إقبال كبير من الجالية والنساء.. هذا عدد المغاربة المستفيدين من دعم السكن وتمكنوا من اقتناء سكنهم    حزب الله يشن أعمق هجوم في إسرائيل منذ 7 أكتوبر.. والاحتلال يستعد لاجتياح رفح    أبو عبيدة: العدو عالق في رمال غزة.. وهجوم إيران أربك حسابات الاحتلال    محلل رياضي مشهور: أمرابط بمانشستر ليس اللاعب المتألق الذي رأيناه مع المنتخب المغربي في قطر    طقس الأربعاء.. أمطار ورياح مع تناثر غبار بهذه المناطق    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    رد قوي من طرابلس على التكتل مجهول الهوية لي بغات تخلقو الجزائر.. ليبيا شكرات سيدنا على دعمه الثابت لقضيتها وأكدات أهمية تعزيز اتحاد المغرب العربي    "الأحرار" يحسم الاقتراع الجزئي بفاس    رحيمي والعين قصاو بونو والهلال وتأهلو لفينال شومبيونزليگ    موقف بركان قوي واتحاد العاصمة ضعيف وها الأحكام اللي يقدر يصدرها الكاف فقضية الغاء الماتش بسبب حماق الكابرانات    سيراليون دعمات الوحدة الترابية للمملكة.. هو الحل الوحيد لي عندو مصداقية    تلاميذ متميزون يستكشفون آفاق الدراسة في كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة    الحوار الاجتماعي.. الحكومة والنقابات داخلين فمفاوضات مكثفة على قبل الحق في الإضراب وحرية العمل    لومبارت كوساك : الفلاحة .. العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي "غنية جدا"    المنتخب الجزائري لكرة اليد شبان ينسحب من مواجهة المغرب بسبب خريطة المملكة    بطولة إيطاليا لكرة القدم.. تأجيل احتفالات فريق إنتر باللقب ومباراته ضد تورينو إلى الأحد المقبل    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    وزير فلسطيني: المغرب الأكثر اهتماما وعناية بشؤون القدس    ميارة يستقبل فيرا كوفاروفا نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأمثال العامية بتطوان... (580)    يهم البذور والأغنام والحليب.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما الفلاحي    الأديب عبد الرفيع جواهري ضيفا على برنامج "مدارات"    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    تفتيش شابة على متن حافلة ببني ملال يسفر عن مفاجأة    تداولات البورصة تغلق على "أداء سلبي"    فرنسا معولة على مخابرات المغرب فتأمين أولمبياد باريس وها شنو گال جيرالد دارمانان    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    وهبي لوزيرة العدل ديال الساو تومي فاجتماع دولي: تكلمي السيدة الوزيرة أنت كإمراة عندك الحق تتكلمي عشرين مرة    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    الأقمصة الرياضية التي أرعبت السلطات الجزائرية!    وزير الزراعة والأمن الغذائي بنيجيريا: "نرغب في تعميق علاقات التعاون مع المغرب في المجال الفلاحي"    أمل تيزنيت يستنكر الأخطاء التحكيمية التي ارتكبت في مباراته أمام جمعية المنصورية    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    الأمثال العامية بتطوان... (579)    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرنامج الانتخابي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تحت شعار «55 كفى .. 555 تدبير»

يخوض حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية غمار الاستحقاقات التشريعية ليوم 7 أكتوبر 2016 بإصرار قوي – كما الشأن بالنسبة لمحطات تاريخية سالفة – على الدفاع عن مبادئ الديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية. فمنذ أن تبنى استراتيجية النضال الديمقراطي، كان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية دوما، ولا يزال، حزبا وطنيا رائدا من حيث طبيعة اختياراته الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية المستوحاة من تراثه العريق والمنبثق من صميم المجتمع وآمال الجماهير المغربية. لقد سعى باستمرار إلى إيلاء العناية اللازمة للقضايا المجتمعية الملحة من خلال معالجة مشاكلها وتمظهراتها السلبية واقتراح الحلول والبدائل المقنعة والناجعة التي شكلت مرتكزا قويا لتصوره الشامل للسياسات العمومية المندمجة والمشروع المجتمعي الحداثي. ومن ثمة، لا تتأسس قناعة الحزب بالاستحقاقات الانتخابية على المشاركة من أجل المشاركة أو على الظفر بمقعد هنا أو هناك، بل تقترن بالبرنامج السياسي والمجتمعي المتماسك الذي يتبناه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتي تشكل اللحظة الانتخابية مناسبة سانحة لتداوله على نطاق أوسع وجعله في عمق النقاش العمومي.
إن التصور الفكري والسياسي، المنصت لنبض المجتمع والمستمد من القيم الاشتراكية والهادف إلى توطيد البناء الديمقراطي، يعد فعليا المرتكز الأساس للبرنامج الانتخابي الذي بلوره حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ويدافع عن مضامينه ومقترحاته الرامية إلى إقرار الكرامة والحرية والمساواة والمناصفة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. وحرص الحزب، في تسطير مشاريعه وبدائله، على التفاعل الإيجابي مع التطورات العامة التي عرفها المشهد السياسي والمجتمعي في السنوات الأخيرة، والتعامل العقلاني مع التغيرات الاستراتيجية والسياسية التي شهدتها الساحة الإقليمية والدولية. ولذلك، لم ينعزل مضمون البرنامج الانتخابي لتشريعيات 7 أكتوبر 2016 عن السياق المحلي والعالمي إذ أخذ بعين الاعتبار مجمل التحولات المجتمعية الوطنية والمستجدات الإقليمية والدولية في تقديم أجوبة جديدة وملائمة للقضايا الراهنة.
فعلى المستوى الوطني، وبعد الإصلاح الدستوري لسنة 2011، تميز الوضع المغربي بمحاولة انقلاب كلي على المكتسبات الدستورية والسياسية والديمقراطية والحقوقية عبر تسجيل تراجعات خطيرة تتوخى تثبيت هيمنة إيديولوجية رجعية في الدولة والمجتمع على السواء. وبالموازاة مع ذلك، استهدف المخطط المغرض الجديد ضرب المنجزات الاجتماعية الضئيلة من خلال تبني سياسة اقتصادية يمينية متعجرفة أثرت، بشكل سلبي، في العديد من القضايا المجتمعية الهامة من بينها: قضايا التربية والتكوين والطبقة العاملة والممارسة النقابية والحريات الفردية وحقوق المرأة وحرية الفن والإبداع الثقافي وغيرها. ويمكن القول بأن الخمس سنوات الأخيرة شكلت مرحلة عصيبة للإجهاز على روح الإصلاح الدستوري وتقويض البناء الديمقراطي وكبح التوجه الحداثي كما ترجمه الخطاب الملكي بتاريخ 9 مارس 2011. وهكذا، ظهرت إلى الوجود ملامح شاحبة لمجتمع آخر غير المجتمع المنشود، بتمظهرات بئيسة لعل أخطرها تعميق الفوارق الاجتماعية وتوسيع دائرة الهشاشة وتزايد ممارسات الاحتكار والريع وتسليط القطاع الخاص على القطاع العام. وفي مقدمة هذه الحصيلة السلبية الفشل الحكومي الذريع في تحقيق نسبة النمو التي التزمت بها الحكومة غير المتجانسة والمفتقدة للحكامة اللازمة، وهو فشل أكدت عليه المؤسسات الوطنية المعنية بالشأن الاقتصادي والمالي (بنك المغرب، المجلس الأعلى للحسابات، المندوبية السامية للتخطيط).
أما على المستوى الحزبي، فقد استطاع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بوجوده في موقع المعارضة، أن يبلور رؤيته النقدية الثاقبة لمجريات الأحداث في بلادنا، وأن يرصد بعمق الرهانات والتحديات المطوحة على المستويات الديمقراطية والحقوقية والثقافية. وقد أدى الحزب دوره كاملا في المعارضة، سواء داخل المؤسسة التشريعية أو في الفضاءات العمومية، حيث مارس وظيفته النقدية للسياسات العمومية في مختلف القطاعات وقام بواجبه التقييمي والرقابي للتدابير الحكومية المتخذة على مختلف الأصعدة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما انخرط الحزب، بشكل واسع وقوي، في الدينامية المجتمعية التي شهدها المغرب في السنوات الأخيرة والمتجلية في التعبيرات الاحتجاجية والمطلبية للعديد من الفئات الاجتماعية والقوات الشعبية.
وفي ما يتعلق بالسياق الإقليمي والعالمي، أخذ الحزب بعين الاعتبار التغيرات الدولية الكبرى سواء على المستوى الاقتصادي والمالي أو على مستوى السياسات الخارجية والتعاون الدولي. وقد شهد بعض مناطق العالم ومكوناته الكبرى، خاصة الاتحاد الأوروبي، معدلات نمو منخفضة عكست الأزمة الاقتصادية والتجارية التي عرقلت تطور تبادل السلع والبضائع وتدفق الاستثمارات الخارجية. كما طغى، بشكل ملحوظ، المد الإرهابي وموجات العنف والتطرف في العديد من دول العالم، بما فيها البلدان المتوسطية والعربية والإفريقية، مما خلق جوا من القلق الجماعي نتيجة أفعال التدمير وتهديد استقرار المجتمعات. وبالإضافة إلى ذلك، حدثت منعطفات مثيرة في العلاقات الدولية حول جملة من القضايا العالمية والإقليمية أدت إلى تفاعلات متفاوتة الدرجة في المنتظم الدولي ومضاعفة الهاجس الأمني العالمي. وإذ يستحضر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إكراهات السياق الإقليمي والدولي، يحرص بقوة ومسؤولية على أولوية الدفاع عن وحدتنا الترابية والحفاظ على التماسك الوطني سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، مع تعزيز الموقع الاستراتيجي للمغرب في المحيط الدولي، وخاصة في الفضاءات المتوسطية والعربية والإفريقية والمغاربية.
