في البدء, كانت محدودية المنظمين للنشاطات التخييمية ( تنظيم و استقبال إقامات جماعات الأطفال والشباب ) في القطاع الحكومي الوصي على التربية والتعليم ومنه الى قطاع الشباب والرياضة ، وذلك ناتج عن تطور طبيعي للإدارة الاستعمارية التي استنسخت قوانين بلادها على واقعنا، حيث أنه في الأصل كانت المخيمات / المصطافات تنظم من طرف الكنيسة ومدارسها وكرد فعل للدولة بدأ الإشراف الإداري والوصاية التربوية تنتظم وتقمصتها إدارات الدولة كل في مجال اختصاصه مع تطور الأفكار والمدارس الفكرية الاجتماعية والخدمات العمومية ذات الطابع الإنساني، و توسعت دائرة المهتمين الى قطاعات تمتلك حسا وعملا اجتماعيا لمحدودية الأداء الحكومي ، بالخصوص القطاعات شبه حكومية كالمكاتب الوطنية والمؤسسات الكبرى كالأبناك بجانب قطاع المخيمات المدرسية كرافد رئيسي استفاد من إشراف تاريخي مباشر للوزارة على القطاع ، وتوسعت دائرة المنظمين الى قطاعات خاصة أخرى مهيكلة بالخصوص المخيمات المدرسية الحرة تحت لافتات جمعيات أو بشكل مباشر، وظل المتحكم في التأطير وتكوين المؤطرين وتزويد كافة المبادرات الجمعوية والقطاعية المنظمة والتجارية كذلك هو القطاع الحكومي المكلف بالشباب المشرف على تكوين الفاعلين ولو بدون سند قانوني متين، واليوم نجد عندنا ,حيث الطلب تزايد لتنظيم عطلة الأطفال بشكل جماعي، لصعوبة الاستجابة لهذه الرغبات بصفة فردية على مستوى الأسر، تم تقليد فتح المخيمات بشكل متكاثر، فكما تزايد الطلب على النشاط داخل الفضاءات التي تمتلكها الدولة وتنظم فيها النشاطات بشكل مشترك مع منظمات وهيئات تعمل لنفس الغايات ( نظرا لعدم وجود فضاءات خاصة بهذا النشاط الجماعي ) ، دأبت الادارة على تنظيم مخيمات بشكل مباشر لانعدام مرشحين للقيام بذلك حسب بعض المناطق ولكن تم تعميم هذا النوع من التدبير في الوقت الذي أثمرت تجارب المنظمات عن تراكم نوعي وكمي كاف لتدبير ذاتي مباشر لها، ومن هنا غرقت الادارة التي هي مكلفة بحكم القانون بالإشراف على تدبير المخيمات في تسييرها بشكل جعلها في دوامة اليومي الذي هرّب منها الإشراف على كل القطاع لا كفضاءات تمتلكها ولكن كمنشئات يجب معيرتها ونشاطات يجب تقنينها وتنظيم يجب أن يكون خاضعا لمساطر موحدة في دولة واحدة . لقد أصبحت لدينا اليوم مخيمات عمومية (ش ر) المباشرة وغير المباشرة ( الحضرية ) ومخيمات الجمعيات المهتمة كليا أو جزئيا بالمخيمات والتنشيط التربوي الجماعي والجمعيات المهتمة موسميا بهذا النشاط والهيئات التي تستعمل هذا النشاط في اطار تعبئتها وبرامجها العامة، ومخيمات مدرسية عريقة في تنظيم مستقل في فضاءاتها الكلاسيكية المعروفة، ثم مخيمات القطاعات الحكومية وشبه حكومية والعمومية الكبرى التي تنظمها أشغالها الاجتماعية والتي لها منشئاتها أو التي تقترض الفضاءات من الدولة أو من الخواص، ثم مخيمات بعض الشركات الكبرى بنفس شكل السابق الإشارة إليها، وصولا الى قطاع حر جديد متكاثر في الآونة الأخيرة يغلفه بالأساس قطاع تربوي لمؤسسات تعليمية خاصة أو جمعيات تجارية ربحية على الرغم من شكلها القانوني المقلد لجمعيات المجتمع المدني السباقة، والذي يدفعنا اليوم الى هذا الحديث ,هو انعدام معايير فتح المخيمات وإنشائها من حيث مقاييس الفضاءات الجماعية والمنشئات الحميمية بالأساس ,وكذا عدم خضوعها كلها لمسطرة فتح المخيم / المصطاف / المعسكر تشرف عليها إدارة عمومية محددة وكذا معايير التأطير والتسيير ومقاييسها وتدبير كل المخيمات بشكل موحد في اطار توزيع الأدوار بين الدولة والفاعلين باختصاص الإشراف والمراقبة لهيئات لها هذا الدور والذي يجب على القطاع الوصي اليوم عدم التخلي عنه، ويظل التدبير التربوي خاضع لاختيارات العاملين عليه والمنشئين للمخيم والإداري / المالي بإشراف الهيئات الرسمية الأخرى المكلفة بذلك كالجماعات الترابية للرخص والمالية والصحية وغيرها للقطاعات المكلفة بذلك كل في ميدان اختصاصه، إن خطورة الأمر اليوم ,هو فطر غير صالح يتكاثر وسيتكاثر في غياب المعايير والمساطر الموحدة عندما يغرق الإداريون في تسيير لم يعد من شأنهم ويغرق معهم التربويون المعنيون في حل المشاكل المتولدة عن ذلك، وقد كانت تحكم هذه « المخيمات « في زمن ما علاقة المؤطرين بالقطاع إدارة وجمعيات باعتبار ضرورة التكوين الرسمي المفروض ولكن تم تجاوز ذلك في غياب المعايير المتحدث عنها لفتح المخيمات الى «تكوينات « أخرى! وغدونا نصادف «مخيمات « لاهي تربوية بمفهوم التربية الشعبية العتيد ولا هي كشفية بمفهومها العميق ولا هي سياحية ترفيهية فقط لا غير، علينا جميعا أن نساهم في توضيح هذه الأمور اليوم،علينا أن نتحمل مسؤولياتنا كل في مكانه الطبيعي ، حتى نحد من تدخلات وانزلاقات غير مسؤولة في قطاع بريء مثل براءة المستفيدين منه. هذا بالإضافة للكلفة المباشرة وغير المباشرة التي تحتسب لهذا النشاط, فمن تقتير على أبناء المخيمات العمومية الى إسراف بعض القطاعات، الى استغلال ظروف العائلات ومأزق تنظيم ملء فراغ الأطفال في العطل ب»تنظيم» خارج كل المقاييس التربوية وحتى السياحية . وفي سياق مرتبط بالموضوع بشكل آخر نعيد اليوم مقترحا سبق وأن طرحناه كاستمرار لنفس المنطق الذي يؤطرنا: مقترحنا هو العمل على إدراج إصلاح المخيمات العمومية التي تمتلكها الدولة ولا تستطيع توسيعها و تحسينها واعادة تأهيلها وتلك التي يمكن أن تنشئ ضمن برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في اطار دينامية التنمية المجتمعية ومحاربة الهشاشة إسوة ببعض البرامج التأهيلية المجتمعية الأخرى التي تستفيد منها مدن وقرى بشكل ملفت للانتباه ومهم جدا ، وإفادة مراكز التخييم بدعم مالي موجه لتجديد المنشئات إقامة وتغذية واستقبال الاطفال وأنشطتهم وتجهيز ذلك بما يليق من أدوات التخييم للحياة الجماعية المادية والتربوية وتجهيزات بيداغوجية، في تجاه الرفع من حمولاتها ومستوياتها وتأهيلها لاستقبال واستقرار آمن و نافع ولتجاوز المبادرات المحدودة وغير المتكافئة القائمة اليوم لإفادة عدد محدود من الأشخاص من امتيازات بعينها محدودة في الزمان والمكان في اطار مبادرات غير ذات بعد اجتماعي تهدف استعمال المبادرة في اطار مزايدات انتخابية سياسوية وحتى البرمجة التي تقوم بها بعض الجماعات المحلية فهي لا تروم إفادة المخيمات كمنشئات ,بل إفادة محدودة لأعداد محدودة من الأطفال التابعين للجماعة بدون رؤيا شاملة وبدون برامج منسجمة مع مخططات تطوير الجماعات ذاتها ؛ كل ذلك في إطار خطة وطنية مندمجة تروم تطوير القطاع كله بالرفع من مستواه ومن المستفيدين منه استجابة للحاجات المجتمعية التي تتأكد يوما بعد يوم.