ارتفعت نسبة الديون التي يفوق أجلها 5 سنوات ضمن إجمالي الدين الداخلي للخزينة إلى 86 في المائة، وذلك نتيجة ما يسمى "التدبير النشيط للمديونية"، والذي يقضي بتحويل الديون التي يقل أجلها عن عامين إلى ديون يفوق أجلها خمس سنوات. وبذلك يمكن القول إن حكومة بنكيران لم تنجح فحسب في نقل إشكالية عجز ميزانيتها إلى الحكومات المقبلة، بل إنها رهنت مستقبل الأجيال القادمة. وعرفت المديونية الداخلية للخزينة توسعا بوتيرة قوية مند مجيء الحكومة الحالية، إذ ارتفعت قيمتها بنسبة 52 في المائة منذ بداية ولاية حكومة بنكيران لتصل إلى مستوى 477 مليار درهم نهاية أبريل الأخير، أي ما يعادل حصة 51 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. ويعزى هذا التوسع في المديونية إلى سياسة الهروب إلى الأمام التي انتهجتها الحكومة في مجال تدبير العجز المتفاقم للخزينة، والذي تمحور، من جهة، حول سياسة التقشف التي قوضت القدرة الشرائية لأوسع الشرائح الاجتماعية وعرقلت محركات النمو الاقتصادي، ومن جهة ثانية، إلى الاعتماد الحصري على المديونية بعد خنق قنوات إنتاج الثروة والدخل بسياسات التقشف. وحتى تتمكن الحكومة من الوفاء بالتزاماتها تجاه المؤسسات المالية الدولية وإرضائها لجأت بإسراف إلى ما يسمى "التدبير النشيط للمديونية"، كوسيلة للتغطية على فشلها، وذلك عبر إصدار سندات إقراض طويلة الأجل (أكثر من خمس سنوات) وتوجيه مدخولها إلى شراء السندات التي يقل أجلها عن عامين. أي باختصار إبعاد أجل التسديد النهائي للمديونية إلى ما بعد ولايتها. فمنذ بداية ولاية الحكومة الحالية تشير إحصائيات الخزينة إلى أن قيمة الديون الداخلية الذي يفوق أجل سدادها 20 سنة ارتفع بنسبة 215 في المائة (بين دجنبر 2011 ونهاية أبريل 2016). أما لو أخذنا مجموع الديون التي يفوق أجلها 15 سنة، فقد ارتفعت بدورها خلال هذه الفترة بنسبة 100 في المائة، فيما ارتفعت قيمة إجمالي الديون التي يفوق أجلها 5 سنوات بنسبة 72 في المائة بين نهاية دجنبر 2011 ونهاية أبريل 2011. ونتيجة هذا النشاط الحكومي الرامي إلى نقل آجال تسديد الدين الداخلي للخزينة إلى ما بعد الولاية الحكومية، أصبحت المديونية الداخلية تتشكل بنسبة 86 في المائة من ديون يفوق أجلها 5 سنوات، وبنسبة 60 في المائة من ديون يفوق أجلها 10 سنوات، وبنسبة 41 في المائة من ديون يفوق أجلها 15 سنة، ما يعني أن تسديد زهاء نصف المديونية الداخلية التي خلفتها حكومة بنكيران لن يتأتى إلا خلال ولاية الحكومة الثالثة بعد نهاية ولايته. وفي انتظار ذلك سيكون على الخزينة العامة أداء فوائد سنوية باهظة كتكلفة لهذه المديونية الباهظة. وللإشارة، فإن قيمة المديونية التي يفوق أجلها 5 سنوات بلغت نحو 407 مليار درهم في نهاية أبريل، وبافتراض أنه سيكون على الخزينة أداء نسبة فائدة تتراوح بين 3 و 4 في المائة، فإنه سيترتب عنها أداء مبالغ تتراوح بين 12 مليار درهم و16 مليار درهم سنويا كفوائد.