي في ولا يتركون سوى الفتات للكليان».
«الويفي « .. علامة تجارية
ظاهرة الويفي بالمقاهي في كافة المدن والقرى، باتت خدمة ضرورية انضافت الى الجريدة المجانية ، جاءت لتؤثث فضاء غالبية المقاهي حتى ولوكانت من الصنف الرديء . فالويفي عنوان المقهى المدني للاستقطاب الجماعي للزبناء ، لقد أضحى علامة تجارية يعلن عنها بالبنط العريض في المداخل ، وتوزع مع المشروبات ، إنها أفضل طعم لاصطياد أكبر عدد من الزبناء النشيطين من كل الشرائح والأطياف والأعمار ، ولا يقتصر توفير هذه الخدمة على الفضاءات الثابتة مثل المقاهي والمحلات التجارية، بل تجاوزها الى المتحركة كحافلات النقل العمومي بين المدن ..
حينما طلب رشيد، تلميذ السنة 1 باكالوريا ، نقود سيارة الأجرة لوالدته ، كان يعلم أنه بإمكانه قطع المسافة ما بين المؤسسة الخاصة حيث يتلقى الساعات الإضافية ومنزله راجلا ، حتى يتمكن من ادخار المبلغ لاحتساء القهوة ، أو أي مشروب غازي، لكي يستمتع رفقة زملائه من الطلبة ، ويقضي لحظات ممتعة بمقهاه ، فالارتباط بالشبكة بات أولوية ، وبديلا حيويا لاغنى عنه .
ولأن الحيلة لم تعد تنطلي على نادل المقهى ، فقد أصر على تغيير «المودباس» الخاص بالمقهى كل حصة مسائية ، فتكفيه جولة أو مسحة بصرية يستطلع فيها عدد الشباب المرتبطين بالويفي والمتواجدين بجوار المقهى أو الفضاءات المحيطة بها حيث يصل العدد أحيانا إلى 10 ، ليحدد زمن تغييره ، بهذه الوسيلة بات يوسف يتحكم في رفع مداخيل المقهى ، ويجبر الشباب خارج السيطرة على استهلاك مشروب قبل الاستفادة من الارتباط بالشبكة عبر ويفي المقهى .
ويقدم أحد الشباب معلومة لزميله بفخر متقافز» تريد معرفة الهواتف المتصلة بالأنترنيت بالمقهى ؟ « فيرد زميله بتواطؤ ماكر ، أفهم إن وضع كلمة سر أ و كود من حروف وأرقام إلى Wi-Fi ليست دائما الحل الأنجع لمنع جار أو شخص غريب من سرقة اتصالك بالأنترنت . ربما تلاحظ أن جل ارتباطاتك وإبحارك لا تتحرك بالسرعة التي اعتدتها . قد لا تكون المشكلة بسبب السرقة ، إن محاولة الكثير من الهواتف الذكية وغيرها ، استخدام اتصال على شبكتك يجعل الصبيب ضعيفا وبطيئا في أفضل حالاته «.
يقول « ع ز « ساخرا من الأستاذ الزياني موجها كلامه إلى الشلة: « الزياني» دائما يختار أقرب مكان إلى الويفي ، ولأنه يتوفر على هاتف من الحجم الكبير فسيشفط لنا كامل الصبيب ، ولا يترك لنا شيئا «أما زميله «ن ق « فيعلق ساخرا « إنهم الأذكياء المهرة ، يأتون مبكرا ، ويستحوذون على أكبر منسوب للطاقة ، ولا يهمهم أمر الباقي ، أولئك الذين يفضلون الالتحاق متأخرين « .
محمد الزياني أستاذ متقاعد في نهاية الخمسينيات ، مزدوج التكوين . أصبح من مرتادي الشبكة عبر هاتفه الذكي، فبواسطته يعرف خدمات الكنوبس والوضعية الإدارية له على موقع الوزارة وكذا معلومات، ويستقي دروسا ومعلومات بحثية .
ورغم أنه لا يمتلك أي بريد إلكتروني على أي من النطاقات على الشبكة ، إلا أنه أصبح مبحرا ماهرا رغم حداثة عهده بالشبكة . فهو حريص على متابعة المستجدات والإخبار ودائم التصفح ، لذلك تجده دائما مصدر نقاش ساخر بين الأصدقاء حين يقدم مبكرا للمقهى مستمتعا بقهوته ويستغل فراغها من المبحرين ليستحوذ على أكبر نسبة صبيب من الويفي ..».