اعتبارا لكل ما سبق، تتمثل التوجهات الاستراتيجية التي حكمت برنامجنا الانتخابي في تجديد أسس الفعل السياسي وتقوية المبادرات الحقوقية وفق المقتضيات الدستورية بغية وقف التراجعات السياسية ومحاربة بنية الفساد وفصل سلطتي المال والسياسة. وتتجلى أيضا في تشييد اقتصاد وطني قوي ومتماسك كفيل بخلق فضاء مشجع على الاستثمار وقادر على تحقيق نسبة طموحة ومنتظمة للنمو، بما يجعله اقتصادا منتجا للثروات ومتيحا لفرص الشغل وقائما على التوزيع العادل والمنصف للمداخيل. كما تتجسد هذه التوجهات الاستراتيجية في بلورة تعاقدات جديدة بين المدرسة والمحيط، وبين الشركاء الاقتصاديين والدولة، وبين الفاعل الاجتماعي والمجتمع. إنها تعاقدات بنفس مغاير تسعى إلى تفعيل إصلاحات تشاركية في منظومة التربية والتكوين وضمان التعبئة الجماعية للرفع من مستوى التشغيل وترسيخ مبادئ الكرامة والعدالة عبر إنجاز مشاريع رائدة للسكن والصحة والحماية الاجتماعية والتأطير الثقافي.
ومن هذا المنطلق، يتميز البرنامج الانتخابي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المتعلق بتشريعيات 7 أكتوبر 2016، بواقعية رؤيته وعمق تصوراته وجودة أفكاره بما يعكس الالتزام الجدي المألوف لحزبنا في تبني السياسات والمبادرات البديلة وتفعيل المشاريع والإجراءات الناجعة. ومن ثمة، يعكس هذا البرنامج الانتخابي المنهجية السياسية لإدارة الشأن العام وتقديم الأجوبة المقنعة على المعضلات المجتمعية الكبرى من خلال مجموعة من التدابير المدروسة والعملية والمقاربة الالتقائية التكاملية بين المجالات والقطاعات. إنه برنامج سياسي ينطلق من منظور الحزب للبناء الديمقراطي من جهة، ويستند، من جهة أخرى، إلى تشبعه بمفاهيم: توازن السلط واستقلالية القضاء واقتران المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الفساد والقضاء على مجتمع الريع. ويعتبر، في الآن نفسه، برنامجا اقتصاديا واجتماعيا بحكم تقديمه لنموذج اقتصادي متكامل يتأسس على البدائل الناجعة في مجالات التنمية والاستثمارات والسياسات المالية والضريبية، ويتسم بمرجعيته الاشتراكية ذات البعد الاجتماعي المتمثل في مواجهة السياسة الليبرالية المتوحشة المفضية إلى إغراق المغرب في المديونية والإخلال بالتوازنات الأساسية التي أنقذت الاقتصاد الوطني منذ تجربة حكومة التناوب. وعلاوة على ذلك، تعد البدائل الحزبية – المناهضة للرجعية والتطرف الإيديولوجي – برنامجا ثقافيا معتزا بالهوية المغربية والتراث اللامادي، ومنفتحا على الحضارات الإنسانية، ومناصرا لحرية الفكر والإبداع. ويتجلى البعد الثقافي القوي في مجمل الإصلاحات الجوهرية المتمثلة في تطوير منظومة الثقافة وتأهيل مجال الإعلام وتقنيات التواصل وإعادة النظر في تدبير الشأن الديني. وسيظل هذا البرنامج منفتحا على التصورات المفيدة والجادة للمؤسسات الاستشارية الوطنية ومراكز البحث العلمي التي ستمثل شريكا أساسيا وفاعلا في تقوية الأداء الحكومي، وخاصة بنك المغرب والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومجلس المنافسة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للحسابات والمندوبية السامية للتخطيط وغيرها.
وعلى العموم، يخوض حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الاستحقاقات التشريعية بشعار دال «55 كفى .. 555 تدبير» لرفض استمرار الاختلالات المعرقلة للنمو الاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي اقتراح مجموعة من التدابير العملية الكفيلة بتحقيق التنمية المجتمعية والبشرية الشاملة. يرفع الحزب «55 كفى» لأن الوطن لم يعد يحتمل المزيد من تضييع الزمن الحكومي واستنزاف الطاقات وهدر إمكانات النماء والتوقيع على تراجعات خطيرة في العديد من المجالات الحيوية. ومن ثمة، يعبر حزبنا بأعلى صوته: كفى من التعسف في تأويل المقتضيات الدستورية، كفى من المديونية والاختلالات المالية الكبرى، كفى من توسيع الفوارق الاجتماعية، كفى من الإضرار بالقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، كفى من التضييق على الحريات والحقوق، ... نعلن عن «55 كفى» نعتقدها اختلالات جوهرية لأن البلاد في حاجة إلى شحنة قوية في العمل الحكومي وإلى جيل جديد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولذلك، يقترح الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية «555 تدبير» لمعالجة الوضعية الراهنة وإقرار نموذج تنموي جديد بإجراءات واقعية وناجعة على مختلف المستويات خدمة للمواطنات والمواطنين وخدمة للمجتمع وفئاته المختلفة. إنه شعار يترجم الرغبة في الانتقال بالممارسة السياسية والمؤسساتية من الزمن الرتيب المتعثر الذي جعل الحكومة الحالية مستفردة بالقرار خارج كل القواعد والأعراف الديمقراطية إلى اللحظة المشرقة القادرة على بلورة التعاهد الصريح بين الفاعل الحكومي والمواطن للدفاع عن مجتمع متقدم، منفتح ومتسع للجميع. هي صيغة مغايرة للتعاقد لا تغلب طرفا على حساب الطرف الآخر، أي صيغة للتفاعل بين من يتخذ القرار ومن يشارك فيه، بين من يجتهد لتطوير العمل العمومي ومن يستفيد من الخدمات العمومية، بين من سيتخذ القرار غدا (تسيير الحكومة) ومن سيتخذ القرار الآن (التصويت)، وبتعبير واضح: بين شريكين حقيقيين. وبهذا المعنى، يشكل هذا البرنامج الانتخابي وثيقة تعاقدية مع المواطنات والمواطنين تستعرض التزامات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المنبثقة عن تصوره السياسي ورؤيته النقدية وإيمانه العميق بقيم الكرامة والحرية والعدالة والإنصاف. إنه برنامج للتدبير الديمقراطي القادر على مواكبة التحولات العميقة للمجتمع المغربي وتقديم الأجوبة على القضايا والإشكالات الوطنية والجهوية عبر تعهدات واضحة وصريحة. وتسعى التعهدات والالتزامات البرنامجية إلى تأهيل الحقل السياسي والعمومي وإعادة بناء التوازنات الاقتصادية والاجتماعية من أجل استرجاع ثقة المواطنات والمواطنين والفاعلين المهنيين والشركاء الاستراتيجيين والمدنيين. وقد أدرجنا التدابير والإجراءات المقترحة ضمن المنظومات الكبرى التالية:
المجال الاجتماعي (التربية والتكوين، التعليم العالي والبحث العلمي، التشغيل، الصحة، السكن والتعمير والسياسة الترابية، الإدارة العمومية).
المجال الاقتصادي والمالي (المالية والضرائب، القطاع البنكي، الفلاحة، الصناعة، الصيد البحري، الطاقة، التجارة، النقل والتنقل، الاقتصاد الرقمي، الاقتصاد الاجتماعي، السياحة).
المجال المجتمعي (المرأة، الطفولة، الشباب، المجتمع المدني، الأشخاص في وضعية إعاقة، الأشخاص المسنون، الأمن المجتمعي، البيئة).
المجال المؤسساتي والقانوني والحقوقي (القضايا المؤسساتية، دولة الحق والقانون، إصلاح العدالة، الحقوق والحريات).
المجال الديني والثقافي والتواصلي (الشأن الديني، الثقافة والإبداع، الإعلام، اللغات).
المجال الاجتماعي
حماية اجتماعية موسعة وعادلة
غايتنا إقامة منظومة موسعة وعادلة للحماية الاجتماعية تستهدف مختلف فئات المجتمع من خلال بلورة وتنفيذ سياسة اجتماعية متكاملة تقطع مع الطابع الخيري «للمساعدة الاجتماعية»، وتعيد النظر في الحقوق الاجتماعية بوصفها مكون أساس من مكونات حقوق الإنسان، وفي الآليات الموجهة لتوفير الخدمات التربوية والصحية وضمان الحق في السكن والشغل والعيش الكريم. فالمبدأ الذي يحكم تفكيرنا و يؤطر ممارساتنا في المجالات الحيوية يتمثل في العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص للجميع من أجل تقوية الاستقرار والإنصاف الاجتماعي والقضاء على الهشاشة والفقر والتهميش.
التربية والتكوين
على الرغم من المجهودات التي بدلتها الدولة لتطوير المنظومة التربوية وتفعيل مختلف مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين المتعلقة بتعميم التمدرس وتعبئة الموارد اللازمة والنهوض بالجوانب البيداغوجية والتدبيرية، لم يستطع التعليم التخلص من الاختلالات البنيوية والوظيفية المتعددة التي اعترت نسقه العام نظرا لتفاقم المشاكل التدبيرية والتربوية والتقنية وعدم معالجتها ضمن تصور استراتيجي شمولي ومندمج. وقد ارتبط إصلاح المنظومة التعليمية والتكوينية بطبيعة البناء التربوي الذي يسعى إلىى إقامته الفاعلون الأساسيون بموازاة المشروع المجتمعي المنشود بحيث لا يمكن استيعاب حقيقة الإشكال التربوي إلا في إطار العلاقة التفاعلية المنتجة القائمة بين المدرسة والمجتمع. ويتحدد البعد المجتمعي الرئيسي للمؤسسة المدرسية في عنصر الثقة التي ينبغي استعادتها من خلال تمكين المدرسة من مقوماتها التربوية والثقافية وتعزيز وظيفتها المتمثلة في التنشئة الاجتماعية والتعبئة الجماعية في إطار من المساواة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والحق الطبيعي في المعلومات والمعرفة.
من هذا المنطلق، يقترح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تصورا استراتيجيا مندمجا يربط التربية بالتكوين من جهة، ويصل التربية والتكوين بالتعليم العالي والبحث العلمي بما يحقق الاستمرارية التربوية المنفتحة على متطلبات الحياة و مستجدات المعرفة وتحولات الفكر التربوي. إنه تصور يتأسس على التوافق الجماعي والإشراك الفعلي لمختلف المتدخلين والمهتمين، ويروم إعطاء نفس جديد للإصلاحات التربوية باعتماد تدابير مستعجلة على المستوى الآني وإجراءات نسقية على المدى المتوسط والبعيد. فالأمر يتعلق بضرورة بلورة سياسة تربوية وتكوينية عمومية تستند إلى المبادئ الكبرى المحددة بالمقتضيات الدستورية والغايات البيداغوجية المتوخاة من منظومة التربية والتكوين، سواء على صعيد الموارد البشرية والمالية، أو على صعيد المضامين والمناهج التربوية.
