في إطار أنشطته الإشعاعية والإعلامية، وللاطلاع على مستجدات مدونة الإعلام وواقع المشهد الإعلامي ومعيقاته، نظم نادي الصحافة لجهة بني ملالخنيفرة، مساء الأربعاء 25 ماي 2016، لقاء مفتوحا مع الكاتب والصحفي عبد الحميد جماهري، احتضنه مقر غرفة التجارة والصناعة والخدمات ببني ملال، في حضور مميز من الفاعلين والجمعويين محليا وإقليميا وجهويا، وعدد كبير من الإعلاميين المشتغلين في الصحافة الورقية والالكترونية، وقد سجل اللقاء تفاعلا كبيرا مع ضيف النادي، من خلال فتحه شهية الحاضرين لعدة تساؤلات حول واقع الإعلام والحراك المغربي والحق في الوصول إلى المعلومة. اللقاء انطلق بكلمة النادي المضيف، تلاها الزميل حسن المرتادي الذي عبر من خلالها عن شرف النادي باستضافة الصحفي والشاعر والمحلل السياسي، عبد الحميد جماهري، في هذا اللقاء الحميمي، مبرزا العطاء الفكري لهذا الضيف الكبير الذي «لا ينضب مثل انسياب مياه عين أسردون التي ارتبط اسمها بمدينة بني ملال، وهو الإعلامي الذي يتماهى بخشوع مع جبروت الكلمة ودفء الأفئدة إنسانيا واجتماعيا وسياسيا»، ذلك قبل توطئة قدمها الزميل سعيد فالق حول الوضع الإعلامي بالمغرب ومنظومة المهنة من خلال استعراضه لبعض القوانين الوطنية المتعلقة بهذا المجال. ضيف اللقاء، عبدالحميد جماهري، حمل معه السيرة الكاملة للصحافة، مستعرضا من خلالها بدايات ظهور الصحافة، خارج المغرب وداخله، إلى الصحافة الحزبية، وتطورها بشكل عام منذ فجر الأحزاب التقدمية الوطنية المعارضة ومعاناتها الطويلة مع انتهاكات حرية الرأي والتعبير والدولة المحتكرة للإعلام السمعي البصري، وتوجهات تكريس منطق التحكم والتغييب لحاجيات الرأي العام، قبل تركيزه على ما يتعلق بالعلاقة الوطيدة القائمة بين الانتقال الديمقراطي وتأهيل المشهد الإعلامي بالمغرب، حيث رأى بأسلوبه الشاعري السياسي أنه «من المستحيل أن يتحقق الانتقال الديمقراطي برسائل العشاق». ومن جهة أخرى، لم يفت جماهري التطرق لمعركة الإعلام في مواجهة التراجعات و»الصوت الواحد التي تود الحكومة الحالية نهجه» من باب «تقوية رجعية المجتمع لغاية تسهيل رجعية الدولة»، وكيف أن «القوانين المهيكلة للديمقراطية والإعلام باتت معطلة مقابل مظاهر التهافت السياسي على تنزيل الفكر المحافظ و الإسلاموي الأممي»، حسب جماهري. وعلى مستوى ما أخذ المغرب يشهده من انفتاح وانفراج سياسي نسبي، وبروز حكومة التناوب ومرحلة الانتقال الديمقراطي، واستفادة الإعلام من ذلك عبر هامش الحرية، أخذت الصحف المستقلة تتناسل بقوة، والأقلام ترتفع بتبني مبدأ الديمقراطية والحداثة وحقوق الإنسان وغيرها من الأصوات التي لم تكن ترددها إلا صحف أحزاب المعارضة، على حد لسان جماهري الذي لم يفته تحليل العوامل المسببة في تراجع مبيعات الصحافة الورقية بالمغرب، أو قراءة الصحف بصفة عامة، مقارنة مع دول أخرى، ذلك بكشفه عما يفيد أن العدد الإجمالي لمبيعات الجرائد لم يعد يتعدى 600 ألف فقط، بما فيها الجرائد المستوردة، في الوقت الذي يصل فيه عدد مبيعات «الخبر» الجزائرية وحدها مثلا إلى مليون و600 نسخة يوميا. وعلى هذا الأساس أكد جماهري أن ما وصفه ب «معضلة تراجع سوق القراءة» قد أضحت تطرح السؤال الكبير: لماذا لم يعد معدل القراءة بالمغرب لا يتجاوز الدقيقتين في السنة مقابل نحو 72 ساعة في دول أوروبا؟، قبل فتحه موضوع تطور مجال الإعلام والصحافة في ظل الثورة الرقمية، وانعكاس ذلك على منظومة القيم وبنية الإنتاج والاستهلاك والرأي العام، ذلك بإشارته لمواقع التواصل الاجتماعي، ومنها أساسا الفايسبوك الذي أصبح، حسب جماهري، يقدم عروضا سياسية تجبر الدولة نفسها على التفاعل معها.