بين الواقع والافتراض
اختراع الويفي وتطويره جاء لخدمة الاتصالات في داخل شبكة العمل المحلية LAN يقول أحد المهندسين المتخصصين في مجال الاتصال ، ولكن بدون استخدام أسلاك، مضيفا أن في بداية الأمر ، كان الهدف منها هو خدمة أجهزة الحاسوب الشخصي المحمول، ولكن ، وبالتطور السريع لهذه التقنية، أصبحت تخدم متصفحي شبكة الإنترنت العالمية وخاصة في المقاهي والمطاعم والفنادق والمطارات والبنوك. كما أنها أصبحت تلعب دوراً مهماً في تقنية الصوت عبر الشبكة VoIP، وتؤدي خدمة كبيرة الآن في أماكن حساسة كردهات المستشفيات والمواقع الأمنية بجل الدول المتقدمة ،بحيث يتمكن الطبيب أو رجل الأمن من الدخول على تطبيقات معينة لخدمة المرضى أو التعرف على هوية أشخاص غير مرغوب فيهم من دخول أماكن حساسة وغيرها.»
بالعاصمة العلمية فاس هناك المئات من الشركات والفضاءات الخدماتية، مقاهي، مطاعم ، والمحلات التجارية الكبرى توفر خدمة إنترنت مجانية عبر الويفي لزبنائها ، ويقدم الخبراء والتقنيون أفضل خمس تطبيقات في نظام الأندرويد للمساعدة على معرفة كلمة مرور شبكات الويفي ، التي يمكن للراغبين في استخدامها العثور على كلمة السر واي فاي، أثناء تنقلهم ويستفيدون من خدمات الشبكة دون علم صاحبها.
أمر مدهش حقا .. تقول شابة في حوالي العقد الثاني ، لقد تمكن « الويفي « بمعظم مقاهي العاصمة العلمية، من تخفيض درجة التحرش الجنسي بالفتيات بالشارع العام إلى النصف ، تفتل شعرها إلى الخلف بدلال ، وتضيف « لاحظ كيف يدفن هؤلاء الشباب رؤوسهم في تلك الأسوار الإسمنتية السيليكونية بدل تركيزها على أجسادنا نحن الفتيات. الواقع أننا أصبحنا نحن اللواتي نتحرش بهم « لكن أحد زملا ء سعيد سيسجل أنه لم يعد يتلصص على زميلة له خلال فترات دخولها أو خروجها من منزلها صوب الثانوية ، لقد فضل الدردشة معها عبر الواتساب بعد أن عبأ حوالي10 دراهم لهذا الغرض ، ويضيف متسائلا ما العمل ياسعيد بعد أن تم الاستغناء عن هذه الخدمات المجانية لهذه المواقع التواصلية من قبل الفاعلين الاجتماعيين ؟
ويضيف معلقا « من الشارع للواتساب، ومن الوات ساب عاوتني « ليظل الشغب هوهو «وفي هذا الصدد يوضح الأستاذ «ح ت» أن فعل التحرش لم ينتف ولم يختف ، وإنما أخذ اشكالا جديدة في البروز تتماشى وسرعة الوقت والتحولات العولمية الطارئة ، ويختم صديقه ساخرا» إن التحرش انتقل من الشارع إلى العالم الافتراضي ... لا فرق مرجحا كفة ظنه .إنها مسألة تربية و قناعات....لنفترض أن الويفي انقطع...هل ستعود حليمة لعادتها القديمة....؟
« الحمد لله ، تقول أمال بن دحو من كندا «الويفي قام بتربية بعض الناس « لكنها ستستقبل رأيا مخالفا لها من زميلة لها بالمغرب حيث ترد «لم يقم بتربيتهم، بل فقط نقلهم إلى عالم افتراضي بعيدا عن الأعين».
جلس إبراهيم للحظات ثم قام مستاء وحزينا للغاية « فكرون هذا ماشي الأنترنيت « يحدث ذلك على الرغم من أنه مجرد زبون ولا يؤدي فاتورة الارتباط على الشبكة .
إلى ذلك ، وارتباطا بالتطور المارد لتكنولوجيا الاتصال، يتحدث الخبراء اليوم عن ثورة تكنولوجية جديدة في الأفق ، حيث تم الاعلان عن تطور تكنولوجي جديد بعد اختراع «LI-FI»، وهي التكنولوجية اللاسلكية الأكثر سرعة من WI-FI، والتي تقوم بنقل البيانات بسرعة عالية تصل إلى 1 «جيكابايت»، في التجارب التي تم إجراؤها.
وبحسب ما نشره الموقع البريطاني «تيليغراف»، فإن تقنية «LI-FI» أكثر سرعة ب 100 مرة بالمقارنة مع تكنولوجية «WI-FI»، ما يمكن من تنزيل أفلام عالية الجودة في ثوان معدودة، وذلك باختراع من الشركة الإستونية «فيلميني»، التي قامت بتجريب هذه التقنية في المختبرات والمكاتب والبيئات الصناعية في منطقة تالين بإستونيا، وتبين بأنها تستطيع الوصول إلى سرعة واحد «جيكابايت».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.