تربية محدودة وتكوين متعثر
تستوعب المؤسسة التربوية العمومية بالمغرب زهاء 95 % من التلاميذ المتمدرسين، مما يجعلها رافعة أساسية لتعميم المعرفة وتنشئة الأجيال المستقبلية وفق مبادئ المجانية والمساواة وتكافؤ الفرص.
يشكل الانقطاع عن مواصلة الدراسة معضلة حقيقية واختلالا جوهريا في منظومة التربية والتكوين ما بين المراحل الابتدائية والثانوية إذ لا يلتحق من مجموع 100 تلميذ يتمدرسون بالسنة الأولى في السلك الابتدائي سوى 13 فردا بأقسام الباكالوريا.
تبرز المعطيات الرسمية الصادرة عن المجلس الأعلى للتعليم أن الفشل التي يلازم المؤسسة المدرسية المغربية يكلف سنويا 9 مليار درهم، تنتج منها 3 ملايير دهم عن الهدر المدرسي و6 ملايير درهم عن الرسوب في السنوات الدراسية.
منظومة متأزمة بدون أفق
غياب البعد الاستراتيحي الموحد في إصلاح منظومة التربية والتكوين واعتماد مخططات متعددة، متباعدة أحيانا ومتنافرة أحيانا أخرى، بحكم الهاجس المتمثل في المعالجة المتسرعة والمرتجلة للمشاكل الآنية خارج أية رؤية شمولية بعيدة المدى.
عدم نجاعة المبادرات الإصلاحية المتخذة خلال السنوات الأخيرة نتيجة الفشل في أجرأة مشروع الإصلاح وتنفيذه على أرض الواقع كما تثبت ذلك مختلف التقارير الدولية والوطنية، الشيء الذي انعكس سلبا على الممارسة التربوية سواء تعلق الأمر بالتعلمات أو كفايات المتعلمين.
غياب الرؤية الاستباقية في تصور الإصلاح التربوي بفعل انعدام التوقعات الدقيقة في تقدير الإكراهات المحتملة والممكنة التي واجهت تنفيذ المشروع الإصلاحي على أرض الواقع (تعميم واستمرارية التمدرس، جودة التعليم، الموارد البشرية اللازمة، ...).
الفشل في إرساء تعليم يضمن جودة مكتسبات التلاميذ لتمكينهم من مواجهة متطلبات عالم الغد وبناء مجتمع المعرفة، وعدم القدرة على تعبئة الإطار التربوي لتمكينه من الانخراط الفعلي في مشروع مدرسة الغد والتحمس لإنجاحه.
العجز عن تحسين مردودية المدرسة من خلال التصدي لمختلف أنواع الفشل المدرسي وعدم التمكن من الارتقاء بالحياة المدرسية وتحسين المناخ المدرسي من أجل توفير مؤسسة تربوية محتضنة للعلاقات الإنسانية المنفتحة والسليمة القائمة على التعايش والتكافل والعمل الجاد.
انعدام التوجه الجهوي الحقيقي في منهجية الإصلاح التربوي وتدبير منظومة التربية والتكوين إذ تفتقد السياسة التعليمية للآليات الفعلية المؤسسة على تدعيم اللامركزية بما يسمح للإدارة الجهوية بوضع مشاريعها المحلية الخاصة ضمن الأهداف الوطنية العامة.
غياب نموذج تربوي شامل يؤطر البرنامج التعليمي العام ويوجه التنظيم البيداغوجي والإداري مما فسح المجال أمام المعالجة الظرفية للإشكالات التربوية (طرق التدريس، لغة التدريس، تعليم اللغات، ...) والمراجعات الجزئية للمناهج والمضامين الدراسية.
عدم الاستناد إلى التوجهات والاختيارات الكبرى في مراجعة البرامج التعليمية واللجوء إلى الاجتهادات الفردية والتوافقات التقنية على مستوى اللجان المكلفة بالمراجعة مما يؤدي إلى حدوث تباعد واضح بين محددات البرنامج الدراسي ومنطلقات المشروع البيداغوجي.
عدم إيلاء العناية اللازمة لمؤهلات الموارد البشرية نتيجة قلة المبادرات الوطنية المتعلقة بالتكوين المستمر وغياب المخططات التأهيلية للأطر التربوية والإدارية بهدف الرفع من مستواها المعرفي عبر تحيين معارفها وتطوير مؤهلاتها.
عدم توفر معايير الجودة في البرامج والمضامين الدراسية وفي مناهج التدريس والتعليم، والمعايير الوظيفية التي تجعل المدرسة فضاء تربويا للتنشئة الاجتماعية والثقافية القادرة على الترسيخ المعرفي لقيم المواطنة ونبذ العنف واحترام حقوق الإنسان وغيرها.
استراتيجية تشاركية لمعالجة شاملة وناجعة
بلورة رؤية سياسة تعليمية تتأسس على المقاربة التشاركية الحقيقية المتمثلة في التشاور الموسع مع مختلف الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين والمهنيين والإشراك الفعلي لجميع الفاعلين التربويين والأطر التعليمية.
إرساء ثقافة حكومية جديدة في تدبير ومقاربة قضايا التربية والتكوين تنطلق من وضع حد نهائي لهيمنة النزعة القطاعية ذات الأثر المحدود، وتعتمد المقاربة الشمولية المندمجة التي تستدعي عموديا وأفقيا تدخل كل القطاعات والهياكل المعنية.
مراجعة الإطار المؤسساتي عبر إعادة هيكلة الأجهزة الحكومية المكلفة بالتربية والتكوين في اتجاه إحداث قطب وزاري متماسك ومنسجم يضمن الإشراف الموحد على جميع مكونات المنظومة وتتبعها وتقييمها مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات ووظائف كل مكون.
التفعيل الحقيقي لإلزامية ومجانية تعليم جميع الأطفال في سن التمدرس وضمان تنويعه وجودته، والحرص على استمراريته عبر الرفع من المعدل العام لمدة التمدرس وتمديد الأمد المدرسي إلى غاية الباكالوريا فما فوق بإعمال كافة الوسائل، بما فيها الشراكة مع الجماعات الترابية والقطاع الخاص.
التقليص من الفوارق المجالية والاجتماعية على مستوى الولوج إلى الخدمات التربوية بوصفها حقا أساسيا من حقوق المواطنة، وذلك عبر تبني خريطة عمومية مدققة تمنح الأولوية للفئات الاجتماعية المتضررة وللمناطق والمجالات الترابية غير المستفيدة.
صياغة وتنفيذ برامج كبرى للدعم التربوي والاجتماعي تستهدف التصدي لمختلف مظاهر الهدر المدرسي والانقطاع عن الدراسة من خلال توفير الوسائل والإمكانات الكفيلة بالاستجابة لحاجات الفئات الهشة المستهدفة سواء على مستوى النقل المدرسي أو على مستوى البنايات الداخلية والمطاعم المدرسية.
تقوية البعد الجهوي في انسجام تام مع تفعيل مقتضيات الجهوية الموسعة من خلال منهجية قائمة على اللاتمركز واللامركزية وقادرة على إعمال آليات تحقق الاستقلالية الإدارية والبيداغوجية للمؤسسات التعليمية، مع إشراك أقوى وأوسع للجماعات والمؤسسات المحلية في حياة المدرسة.
وضع إطار مرجعي بتوجهات واختيارات استراتيجية واضحة وبعيدة المدى من أجل تأطير العمليات الدورية لمراجعة المناهج والبرامج الدراسية، مع التوجه نحو الاستثمار العقلاني للتكنولوجيات الحديثة والوسائط الجديدة للمعلومات والمعرفة والتواصل .
اتخاذ تدابير جديدة تروم تنويع التعليم الثانوي التأهيلي وتقوية أدائه وتأطيره وضمان جودته، وذلك من أجل التمكن من استيعاب الطلب المتزايد للتلاميذ من جهة، وجعله أكثر ملاءمة لمستلزمات الحياة المهنية ومتطلبات سوق الشغل من جهة ثانية.
إبداع نظام معقلن للجسور والممرات بين مستويات التكوين المهني وأسلاك التعليم الثانوي والعالي من أجل تقوية موقع المؤسسات التكوينية المهنية ضمن المسالك التعليمية قصد إعداد الكفاءات التقنية والمهنية على ضوء الحاجيات الملحة للاقتصاد الوطني.
اعتماد تصور موسع للعملية التعليمية لا تقف عند الفضاء المغلق للمدرسة، بل تستهدف توسيع مجالات التعليم لتشمل الأنشطة الممكنة خارج الفصل الدراسي، مع توجيه منظومة التربية والتكوين نحو تحقيق التفاعل الإيجابي مع المحيط الاقتصادي والاجتماعي.
دعم الشراكة مع الشركاء الاقتصاديين والماليين من أجل ضمان انفتاح أكبر للمنظومة التعليمية على محيطها الاقتصادي، مع إدماج عالم الإنتاج في وضع برامج مؤسسات التكوين المهني ورسم معالم الخريطة الجهوية المتعلقة بالمجالات المختلفة للتكوين المهني.
مباشرة إصلاح نظام التوجيه داخل منظومة التربية والتكوين من خلال تحسين وعقلنة الآليات التوجيهية نحو المسالك التعليمية بما يحقق نوعا من التوازن بين المسالك بحسب الحاجات المجتمعية، ويضمن ملاءمة أفضل مع متطلبات المحيط الاقتصادي والاجتماعي.
اعتماد مقاربة جديدة ومتكاملة لمعالجة الوضع اللغوي في منظومة التربية والتكوين وفق ثنائية بناء الذات والتفاعل مع الآخر، أي بما يرسخ مكتسبات اللغتين الوطنيتين (العربية والأمازيغية) ويقوي حضورهما وأداءهما، وفي نفس الوقت، يعزز الانفتاح على اللغات الأجنبية.
اتخاذ إجراءات إدارية عملية تهدف إلى تحفيز الموارد البشرية إن على الصعيد المادي أو على الصعيد المعنوي، مع إعادة النظر في القواعد القانونية والضوابط البيداغوجية المتعلقة بمسؤوليات ومهام هيأة التدريس والتأطير التربوي بهدف تحقيق تعليم ذي جودة عالية.
