لا زالت بلدة بومية، إقليم ميدلت، حسب مصادر "الاتحاد الاشتراكي"، تعيش على أعلى درجة من الغضب والسخط الشعبي بفعل الأزمة الخانقة في الماء الشروب، ذلك رغم سلسلة من الوعود والتطمينات التي تلقاها السكان في العديد من المرات والمحطات الاحتجاجية، وإلى حدود الساعة لم تتخذ الجهات المسؤولة أية تدابير عملية لاحتواء لعنة العطش وانعدام الماء، رغم ما قيل حول إمداد البلدة بمياه سد الحسن الثاني بميدلت. وكم استفحل الوضع خلال فصل الصيف، بالنظر لارتفاع حاجة المواطن للماء، كما أنه في كل مرة تقترب فيها الأزمة من "حل وهمي" تفاجأ الساكنة إما بقلة المياه أو انقطاعها، إذا لم تأت الصنابير بهذه المادة الحيوية وهي ملوثة وكريهة الرائحة وغير صالحة للشرب، ما يضاعف تخوف السكان من تأثير ذلك على صحتهم وصحة أبنائهم، وكان طبيعيا أن ينضاف ذلك إلى مشكل الانفلات الأمني الذي استفحل بشكل واضح، خلال الأشهر الأخيرة، هذا الوضع الذي رفع من مطالب الشارع بضرورة إنشاء مفوضية للشرطة. ولعل مختلف المسؤولين أبوا إلا التعامل مع مشكل الماء، ومع شكاوى المواطنين، بنوع من الاستخفاف والاستهتار عوض التفكير الجدي في طرق ناجعة تنقذ حوالي 40 ألف نسمة ببومية من أزمة الماء، ومن القنوات الصدئة والمتهالكة، وكم من يوم نزلت فيه الساكنة إلى الشارع للاحتجاج دون آذان صاغية، وبينما قفز الموضوع إلى عدة منابر إعلامية ومواقع الكترونية، فالمؤكد أن الجهات المسؤولة على قطاع الماء لا تشعر بالخجل أمام إثقال السكان بالفاتورات الملتهبة. ومن المشاهد اليومية المتكررة، يضطر البعض من سكان بومية، وفق مصادر "الاتحاد الاشتراكي"، إلى تحمل مشاق "سباق المسافات الطويلة" بحثا عن الماء الصالح للشرب بين العيون الطبيعية مثل "عين تانوردي" أو "عين إخف أوكرسيف"، كما يسميها أهالي المنطقة، والتي تبعد عن بومية بحوالي 24 كيلومترا، أو عين تقع ب "إغزديس" على بعد 7 كيلومترات، إذا لم يشد السكان الرحال نحو عين بالنفوذ الترابي لتمْكايدّوت، وتبعد عن بومية بحوالي 30 كيلومترا، حيث أضحى الهم الوحيد للمواطن هو ملء كل القارورات والخزانات بالماء لتغطية حاجته اليومية من الماء. وصلة بالموضوع، لم تتوقف مكونات المجتمع المدني عن احتجاجاتها حيال أزمة الماء الشروب، ومنذ عام 2012 وصيحات الشارع المحلي ترتفع، حيث كانت القناة الأمازيغية المغربية، على حد أرشيف "الاتحاد الاشتراكي"، قد بادرت، خلال شهر غشت من السنة المذكورة، عبر برنامجها "تواصل"، إلى استضافة بعض الفاعلين الجمعويين من جماعة بومية، وتمحور النقاش حول وضعية الماء الشروب بالبلدة، في حين فات للمدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، علي الفاسي الفهري، ان استقبل بمكتبه بالرباط، وفدا عن الإقليم بخصوص ملف الماء، غير أن نتائج اللقاء تبخرت. كما لم يتوقف فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، منذ العام الماضي 2015، عن إصدار بياناته التي أعلن فيها عن تنديده بتجاهل مسؤولي المكتب الوطني للماء الصالح للشرب لمشكل تلوث الماء المعد للشرب، ولقنواته المهترئة ببومية، محملا المسؤولية لهذا المكتب في أي وباء أو أمراض قد تنتج عن ذلك، وفات لذات الفرع الحقوقي أن دعا لوقفة احتجاجية إنذارية، خلال منتصف أبريل العام الماضي، بمركز بومية، من أجل التنديد بتردي خدمات المكتب الوطني للماء والكهرباء بالمنطقة.