شدد فاعلون إعلاميون وحقوقيون ،أول أمس بالدار البيضاء، على أهمية الارتقاء بحق المواطن في الوصول إلى المعلومة كحق من حقوق الإنسان إلى مصاف المكتسبات الإنسانية والتي لا محيد عنها من أجل صحافة حرة ورافعة للديمقراطية ولحقوق الإنسان، وجاء هذا اللقاء الدولي الذي نظم بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة بشراكة بين الاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمة اليونسكو والنقابة الوطنية للصحافة المغربية ويستمر على مدى ثلاثة أيام تحت شعار « من حقك أن تعرف « وترأس أشغال الجلسة العامة وسير أشغالها محمد بنعبد القادر ممثلا لليونسكو والذي اعتبر اللقاء فرصة هامة لتبادل التجارب والخبرات بين جميع الفاعلين الحاضرين من أجل تطوير الإعلام كخدمة عمومية وآلية للتطور المجتمعي. من جهته أشاد جيم بوملحة رئيس اتحاد الصحفيين الدوليين، بالإصلاحات التي يعتزم المغرب القيام بها في مجال الصحافة والنشر، وبالأجواء الإيجابية التي يعرفها النقاش العمومي حول حرية الصحافة وحق الولوج إلى المعلومة. واعتبر بوملحة أن الحق في الولوج إلى المعلومة مرتبط بحقوق الإنسان لأن جميع المواطنين يحتاجون إلى المعلومات ، منددا بالوضع المأساوي المرتبط بممارسة الصحفيين لعملهم، وباستمرار قتل الصحفيين وتعنيفهم والتضييق عليهم، وأكد بوملحة أن الديمقراطية مرتبطة بحرية الرأي والتعبير وسجل عددا من الحالات الخطرة دوليا، حيث بات الصحفيون عرضة للاغتيالات والقتل والتضييق والمحاكمات غير السليمة التي تجرهم إلى السجون. ومن جهته، تحدث عبد الله البقالي عن النقابة الوطنية للصحافة المغربية، راصدا الأجواء الصعبة لحرية الصحافة واستمرار استهداف الصحفيين والاعتداء عليهم من طرف عدة جهات مازالت تعادي الصحافة والحرية ، وشدد البقالي على دور النقابة في التصدي ومواجهة أي مس بحرية الرأي والتعبير واستعدادها لاتخاذ كافة الإجراءات والخطوات النضالية من أجل هذا الهدف. وأشار المتدخل أيضا إلى مبادرات النقابة في المجال التشريعي والعمل مع باقي الشركاء من أجل الوصول إلى منظومة قانونية تحمي حرية الصحافة وتحصنها ماديا ومعنويا، كما تطرق إلى مضمون التقرير الذي أنجزته النقابة بمناسبة 3 ماي وما جاء فيه من رصد دقيق للحياة الصحفية ببلادنا بما لها وما عليها ،و إلى مختلف المعارك التي خاضتها النقابة محليا ووطنيا على مستوى فروعها، وذلك دفاعا عن المهنة والمهنيين. وتدخل مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة في نفس المناسبة حيث قال» بأن المغرب يطمح لإرساء صحافة حرة وديمقراطية ومستقلة تضمن الكرامة لأبنائها.» وأكد الوزير « أن مشروع مدونة الصحافة والنشر المعروض على مجلس النواب يعزز الضمانات المهنية والاجتماعية للصحفيين. وشدد على « وجود إرادة سياسة حقيقية من أجل إصدار مدونة للصحافة والنشر ، عصرية وحديثة تستجيب لانتظارات المهنيين وتعكس تحولا في سلوك السلطات العمومية» وربط الوزير بين تقدم حرية الصحافة والتوفر على مدونة حديثة للصحافة تلغي العقوبات السالبة للحرية وتعوضها بعقوبات بديلة، وتمنع تنفيذ الإكراه البدني للصحفيين في حالة عدم أداء الغرامات، معتبرا أن الاعتداءات على الصحفيين خلال ممارسة مهامهم مرفوضة وغير مقبولة. وسجل في هذا اللقاء المنظم بتعاون مع منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ، التقدم نحو إقرار حماية قانونية لسرية المصادر، وحماية الصحفيين من الاعتداءات، منبها إلى المشاكل التي تعاني منها الصحافة المكتوبة وتهددها بالموت البطيء مستقبلا. أما ميشيل ميوالد ممثل (اليونسكو) بدول المغرب العربي ومدير مكتب اليونسكو بالمغرب فسجل من جهته وجود إرادة قوية بالمغرب للقيام بإصلاحات تشريعية تروم احترام حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا، فضلا عن تضمين الدستور المغربي لحق الوصول إلى المعلومة وحرية الصحافة والتعبير. وذكر ميوالد أن اليونسكو تشجع ظهور ثقافة السلام وحرية الصحافة التي لا يمكن لها أن تكون مثمرة إلا عبر ثقافة الحوار والتفاهم المشترك، داعيا إلى انخراط الجميع من أجل إرساء ثقافة حقوق الإنسان وضمان الكرامة و التنمية المستدامة . وأجمعت باقي التدخلات أن الاحتفال بهذا اليوم يشكل موعدا تاريخيا مهما لتشجيع وتطوير المبادرات المتخذة لصالح حرية الصحافة ولتقييم حالة حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم. وأوضحت أن المشهد الإعلامي بالمغرب يتميز بتعدد الفاعلين ما بين خواص وعموميين ، بالإضافة إلى تعدد المحتوى ، وضمان الولوج إلى مصادر متنوعة تمكن المواطن من صناعة رأيه الخاص بحرية، مبرزين دور الإعلام المتعدد والمتنوع في تحقيق التنمية المستدامة وفي جعل الناس مواطنين فاعلين في دولة الحق والقانون. واستمرت أشغال اللقاء الدولي الذي ينتهي اليوم عبر الاشتغال في لجان مختصة ، وينتظر أن يصدر خلاصات هامة خاصة على عدة أصعدة تهم حماية وتطوير العمل الصحفي في العالم العربي .