تخويل العنصر البشري كافة حقوقه، بما فيها الحق في تطوير الذات والارتقاء بمؤهلاتها الإدارية والتربوية من خلال اعتماد برامج ناجعة للتكوين الأساسي والتكوين المستمر، مع اعتماد معيار الاستفادة من البرامج التكوينية في عمليات الترقية وتقييم الأداء التربوي قصد رد الاعتبار لمهن التعليم والتكوين.
إيلاء أهمية كبرى لمعالجة القضايا ذات الأثر الحاسم في جودة المنظومة التربوية، وخاصة سد الخصاص المسجل على صعيد التأطير من خلال اعتماد مقاييس موضوعية في انتقاء وإعادة انتشار أفراد هيئات التأطير والتدريس بطريقة أنجع تمكن من مواجهة ظاهرتي: الاكتظاظ ونقص الموارد البشرية.
التعليم العالي والبحث العلمي
يواجه قطاع التعليم العالي والبحث العلمي تحديات متعددة في السنوات الأخيرة نتيجة جملة من الإكراهات والمشاكل التي يعاني منها بفعل سوء التدبير وافتقاد النفس الاستراتيجي في السياسات العمومية المتبعة. ويرتبط إصلاح التعليم العالي والبحث العلمي بمجالات المنظومة الشاملة: الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، المتسمة بتحولاتها العميقة ووتيرتها المتسارعة مما يستلزم بلورة رؤية جديدة تتجاوز عوائق المنطق التقليدي وتتوسل بآليات مغايرة ومبدعة لتطوير المنظومة التربوية. إنها آليات وظيفية تمكن التعليم العالي من تأهيل الحياة الجامعية ودعم البحث العلمي ورفع تحديات المنافسة التربوية وتلبية الحاجات التنموية الملحة للمجتمع من خلال توفير شروط الجودة وتحسين مستوى الأداء والمردودية.
ومن ثمة، يتبنى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تصورا متماسكا ومنسجما لمعالجة إشكالات التعليم العالي سواء على مستوى البرامج الجامعية والتأطير البيداغوجي أو على مستوى التدبير المالي وتقوية التجهيزات والبنيات التحتية. ويهدف هذا التصور الشامل إلى الموقعة الجيدة لمؤسسات التعليم العالي في المحيط الاقتصادي والاجتماعي العام بما يصون استقلاليتها المنتجة ويعضد ديناميتها الخاصة.
أرقام ناطقة
لم يستطع المغرب مسايرة التجارب الدولية في مجال التعليم العالي إذ سجل في ما يخص التسجيل في التعليم العالي نسبة 13 %، وهي نسبة متواضعة مقارنة مع النسبة المتوسطة المحددة في 32,1 % ومقارنة مع دول مماثلة أو قريبة مثل تركيا (46 %) والأردن (38 %).
تشهد دينامية المؤسسات الجامعية داخل فضاءات الشغل انحصارا ملحوظا إذ تبرز المعطيات الرقمية المتعلقة بمجال التعليم العالي، وجود فارق كبير يقدر بحوالي 42 % بين أعداد الخريجين الجامعيين وأعداد الأطر الحاصلة على مناصب للشغل .
ضعف تمويل الدولة للبحث العلمي إذ لم تصل النسبة المخصصة له إلى حدود اليوم 1,25 % من الناتج الداخلي الخام وظلت محصورة في أحسن الحالات في 0,8 %، مما يحد من تأثير البحث العلمي الوطني في المنظومة البحثية الدولية إذ لا يشكل سوى 0,8 % من الإنتاج العلمي العالمي.
سياسة ارتجالية بتراكمات سلبية
غياب استراتيحية واضحة وانعدام التخطيط المستقبلي في تدبير قطاع التعليم العالي والبحث العلمي وهيمنة السياسة الارتجالية في التعاطي مع مشاكله اليومية وقضاياه الراهنة، وبالأخص الفشل في مواكبة التزايد المستمر للطلبة والقضاء على ظاهرة الاكتظاظ.
انعدام المقاربة الاستباقية المستوعبة لحاجات المجتمع الحقيقية في المعرفة والتكوين مما أدى عدم مواكبة المؤسسات الجامعية للتحولات الاجتماعية، وبالتالي تحجيم مبادراتها وإشعاعها وعدم قدرتها على الملاءمة بين التكوين الجامعي ومتطلبات الشغل.
انعدام الرؤية المستقبلية الشمولية في إحداث الفضاءات الجامعية المتكاملة مع غياب العدالة المجالية في التوزيع الجغرافي لمؤسسات التعليم العالي حيث تتسم الخريطة الجامعية بتغطية غير متكافئة لمجتلف الجهات وتمركز قوي في محوري الرباط والدار البيضاء.
هيمنة التكوين النظري على حساب التكوينات التطبيقية والتوجيهية، وضعف المستوى التكويني نتيجة طول فترة التقييم، مع محدودية التقييم الشكلي لتنفيذ نظام «الإجازة – الماجستير – الدكتوراه» (LMD) والاقتصار على تغيير بعض الوحدات أو حذف الوحدات الأفقية أو تقليص عدد الساعات.
غياب سياسة وطنية وجهوية على مستوى المؤسسات الجامعية لترسيخ آليات البحث العلمي وضمان نجاعته على المستوى التنموي والمجتمعي، مع تخبط الهياكل البحثية الموجودة داخل الجامعات في مشاكل ترتبط بضعف التمويل وسوء التدبير.
معاناة النظام التربوي من مشاكل مزمنة إن على الصعيد الثقافي والمعرفي أو على الصعيد التكويني والتقني (لغة التدريس، تدريس اللغات، التكوين المستمر، ...)، مع تشتت تكوينات ما بعد الباكلوريا حيث تتوزع بين 18 قطاع وزاري على الرغم حث المادة 78 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين على ضرورة تجميعها.
انعدام الدورات المخصصة للتكوين المستمر في مجالات التسيير والحكامة لفائدة الأطر التربوية والإدارية من أجل تمكينها من الآليات التدبيرية الضرورية التي تنص عليها مقتضيات القانون 00-01 والتي تتناغم مع مبادئ الاستقلالية والديمقراطية والتشاركية.
انعدام العوامل التحفيزية المشجعة على الاجتهاد الفكري والابتكار العلمي للبحث العلمي وضعف البنيات المخصصة للبحث العلمي، إضافة إلى تعدد المراكز الوطنية البحثية (المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، مديرية البحث العلمي التابعة لوزارة التعليم العالي، ...).
التباين الصارخ بين المؤسسات الجامعية من حيث توفير شروط وإمكانيات البحث العلمي التي تنعدم أساسا في الجامعات الهامشية والكليات المتعددة التخصصات على الرغم من الإمكانات البحثية التي توفرها لها الدولة.
الحكامة والجودة أساسان متلازمان للفاعلية
بناء منظور متقدم للحكامة الجامعية يتجاوز التدبير اليومي الظرفي نحو تدبير مهيكل منبثق من المشروع المجتمعي التشاركي وقائم على النجاعة والفاعلية وضمان شروط الجودة والإنصاف واقتصاد المعرفة.
وضع خريطة عادلة للتوزيع الجغرافي الخاص بالمؤسسات الجامعية العليا وتوسيع تغطيتها المجالية في علاقة ملائمة مع إعداد التراب الوطني ووفق منظور توقعي وتخطيط مستقبلي في إحداث الجامعات.
استعادة مبادرة الجامعة داخل محيطها المجتمعي عبر تمتيعها بالثقة اللازمة وتمكينها من الانخراط الفاعل في التحديات المجتمعية الحاضرة والمستقبلية، مع تقوية أدوارها ووظائفها الحيوية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
إعادة النظر في الإطار القانوني المنظم للتعليم العالي، وخاصة القانون 00/01 والنظام الأساسي للأساتذة الباحثين بغية معالجة مشاكل التدريس والتأطير والبحث العلمي من جهة وتحفيز الأطر الجامعية من جهة أخرى .
إحداث الجسور في الفضاءات الجامعية بين التخصصات المختلفة وإلغاء الحدود الفاصلة بين التعليم العالي والمؤسسات العليا للتكوين من جهة، ومؤسسات التكوين التقني القصير والمتوسط المدى.
اعتماد مقاربة منفتحة في صياغة المضامين الجامعية لاستيعاب مختلف التطورات التربوية والعلمية والتكنولوجية قصد الاستجابة لمستلزمات التنمية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية.
توحيد مؤسسات التعليم العالي في فضاءات جامعية متداخلة تنعدم فيها الحواجز الفاصلة بين الكليات والمعاهد والمدارس العليا وخلق أقطاب للبحث متعددة التخصصات من أجل ترسيخ التفاعل والتكامل بين مختلف المعارف والحقول العلمية.
اعتماد إطار مرجعي موحد لرصد أشكال ومؤشرات مراقبة وقياس مستوى الحكامة والجودة في مؤسسات التعليم العالي للتمكن من توفير الشروط الدنيا المتعلقة بالنظام التعليمي الجامعي، وخلق تنافسية تتيح تطوير التدبير الإداري والممارسة الجامعية.
إعادة النظر في منهجية وممارسة التعيين في المناصب الجامعية العليا من خلال مراجعة طرق انتقاء رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ومديري المؤسسات الجامعية، وذلك باعتماد آليات ديمقراطية ومعايير موضوعية موحدة، مع تحديد شروط شفافة لتشكيل اللجان المكلفة بالانتقاء.
مباشرة تقييم موضوعي لمنظومة «الإجازة – الماجستير – الدكتوراه» (LMD) من خلال الموازنة بين المعطيات الكمية والجوانب الكيفية من أجل اقتراح صيغ بديلة للمنظومة، مع ضرورة تخصيص العدد الكافي من المناصب المالية للأساتذة الباحثين.
إحداث لجنة وطنية للتفكير والتنسيق بين المرحلة ما قبل الجامعية والمرحلة الجامعية قصد العمل على ملاءمة التكوينات المعتمدة في كلتا المرحلتين، والانكباب على معالجة الإشكالات المطروحة على صعيد المسار التعليمي، وخاصة إشكاليتي: تدريس اللغات ولغات التدريس في المرحلتين معا.
إعادة النظر في الإطار المحدد للشراكة بين قطاع التعليم العالي والمؤسسات الجهوية (الجهات، العمالات والأقاليم، الجماعات، ...)، مع التوجه نحو تكريس منظومة مؤهلة للاضطلاع بأدوارها الكاملة والفاعلة في تجسيد الجهوية الموسعة وتحقيق التنمية البشرية.
