«صراحة، تقول مديرة مؤسسة تعليمية إعدادية « نحن قمنا بتزيين واجهة المؤسسة وأنفقنا من أجل ذلك من وقتنا وطاقتنا ، وصرفنا أمواﻻ جاءت أصلا من المحسنين، فإذا بنا نتفاجأ اليوم بمجموعة من الخضارة يدنسون كل شيء بعرباتهم ، ويزكمون أنوف آلاف التلاميذ بروائح كريهة ناتجة عن ترسبات نفاياتهم وبقاياهم « ، وتضيف : «أنظر و التقط صورة من فضلك حتى يتمكن قراء جريدة الاتحاد الاشتراكي وكذا المسؤولون بالولاية والعمالة والقيادة بفاس ، أن يطلعوا على حقيقة الوضع، بعد أن أغلق هؤلاء عنوة وعن سابق إصرار كل الممرات المؤدية للمؤسسة التعليمية»، متابعة « جل الأستاذات أصبن بأمراض تنهكهن نفسيا وجسديا ، وتؤثر على مردودهن التعليمي ...». في وقت علا صوت المديرة بدت العربات وقد انتظمت متراصة على طول سور الثانوية الإعدادية قاسم أمين ، منطقة باب فتوج مقاطعة جنان الورد فاس ، وصراخ بعض الخضارة يعلو مناديا زبناء مفترضين ، بدا بعضهم غير معني تماما بما يجري ويدور . ولم تترك مديرة المؤسسة وسيلة أو قناة لم تطرقها لرفع الضرر ، كما ناشدت السلطات العمومية التي لها حسابات بلبوس انتخابي تارة ومزاجي أخرى « ماهذا يامسؤولين؟ جريتو عليهم باش تفرغو الطريق للي باينة، وطلبتو منهم يتخبعو في باب الإعدادية ؟ هذا عيب وعار» . يبدو أن استفحال ظاهرة احتلال أرصفة الطرق العمومية واستنباتها مع غرسها بمختلف السلع والبضائع في إعاقة متعمدة من قبل الباعة لاستقطاب الزبائن، بات تقليدا بئيسا يؤثث فضاءات المدينة العتيقة وأطرافها ، ويزداد الأمر خطورة حين تقف السلطات الموكول إليها الحرص على تنظيم المجال وتنقيته والحفاظ على سلامة المواطنين بتوفير وحماية عبورهم ، مكتوفة الأيدي لا حول لها ولا قوة ، بحيث تبدو غير قادرة تماما على تفعيل القوانين . التطور الخطير اليوم بات هو استيطان فضاءات المؤسسات التعليمية في نية مبيتة لتشويه المؤسسة التعليمية بشكل يمنع الولوج العادي إليها، تقول أستاذة وقد بدا عليها الاستياء والغضب « غير معقول تماما أن تتعثر جلابيبنا في باعة الخردة بعتبة الإعدادية من غير أن تكون لنا القدرة والجرأة على مجرد الكلام فبالأحرى الزجر». ويضيف أستاذ زميل لها « مشيرا إلى أحدهم « إنه مقيم هنا بالباب منذ السابعة صباحا ولا يغادر إلا وقد لوث مدخل الباب الرئيسي للإعدادية ، من غير أن يرف له جفن ؟ « قبل أن يتمتم غاضبا « المطلوب إبعادهم عن باب الإعدادية هناك متسع بالجوار «. وتصرخ أستاذة على مشارف التقاعد « لم يكن الأمر على هذه الشاكلة ، حدث هذا قبل شهرين فقط ، لا توجد ظروف مناسبة للتحصيل الدراسي وجهود الاصلاح تذهب سدى والشراكات بين الوزارة والسلطات مفروغة من محتواها «. ولا يكترث جل الباعة بصراخ الأساتذة ولا باستيائهم . فهم يمارسون حقهم في الاعتداء على الذوق والحياء العام بمزاجية وتسلط أحيانا . « فين باغينا نمشيو لبن سودة ؟ يقول بائع استوطن جانبا من سور الإعدادية تحولت أرضيته إلى مرجة خضراء بفعل أوراق القنارية المتساقطة وقد تبللت بالماء . وسرعان ما تأتي الإجابة « اسمع أولدي كلها ورزقوا .. باب المدرسة يجب أن يكون محميا وسهل الولوج ، حتى يدخل التلاميذ بنظام وبلا مشاكل ... إنه ليس حيزا لعرض الخضر بمدخله ؟ لكن البائع يطوح بصندوق خشبي بقوة غير عابئ بشيء غاضبا وساخرا « اش كيقراو الدمياطي .....» . لتستمر معاناة الأساتذة على امتداد الموسم الدراسي ما يؤثر على الأداء والصحة النفسية والجسدية لأطر الإدارة والتدريس بهذه الإعدادية . « يبدو أن المدرسة باتت الحيط لقصيور للنفايات كما للكرارس والعربات المجرورة وسقط متاع الدوار بأكمله «يردد أحد المواطنين كما لو كان متضامنا مع أي إجراء يستبعد هذه الفوضى ويطهر المدرسة من طفيليات ضارة ومؤثرة سلبا . على صعيد آخر ، بات من الضروري اليوم تخصيص ميزانية استثنائية تعنى بمسح الخدوش وطمسها من على جدران المؤسسات التعليمية كما البنايات والمؤسسات العامة ، ليس هذا فحسب ، وإنما التنصيص عليها في إنجاز المشاريع وفي دفتر التحملات مع التتبع والمواكبة اللازمتين ، مناسبة هذا الكلام ، هو ما تعرفه جدران المدارس و الفضاءات والأبواب ومداخل العمارات والملاعب والمرافق العمومية ، بكتابات بخاخية أو صباغة سوداء ذات جودة عالية ليست مجانية على كل حال . تسويد لعبارات تمجد فريقا رياضيا ، وتطالب أشخاصا بعينهم بالرحيل ، أو تشتم مؤسسات ، تدوينات في مجملها تخدش الحياء العام وتضر أعين الرائي ، مما جعل العين المواطنة تجتر خجلها ، أينما حلت وارتحلت من مساحات مدن أضحت كئيبة ، ولا تسر من يرى .لا يدري المواطن لمن يوجه «التهمة» على وجه التحديد؟ المدرسة ، الشارع ، التلفزيون ... أم لعوامل تأثير أخرى.