مراجعة وضبط الطرق المعتمدة في توزيع المنح الجامعية من أجل ضمان العدالة التعليمية وتكافؤ الفرص بين جميع الطلبة، مع العمل على التعميم الفعلي للتغطية الصحية على مجموع طلبة التعليم العالي.
تنمية مداخيل الجامعة وتنويع مواردها من خلال تقنين التكوين المستمر وإعادة التكوين والتكوين حسب الطلب والدراسات لفائدة المؤسسات العمومية والشبه العمومية والقطاع الخاص.
مراجعة الآليات المعتمدة في الرقابة المالية المتعلقة بمؤسسات التعليم العالي من خلال دراسة إمكانية اعتماد نظام بعدي للمراقبة المالية على المؤسسات الجامعية، وذلك من أجل ضمان مرونة ونجاعة أفضل مع الحرص على ضمان الشفافية اللازمة والاحترام التام لمقتضيات القانون.
إحداث هيأة وطنية للبحث العلمي بامتدادات جهوية مهمتها دراسة واقتراح السياسية العمومية على الصعيدين الوطني والجهوي وتتبع تنفيذها وتقييمها، مع تحديد المحاور ذات الأولوية بالنسبة لمشاريع البحث العلمي وتوفير الإمكانات والوسائل اللازمة لدعمها .
وضع تصور متماسك يهدف إلى بلورة وتنفيذ مخطط وطني وجهوي لإحداث ودعم المختبرات ومجموعات البحث على مستوى المؤسسات الجامعية في مختلف التخصصات وتمكينها من كافة الوسائل الضرورية للاشتغال وفق دفتر تحملات متعاقد بشأنه.
اتخاذ إجراءات ملموسة لتشجيع البحث العلمي من خلال سن إعفاءات ضريبية على البحث، وتعبئة موارد مالية كافية للدعم عبر وضع تحفيزات ضريبية لفائدة القطاع الخاص لتشجيعه على المساهمة في التمويل.
بلورة سياسة قوية وطموحة للبحث والابتكار بناء على تقييم موضوعي لواقع الابتكار ولمختلف الجوانب المتعلقة بالحكامة (التنظيم) والتمويل والبنية التحتية، وذلك بهدف إعطاء دفعة قوية ونفس جديد للمجال.
تقوية الإطار التنظيمي للتحفيز على البحث والابتكار من خلال إقرار وضع خاص للباحث وتشجيع البحث والابتكار في المقاولة، مع الرفع من نسبة التمويل المخصص للبحث العلمي من 0,8 % من الناتج الداخلي الإجمالي إلى 1,5 % في أفق سنة 2021.
وضع استراتيجية فعالة في مجال التمويل من خلال إحداث صندوق وطني لدعم الابتكار في أفق إحداث صناديق جهوية، وخلق منتوجات محددة بتمويل مشترك مع القطاع الخاص، مع خلق الشروط الكفيلة بالرفع من نشر براءات الاختراع.
تسريع وتعميم إنشاء حاضنات جامعية بهدف تطوير المبادرة الجامعية المبدعة، وإقامة فضاءات وأحياء للابتكار داخل الجامعات من أجل تشجيع عمليات الإبداع العلمي.
وضع خطة موحدة، على الصعيدين: الوطني والجهوي، لتأهيل النشر والإصدارات الجامعية من خلال اعتماد معايير مضبوطة والاستجابة لمختلف التخصصات وتشجيع نشر وتسويق الأبحاث والأطروحات وطبع المجلات المتخصصة.
التشغيل
يمثل التشغيل مدخلا أساسيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بحكم مواجهته لآفة البطالة التي لا تزال تشكل مشكلة من أبرز المشكلات المجتمعية والتي تزداد مضاعفاتها السلبية نتيجة عدم اتخاذ المبادرات الناجعة والطموحة لتحفيز النمو والرفع من وتيرة الاستثمار. ويواجه التشغيل إكراهات قاسية نظرا للاختلالات الجوهرية التي تعرقل النمو الاقتصادي واستقرار الأسعار والتوازن العام للاقتصاد الوطني، وفي غياب تام لأي إجراءات مؤثرة تسعف في تحسين سياسة التشغيل وضمان فاعليتها. ويمكن القول بأن السياسات العمومية المتبعة اليوم، في مجال التشغيل، تفتقد للبعد الاستراتيجي الذي يربط معالجة قضايا الشغل بالمنظومة المجتمعية برمتها سواء على مستوى التنمية الاقتصادية أو السياسات السكانية أو تطوير منظومة التربية والتكوين.
وعلى هذا الأساس، يقترح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مخططا متكاملا لإنعاش التشغيل وخلق فرص الشغل من خلال مجموعة من التدابير والإجراءات الإصلاحية الكفيلة بتشجيع الاستثمارات وخلق دينامية اقتصادية واعدة وتحقيق النمو المستدام. ويندرج هذا المخطط، ذي البعد الجهوي المعالج للتفاوتات المجالية، ضمن أفق استراتيجي متناسق يضمن التناغم بين التنمية الاقتصادية وتأهيل المقاولة الوطنية وتشجيع الاستثمار من جهة، والإصلاح التربوي والتكويني والمؤسساتي والقانوني من جهة أخرى.
نزيف متواصل في مناصب الشغل
حسب المندوبية السامية للتخطيط، تقلص نصيب مساهمة الاقتصاد المغربي في إحداث مناصب الشغل من متوسط 166 ألف منصب سنويا في الفترة ما بين 2000 و2007 إلى 33 ألف منصب شغل سنة 2015. وحسب بنك المغرب، تراجع صافي عدد مناصب الشغل المحدث سنويا سنة 2014 إلى 21 ألف منصب شغل، مع انخفاض معدل التشغيل من 46 % سنة 2007 إلى 43,3 % سنة 2015.
تراجع مساهمة القطاع العام في السوق الوطنية للشغل من 10,7 % سنة 2007 إلى 8 % حاليا من مجموع الساكنة النشيطة الوطنية، وهي نسبة أقل مما هو متعارف عليه دوليا في مجال التشغيل في القطاع العام، أي نسبة 27 %.
ضعف النسيج العام للمقولات المغربية إذ شهدت سنة 2014 إغلاق 42 مقاول، أي ما يوازي فقدان 4000 منصب شغل مقابل إغلاق 72 مقاولة سنة 2013 بما يعادل فقدان 8000 منصب شغل.
غطرسة البطالة .. ضعف مبادرات التشغيل
غياب استراتيحية واضحة للتشغيل وهيمنة السياسة الارتجالية المقتصرة على معالجة القضايا الآنية، والعجز عن اتخاذ التدابير البعيدة المدى لإنعاش سوق الشغل.
ضعف التحكم في المؤشرات الاقتصادية واختلال التوازنات الماكرو اقتصادية المتمثلة في ضعف معدل النمو وعجز الميزانية وضعف القدرة التنافسية والإنتاجية والتمويل، مما نتج عنه عجز عن توفير مناصب الشغل وارتفاع صافي البطالة (8 , 0 +).
اضطراب الرؤية المتعلقة بإشكالية التشغيل باعتماد تصور ملتبس يهدف إلى الحد من التوظيف في القطاع العام على الرغم من عدم قدرة القطاع الخاص على امتصاص البطالة ودعم سوق الشغل .
الفشل في بلوغ الأهداف المسطرة في برنامج العمل الحكومي المتمثل في «الاستراتيجية الوطنية للتشغيل» نظرا لعدم نجاعة السياسة المقترحة وغياب المقاربة الشمولية المندمجة وانعدام الآليات المواكبة الملائمة .
غياب مخططات استراتيجية نوعية تستهدف الفئات الأكثر تضررا من البطالة، وخاصة تشغيل الشباب حيث ارتفعت بطالة خريجي المدارس العليا، وفاقت بطالة الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة في الوسط الحضري 40 %.
عدم تمكن الحكومة من تنفيذ وعودها المتمثلة في إحداث 130 ألف منصب شغل سنويا حيث لم تستطع تجاوز 30 ألف منصب شغل سنويا بالنسبة للفترة ما بين 2011 و2016 في مقابل معدل 156 ألف منصب شغل سنويا في الفترة ما بين 2000 و2010 .
عدم وفاء الحكومة بتنفيذ التزاماتها المتضمنة في التصريح الحكومي والمتمثلة في تقليص نسبة البطالة إلى 8 % في أفق 2016، بل بالعكس من ذلك تماما ارتفعت نسبتها لتقارب 10 %.
تدهور وضعية التشغيل بشكل حاد خلال الأربع سنوات الأخيرة حيث تم فقدان أكثر من 140 ألف منصب شغل والاكتفاء بإحداث فقط 30 ألف منصب شغل سنويا، عكس التزام الحكومة بخلق 130 ألف منصب شغل سنويا.
عدم تمكن الحكومة من إيجاد وتفعيل الروابط المتينة بين الاستثمارات الاقتصادية وتنمية المجالات الاجتماعية على الرغم من لجوئها إلى اعتماد بعض المسكنات الظرفية، وبالتالي تحقيق التأثير الاجتماعي لمناصب الشغل المحدثة.
غياب النصوص القانونية الملزمة للبنوك والمقاولات لكي تساهم بشكل أكبر في إنعاش سياسة التشغيل، مع محدودية الحوافز الضريبية الممنوحة للمقاولات من أجل إنعاش الشغل.
انعدام سياسة تواصلية داعمة للتشغيل يعكسه عدم خلق قنوات للإخبار وتوفر المعلومات اللازمة المتعلقة بفرص الشغل المتوفرة في السوق، مع ضعف الأداء التواصلي والحضور الإعلامي للمؤسسات العاملة في هذا الميدان.
وجود تضارب كبير في المؤشرات والمعطيات الإحصائية المتوفرة المتعلقة بالتشغيل إذ تختلف الأرقام الصادرة عن مختلف المؤسسات المعنية والمختصة، مما يضعف الأساس الذي تستند إليه السياسة العمومية في مواجهة البطالة.
انعدام مؤسسات مكلفة بالتشغيل في العالم القروي إذ أن أغلبها متمركز بالمناطق الاقتصادية الكبرى والمتوسطة، الأمر الذي يعرقل إنعاش الشغل بالأوساط القروية ويحول دون تحقيق العدالة الاجتماعية.
غياب المساواة وتكافؤ فرص التشغيل بفعل هيمنة منطق المحسوبية والعلاقات الزبونية وأساليب المماطلة في معالجة طلبات وملفات المترشحين من طرف المؤسسات المكلفة بالتشغيل .
سياسة طموحة وناجعة لإنعاش التشغيل
بلورة سياسة شمولية مندمجة تنبثق عنها تدابير استعجالية تروم، في أفق سنة 2021، تقليص البطالة إلى حدود 8 % كحد أقصى، وخلق 150 ألف منصب شغل صافية سنويا.
إعطاء عناية خاصة لمواجهة بطالة الشباب عبر وضع برنامج خاص «أمل الشباب» يهدف إلى تنشيط تشغيل هذه الفئة النشيطة وتشجيع مبادراتها في إنشاء المقاولات، وبالتالي إشراكها في فعل التنمية.
تبسيط المساطر والإجراءات لإنشاء الشركات وخلق حاضنات المشاريع للتعويض عن النقص القائم في ثقافة روح المبادرة والابتكار، مع التنسيق بين المتدخلين في مجال التشغيل وتوحيد الجهاز المخاطب لأطراف سوق الشغل.
القيام بالإصلاحات القانونية والتشريعية اللازمة لتنظيم العلاقة بين المشغل والأجير وكل المتدخلين في عملية التشغيل، مع وضع نظام معلومياتي يخص التشغيل في القطاعين العام والخاص.
مراجعة سياسة الأجور بطريقة غير معرقلة لحركية الشغل، تأخذ بعين الاعتبار، من جهة، معايير الأداء والمردودية ومدى تحقيق الأهداف بحسب المهام والوظائف، وتحافظ، في نفس الآن، على مناصب الشغل.
التنسيق بين العرض والطلب لتعزيز أداء خدمات التشغيل الملائمة بين العرض والطلب عن طريق مكاتب التشغيل الخاصة والعمومية مع تحسين أدائها، ونشر وتعميم المعلومات حول سوق الشغل وبرامج التكوين المتوفرة.
ترشيد الإنفاق العمومي، مع تخصيص جزء من الصفقات العمومية للمقاولات الصغيرة، وخلق عقد اجتماعي جديد يعتمد على الإنتاج والمنافسة في إطار تمويل بديل .
تعزيز احترام الحريات النقابية ومأسسة الحوار الاجتماعي، إن على المستوى القطاعي، أو على المستوى الوطني والجهوي والمحلي، ووضع مستلزمات أجرأة سليمة وسلسة لمقتضيات مدونة الشغل ومراسيمها التطبيقية.
تقوية قدرات ووظائف مؤسسة مفتش الشغل لضمان المناخ المواتي للعمل والإنتاج، مع تشجيع وتطوير آليات الوساطة والتحكيم بوصفها أساس المساعي الرامية إلى حل نزاعات الشغل.
الارتقاء بالتدابير العمومية الحالية لإنعاش التشغيل في القطاع الخاص والجمعيات ذات المنفعة الاجتماعية (عقد من أجل التشغيل، عقد الإدماج المهني، التكوين التعاقدي من أجل التشغيل، عقد إدماج الباحثين عن عمل للأشخاص في وضعية إعاقة ...).
تشجيع مختلف صيغ التشغيل الذاتي، ووضع إطار قانوني جديد لتحفيز المشغل الذاتي الفردي وتمكينه من الدعم العمومي مركزيا وجهويا ومحليا، مع تطوير منظومة الاحتضان الكفيلة برعاية مشاريع التشغيل الذاتي في السنوات الأولى لانطلاقها (5 سنوات).
إنشاء صندوق وطني قار يهدف إلى إعادة هيكلة المقاولات في وضعية صعبة بغية ضمان استمراريتها والرفع من مستوى مردوديتها والمحافظة على مناصب الشغل في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الحيوية.
توسيع آفاق التجارة والاستثمار، وتشجيع الاقتصاد الاجتماعي، وإدماج القطاع غير المنظم، مع اعتماد آليات قائمة على التمييز الإيجابي لتشجيع تشغيل النساء، وتركيز الاهتمام بالمجال القروي في تنفيذ سياسة التشغيل.
تحديث منظومة التربية والتكوين والارتقاء ببرامجها وفق المعايير المعاصرة التي تمكن من الاستجابة لحاجيات المحيط الاقتصادي والاجتماعي ومتطلبات سوق الشغل ومواكبة التطورات التقنية في مجال المعلومات والتواصل.
تأهيل التعليم المهني واعتباره جزء أساسيا من منظومة التربية المنفتحة على حاجيات سوق الشغل، وتشجيع التدريب المهني خارج أوقات المدرسة من أجل تقوية العلاقة مع أرباب العمل وتطوير الكفاءات المهنية.
إشراك القطاع الخاص في إعداد وتنفيذ وتقييم مناهج وبرامج التكوين والتكوين المستمر من أجل الرفع من الكفاءات وتوجيه أفضل للمؤهلات، حسب السن والمستوى الدراسي، على ضوء متطلبات وأولويات سوق الشغل.
توجيه مسالك التربية والتكوين المهني استجابة لآفاق التشغيل وحاجيات الاستراتيجيات القطاعية وأقطاب التنافسية المرتقب إحداثها، ومواصلة إحداث مسالك خاصة في الخدمات والصناعات الواعدة بشراكة مع القطاع الخاص.
الصحة
شهدت المنظومة الصحية، خلال العقدين الأخيرين، اختلالات عميقة بفعل الإكراهات المتعددة والحاجيات الملحة لفئات عريضة من المواطنات والمواطنين، كما اعترتها مشاكل جوهرية تتعلق بسوء التدبير وتفشي الفساد مما أدى إلى تدني الخدمات الصحية وتراجع المؤشرات الأساسية. وقد تمثلت الإشكالات الصحية الرئيسية، المهددة للحماية الاجتماعية، في غياب التغطية الصحية الشاملة واتساع حدة الفوارق الصحية المجالية وصعوبة الولوج إلى العلاجات وقلة العرض الصحي والنقص في الموارد البشرية وغلاء الأدوية والمستلزمات الطبية. فمعظم الإجراءات المتخذة إلى اليوم لم تعكس توجها حقيقيا واستراتيجيا لإصلاح المنظومة الصحية ولم تترجم سياسة عمومية قوية بمخططات عملية وأولويات علمية وأهداف دقيقة تستجيب، بشكل عام، لانتظارات المواطنين وآمال المهنيين. وهكذا، ظل قطاع الصحة محكوما بالتدابير المنبثقة عن خطط عمل ظرفية لا تتجاوز المدى القصير في غياب ميثاق وطني حول الصحة يرسم المعالم العامة للاستراتيجية الوطنية الصحية على المدى المتوسط والبعيد.
واستنادا إلى ذلك، وأخذا بعين الاعتبار المنجزات الهامة لحكومة التناوب في المجال الصحي، ينطلق حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من ضرورة توفير حماية اجتماعية صلبة تقطع مع منطق المساعدة الاجتماعية من خلال تقوية التغطية الصحية الأساسية والأجرأة الفعلية لحق الجميع في الصحة وتكريس مفهوم التضامن والتكافل الاجتماعي بين فئات المجتمع. ومن ثمة، يعتمد الحزب منهجا شموليا في معالجة المجال الصحي لا يقوم على النموذج الطبي ذي التوجه الباثولوجي و العلاجي المحض، بل يتأسس على نموذج متماسك للصحة الاجتماعية لا يقتصر فقط على الصحة البدنية ويروم إعادة توزيع النفقات العمومية لصالح الخدمات الاجتماعية، وخاصة الخدمات الصحية. إنه نموذج يسعى إلى تثبيت حق جميع المواطنين في الصحة والاستفادة من وسائل الوقاية و التطبيب والعلاج وفق مبادئ المساواة والعدالة والإنصاف والتضامن.
واقع صادم، خصاص مهول
يعتبر المغرب من أقل الدول إنفاقا على صحة مواطنيه ونصيبهم في ميزانيات الخمس سنوات الأخيرة لم يتجاوز 4.9 % في أحسن الحالات، رغم أن النسبة التي تم إقرارها في قمة الألفية بالأمم المتحدة هي 10 % من الميزانية العامة للدول، وهي نسبة لا تمثل سوى نسبة 1.2 % من الناتج الداخلي الخام.
يوجد المغرب في صلب الانتقال الديموغرافي والوبائي في مرحلة تتسم بعدم المساواة في الصحة والولوج إلىى العلاجات الصحية وعدم تحقيق أهداف الإنمائية للألفية حيث لا يزال أزيد من 40 % من المغاربة لا يستفيدون من أية تغطية صحية.
ضعف شبكة العلاجات الأساسية التي تقدم العلاجات الأولية: أغلبها يوجد في وضع كارثي لتقادم بناياتها وأجهزتها في ظل غياب الرقابة وتراجع الميزانيات، وأكثر من 300 مؤسسة مغلقة لعدم توفر الموارد البشرية والتجهيزات الطبية اللازمة، وأزيد من 600 مركز صحي لا يتوفر على طبيب، وأزيد من 700 منها تشتغل بممرض واحد.
أعطاب صحية مزمنة وغير عادلة
توزيع غير عادل بين الجهات والوسطين القروي والحضري، مع استمرار الفوارق بين المجالين حيث إن وفيات الأمهات في المجال القروي تمثل ضعف الوفيات في المجال الحضري (148 مقابل 73).
تدبير سيء في مجال التزود بالأدوية في القطاع العام، خاصة بالمستشفيات، وعدم قدرة القطاع الصحي على ضمان تسهيل ولوج كافة الشرائح الاجتماعية إلى الأدوية بأثمان مناسبة ومعقولة.
غياب آليات ضبط وتأطير نظام «المساعدة» الطبية كما هو معمول به في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، مع صعوبة تحديد الاعتمادات المخصصة له وغياب مقاييس التوزيع والملاءمة بين الموارد وتقديم العلاجات.
غياب آليات لتتبع دفعات مساهمات الجماعية الترابية بالحساب الخاص المتعلق بالصيدلية المركزية المسير من طرف وزارة الصحة، وعدم احترام مسار العلاجات من طرف المستفيدين نظرا للنقص المهول في التجهيزات والموارد البشرية بالمراكز الصحية المعتمدة كنقط ارتباط وبالمستشفيات.
نقص في الحكامة الجيدة وتمركز قوي في اتخاذ القرار يعكسه عدم وجود جهوية حقيقية وانعدام الاستقلال الذاتي في تدبير المستشفيات، مع استمرار غياب الإطار القانوني لتخطيط وضبط عرض العلاجات (الخريطة الصحية).
الاشتغال بشكل منعزل للقطاعات المعنية بالصحة وانعدام التكامل بين القطاعين العام والخاص، مع نقص واضح في آليات القيادة والتتبع حيث إن النظام المعلومياتي الصحي يغطي فقط القطاع العمومي.
غياب قانون مؤطر للصحة العامة، وانعدام الديموقراطية التشاركية في القطاع الصحي نتيجة ضعف مشاركة المنظمات المهنية والمستهلكين في وضع سياسة صحية مع تقييمها وتتبعها.
عدم مرونة القانون الأساسي للموظفين في المجال الصحي، الأمر الذي لا يساعد على التدبير المحكم والعقلاني للموارد البشرية وتوزيعها التوزيع الملائم الذي يستجيب للحاجات الملحة للمواطنين في مختلف المناطق.
ضعف السياسة التكوينية المتعلقة بالصحة مما أدى إلى محدودية قدرات التكوين على الرغم من تضاعف عدد الممرضين الذين يوجدون في إطار التكوين بمختلف معاهد تكوين الممرضين.
محدودية واضحة في قدرات التوظيف حيث تظل مناصب الشغل المحدثة سنويا ضعيفة ولا ترقى إلى مستوى تغطية الخصاص المسجل في الموارد البشرية، علما بأن عدد المحالين على التقاعد الذين تحذف مناصبهم هام جدا.
حماية اجتماعية موسعة وقوية
إعادة بناء المنظومة الوطنية للصحة على قاعدة مبدأ الصحة للجميع الذي أقره دستور 2011، وذلك في إطار «ميثاق وطني للصحة» يتم اعتماده بالتشاور مع كافة المتدخلين ويحدد مسؤوليات ومجالات تدخلهم لضمان تفعيل الولوج للجميع.
الحرص على تثبيت حق جميع المواطنين في الصحة وفي الاستفادة من وسائل الوقاية والتطبيب والعلاج، والحرص على تفعيل مبادئ المساواة في الخدمات الصحية والعدالة والإنصاف والتضامن في تحمل تكلفتها.
إصلاح شامل للمنظومة الصحية، باعتماد حوار وطني موسع بهدف تحديد أدوار مختلف المتدخلين، وإعادة النظر في الإطار التنظيمي للصحة، وخاصة إنشاء مجلس وطني للصحة، مع مراجعة مختلف النصوص القانونية والتنظيمية.
إعادة النظر في الخريطة الصحية في اتجاه العقلنة والعمل على التوزيع العادل للموارد الصحية بما يستجيب لمبدأ العدالة المجالية ويحقق التكامل بين القطاعين العام والخاص .
إقرار خريطة صحية وقانون للاستثمار في الصحة، وآليات الاعتماد لضمان جودة الخدمات الصحية، مع التعجيل بإصلاح المؤسسات الصحية العمومية وتحصين المكتسبات، خاصة ما يتعلق بتوفر الخدمات الصحية وجودتها وأنسنتها.
اعتماد برامج خاصة لتغطية الوسط القروي والمناطق النائية والأحياء الهامشية بالمدن بالوحدات والمؤسسات الصحية اللازمة ومدها بالموارد البشرية الكافية والعمل فيها بطرق تلائم خصوصياتها ومحيطها.
إعادة النظر في حكامة المنظومة الصحية وتفعيل الجهوية المتقدمة من أجل المساهمة في تدارك الخصاص في الموارد الصحية، مع تطوير نظام رصد ومنح الموارد بالأخذ بعين الاعتبار العامل الديمغرافي والوبائي للجهات كأساس للعقود – البرامج مع السلطات الجهوية.
مراجعة الهيكل التنظيمي لوزارة الصحة للأخذ بعين الاعتبار المهام التي تفرضها الجهوية المتقدمة، مع إعادة هيكلة منظومة العلاج في إطار تصميم مديري للاتمركز تحتل فيه الجهة مكانة متميزة.
مأسسة العمل التشاركي في القطاع الصحي بين مختلف الفاعلين والمتدخلين (القطاعات الحكومية، الجهات، الجمعيات، ...)، مع تطوير الإطار القانوني وآليات التنسيق من أجل وضع أسس صلبة للشراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني والجماعات الترابية.
ضرورة اعتماد نمط سليم للعيش والتحكم في مصادر الخطر مع تسهيل مشاركة السكان في الأنشطة المتعلقة بالصحة العمومية، مع تعزيز الأمن الصحي مخ خلال إحداث مرصد وطني للبحث في الصحة.
اعتماد استراتيجية جديدة لإصلاح المؤسسات الصحية، وتجميعها في إطار أقطاب جهوية وإقليمية ومنحها الاستقلالية الكاملة، مع تعميم برنامج إصلاح وتأهيل المستشفيات العمومية، مع إعادة تأهيل المراكز الاستشفائية الجامعية وإنشاء مراكز الجودة في بعض التخصصات.
إعطاء أولوية قصوى لإنجاز برنامج خاص وهادف للتغلب على معضلة وفيات الأطفال ووفيات الأمهات الناتجة عن الحمل والولادة، مع تخطيط وبرمجة تغطية مجموع التراب الوطني بالوحدات والمؤسسات الصحية وفق توزيع جغرافي عادل.
تحصين مكتسبات التغطية الصحية الأساسية بإصلاح حكامة الأنظمة وتوسيع مجال تمويل القطاع الصحي عن طريق التضامن واقتسام مخاطر المرض وخلق آليات للتأمين التكميلي وللتعاضد الجماعي.
تسريع أجرأة نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض ليشمل كل الفئات النشيطة خاصة العاملين المستقلين وذوي المهن الحرة من أجل تحقيق التغطية الشاملة في أفق سنة 2024.
اتخاذ إجراءات استعجالية لإصلاح حكامة نظام المساعدة الطبية مع الحرص على أن يشمل المواطنين المؤهلين فعليا للاستفادة منه وخلق هيئة مستقلة لتدبيره وتأمين التمويل اللازم له.
مراجعة مهام وحكامة الوكالة الوطنية للتأمين الصحي لتضطلع، على أحسن وجه، بمهام ضبط وتأطير وتقنين ومراقبة التغطية الصحية الأساسية (أمو وراميد) والتأمين الطبي التكميلي.
إصلاح سياسة الصحة العامة بدعم أنشطة السياسة الوقائية وبرامج محاربة الأمراض السارية، مع وضع وتطوير برامج مندمجة خاصة بمحاربة الأمراض المزمنة.
تدعيم إصلاح تمويل قطاع الصحة، وذلك بإقرار منظومة شاملة تعتمد الرفع من التمويل العمومي ومصاحبته بترشيد النفقات وتحسين التدبير من أجل تمكين المرفق الصحي العمومي من الاضطلاع بوظيفته بالفعالية والجودة اللازمتين.
مراجعة السياسة الجديدة لتحديد سعر الأدوية، وذلك بإخضاع كل الأدوية إلى السعر الأقل بالنسبة لدول المقارنة عوض المعدل، مع مراجعة النظام الضريبي للأدوية، وضبط آليات تسويق المستلزمات الطبية والإحاطة بأثمانها.
توسيع قاعدة الولوج للأدوية، مع التحفيز على اعتماد الأدوية الجنيسة كقاعدة في الوصفات الطبية المقبول إرجاع مصاريفها.
وضع قانون خاص بالتجارب في مجال الأدوية والصيدلة، وتقوية آليات مراقبة وضبط قطاع الصيدلة.
تثمين دور الموارد البشرية في قطاع الصحة، وتدارك العجز الحاصل في الموارد البشرية باعتماد مخطط استعجالي يستند إلى توظيف كل الخريجين من الكليات والمعاهد والاحتفاظ بمناصب المحالين على التقاعد، مع تعزيز الأعداد بتشجيع عودة المهنيين المغاربة من الخارج.
تنمية الموارد البشرية في القطاعات الصحية، وذلك بتخطيط وتكوين وتشغيل الأعداد الكافية حسب الخصاص من مختلف الأطر التقنية والتدبيرية، وتكوين وتوظيف الممرضات والممرضين على المدى القريب والمتوسط لتغطية النقص الحالي، مع الحرص على التوزيع الجغرافي العادل للموارد البشرية.
وضع استراتيجية جديدة للموارد البشرية بإمكانها الاستخدام الأمثل لمهنيي الصحة والتوزيع الملائم للمهارات، مع تدعيم القدرات التكوينية من خلال الرفع من أعداد المتخرجين من كليات الطب الحالية وخلق كليات للطب ومراكز استشفائية جامعية جديدة.
إصلاح التكوين والتأطير في الصحة والطب من خلال إصلاح أنظمة تكوين المهنيين الصحيين، وإقرار وتنظيم التكوين في تدبير وتسيير المؤسسات الصحية، مع إعادة النظر في دور المعهد الوطني للإدارة الصحية.
اعتماد حوافز مالية وغير مالية من أجل إعادة الانتشار لموظفي الصحة في المناطق التي تشكو من ضعف الخدمات، مع اتخاذ التدابير الملائمة لإيقاف الخروقات والممارسات غير القانونية في مزاولة المهن الصحية.
إقرار سياسة البحث العلمي في ميادين الصحة والطب، وتعزيز التكوين المستمر للأطر الصحية، واعتماد التكوين واستكمال التكوين أداة لتحسين الجودة ولتقوية مهارات وأداء الأطر الصحية والإدارية.
السكن والتعمير والسياسة الترابية
تحتل برامج السكن والتعمير والسياسة الترابية موقعا حيويا في السياسات العمومية الرامية إلى تطوير سياسة سكنية بديلة تواجه العجز المتراكم وتشجع الاستثمارات من أجل ضمان الاستقرار الاجتماعي والمساهمة في التنمية البشرية والاقتصادية. غير أن السياسة العمومية في المغرب أبانت، في السنوات الأخيرة، عن محدودية إجراءاتها في مواكبة التحولات التي عرفها المجتمع ومعالجة العديد من الإكراهات والمشاكل التي تراكمت في القطاع نتيجة غياب رؤية استراتيجية موحدة وسوء التدبير وتنامي ظاهرة المضاربة العقارية. وأصبحت الوضعية، التي تنذر بالقلق وتتسم بالتفاقم، تدعو إلى ضرورة إقرار الحكامة في تدبير المخططات الوطنية ووضع اسراتيجية جديدة تأخذ عين الاعتبار فشل السياسة الحكومية مع إبداع آليات جديدة لتطوير منظومة السكن.
ومن ثمة، يعتمد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تصورا اجتماعيا شاملا لمعالجة إشكالات السكن في علاقته بالتعمير والسياسة الترابية من أجل الاستجابة للحاجيات المجتمعية الملحة وتحفيز الفاعلين الاقتصاديين على الاستثمار المنتج والرفع من الجودة. ويعزز هذا التصور تخطيط محكم يهدف إلى تطوير سياسة السكن الاجتماعي لتلبية الانتظارات المتجددة للفئات المعنية ومواجهة الخصاص المسجل، كما يهدف إلى تطوير سياسة سكنية جديدة لفائدة الطبقات الوسطى بتدابير مغايرة. ويتوخى تصور الحزب للمنظومة السكنية وقضايا التعمير والسياسة الترابية تحسين مناخ الاستثمار في مجال السكن من جهة، ورفع التحديات للتمكن من احترام المعايير المعتمدة والرفع من المهنية وتقوية المردودية.
تراجعات حادة بتداعيات اجتماعية مقلقة
حسب المؤشرات المتعلقة بسنة 2014، نلاحظ تراجعات مهمة مقارنة مع سنة 2013: انخفاض بنسبة 1,1 % في عدد الوحدات السكنية الاجتماعية والاقتصادية، وانخفاض بنسبة 6,7 % في عدد الوحدات السكنية الاجتماعية والاقتصادية الموجودة في طور البناء.
تبرز المعطيات الرقمية أنه تم تسجيل انخفاض حاد بنسبة 44 % في عدد المساكن الاجتماعية المرخصة حيث انتقلت من 87.624 وحدة سنة 2013 إلى 48.721 وحدة سنة 2014.
سجلت مجموعة من القطاعات المرتبطة بمجال السكن تراجعات هامة حيث تم تسجيل انخفاض مهم بنسبة 5,4 % في استهلاك الإسمنت إذ انتقل الاستهلاك من 14,86 مليون طن سنة 2013 إلى 14,06 مليون طن سنة 2014.
اختلالات هيكلية وبطء في الإنجاز
اعتماد إطار استراتيحي متجاوز لا يستجيب للتحولات السياسية والمجتمعية الراهنة ولا يعمل على المعالجة المتكاملة للإشكالات الحقيقية التي تطرحها مختلف أنماط السكن، وخاصة في ما يتعلق بالاستجابة لحاجيات السكن الاجتماعي.
عدم القدرة على تثمين المكتسبات الناتجة عن تفعيل الميثاق الوطني لإعداد التراب والتنمية المستدامة المتمخض عن الحوار الوطني حول إعداد التراب لسنة 2001، سواء على الصعيد الوطني أو على الصعيد الجهوي.
عدم مباشرة مراجعة إعداد التراب، سواء على مستوى الاستراتيجية الوطنية أو على مستوى البرامج التنموية الجهوية، على الرغم من إقرار دستور جديد للمملكة (2011)، واعتماد تقطيع ترابي جديد سنة 2015، وصدور القوانين التنظيمية للجماعات الترابية (2015).
ضعف السياسة العمومية المؤطرة للسكن المعد للكراء وعدم اللجوء إلى الإشراك الحقيقي لمختلف المؤسسات العمومية والجماعات المحلية والقطاع الخاص من أجل الاستثمار في هذا القطاع.
معاناة التدخل العمومي في مجال الإسكان واختلال تدخلاته الموجهة نحو إنتاج السكن الاجتماعي، خاصة على مستوى تحديد المستفيدين ودعم الفئات الاجتماعية المحدودة الدخل والأنشطة ذات الطابع المضارباتي، وضمان شفافية استفادة المستحقين من برامج السكن الاجتماعي.
تعدد المؤسسات العمومية المتدخلة في القطاع داخل نفس المدينة وغياب أي إرادة لإدماج البرامج وتجميع الإمكانيات وإدماج السياسة السكنية ضمن رؤية استراتيجية لتنمية المدينة.
انعدام المخططات السكنية الهادف إلى تخصيص حصة من البرامج السكنية العمومية لفائدة الشباب وللأسر الشابة الحديثة التكوين (التمليك أو الكراء) وغياب الإجراءات التحفيزية للاستثمار في هذا القطاع.
غياب الإطار القانوني الخاص بتهيئة المدن والأحياء القديمة والذي بإمكانه تحديد شروط التدخل في الأنسجة التقليدية، والمحافظة على تراثها العمراني وقيمتها المعمارية ورمزيتها الثقافية.
عدم وفاء الحكومة بالتزاماتها في المجال، وبالأخص إحداث مرصد وطني ومراصد جهوية ومحلية لتأطير واستشراف قطاع السكنى والتعمير واتخاذ الإجراءات الخاصة بإحداث منتوج جديد موجه لفائدة الشباب وللأسر الشابة الحديثة التكوين.
عدم إنجاز أو تحيين المخططات الجهوية للتنمية وإعداد التراب ، الأمر الذي لا يراعي أهمية تحديد الوظيفة الوطنية للجهة.
نحو ميثاق وطني وجهوي جديد
بلورة ميثاق وطني وجهوي جديد لإعداد التراب والتنمية المستدامة من خلال اعتماد مقاربة متعددة الأبعاد تدمج السياسات العمومية المتعلقة بالسكن والتعمير ومنظومة المدن.
تحيين المخطط الوطني لإعداد التراب الوطني ومراجعة تموقع إعداد التراب ضمن الهندسة المؤسساتية التنفيذية وفي علاقته بالتحولات المجتمعية العميقة، وذلك عبر إحداث وكالة وطنية أو مندوبية سامية لإعداد التراب والتنمية المستدامة.
بلورة سياسة وطنية متناسقة لإعداد التراب تستهدف تطوير الذكاء الترابي وتحقيق التنمية المستدامة وضمان انسجام وتناغم آليات التخطيط الترابي مع المخططات القطاعية.
إرساء سياسة وطنية للمدينة تندرج ضمن الاختيارات الوطنية لإعداد التراب بهدف بلورة إستراتيجية وطنية للتنمية الحضرية تحدد وظائف المدن وتضبط دينامية العمران في إطار من التآزر والتنافس الإيجابي.
إقرار نظام جديد لتدبير المدن يضمن الفعالية في التسيير والنجاعة في التدبير ويسمح بالمشاركة الفعالة الواسعة بإعادة النظر في دور ومهام المنتخبين وسلطات الوصاية، وعبر بناء إدارة جماعية حديثة وكفأة.
الحد من تعدد المؤسسات العمومية المتدخلة في القطاع داخل نفس المدينة والحرص على اندماج البرامج وتجميع الإمكانيات وإدماج السياسة السكنية ضمن رؤية استراتيجية لتنمية المدينة.
إصلاح وتعميم نظام التخطيط الحضري، بالاعتماد على التخطيط الاستراتيجي من أجل بلورة المشروع الحضري المنسجم للمدينة عبر تأطير المدن بمخططات استراتيجية تدمج الجماعات الضواحي ضمن رؤية استشرافية تقوم على التشاور والشراكة.
مواكبة المدن الجديدة باستثمارات عمومية في مجال المرافق العمومية والبنيات التحتية، مع إعطاء نفس جديد لسياسة المدن الجديدة والأقطاب الحضرية الكبرى من خلال وضع إطار قانوني ملائم ومحفز يدعم استثمارات المدن.
مراجعة النظام الضريبي لقطاع العقار بهدف جلب المزيد من الاستثمارات وتخفيض العبء الضريبي سواء من جانب الأسر أو المنعشين العقاريين، مع خلق ضرائب متخصصة تبعا لمجالات التدخل (السكن الاجتماعي، الكراء، السكن السياحي، الأنسجة القديمة، ...).
رفع وتيرة إنتاج السكن الاجتماعي بتشجيع الاستثمارات الخصوصية بخلق صناديق استثمارية في مجال السكن الاجتماعي، ومراجعة النظام الجبائي الخاص بمشاريع السكن الاجتماعي لجذب الاستثمارات والاستجابة لحاجيات الجهات.
إعفاء جزئي من الضريبة على الأرباح وتعميم الاستفادة من استرداد الضريبة على القيمة المضافة لفائدة الاستثمارت التي تهم إنتاج 500 شقة أو أكثر خلال خمس سنوات على الأكثر، مع جعل الجودة و السلامة عنصرين أساسيين للاستفادة من التحفيز الجبائي.
تقديم تحفيزات عقارية وجبائية للتعاونيات السكنية وخلق إطار جديد لتنمية العمل التعاوني في مجال السكن، مع تقديم تحفيزات ضريبية للاستثمارات التي تهم المساكن التي لا تتعدى قيمتها العقارية 500 ألف درهم.
تحفيز الجماعات المحلية على تطوير سياسات محلية للسكن الاجتماعي وفقا لحاجياتها بتمكينها من التمويل والعقار في إطار جيل جديد من التعاقدات، مع خلق شركات جهوية تتكلف بتهيئة العقارات لفائدة الجماعات المحلية.
إعادة النظر في قانون بيع المساكن في طور الإنجاز، مع مراجعة الإطار القانوني المنظم لقطاع السكن للفصل بين الكراء السكني والمهني، مع تقديم تحفيزات ضريبية للأسر التي تتجه للكراء.
سن ضريبة جديدة تحد من المضاربات العقارية المتجلية في تنامي المساكن المغلقة على غرار عدد من الدول (5 % من القيمة الكرائية)، مع إقرار ضريبة 10 % على قيمة الأراضي غير المبنية والتي تدخل في مخطط التهيئة ابتداء من السنة الثالثة للاقتناء أو اعتماد مخطط التهيئة لجعل سوق العقار أكثر سيولة.
وضع مقاربة جديدة لمحاربة السكن غير اللائق تعتمد بالأساس على مناطق التهيئة التدريجية التي تستفيد منها الأسر التي تقطن دور الصفيح أو المحدودة الأجر، مع التركيز على المدن التي تعرف انتشارا واسعا للظاهرة.
جعل ملف محاربة السكن اللائق شأنا محليا، مع دعم الجماعات على أساس مجهودها في مجال مراقبة ومحاربة السكن اللائق على ترابها في إطار جيل جديد من التعاقدات.
إعادة هيكلة الأحياء الناقصة التجهيز والأنسجة القديمة والمساكن الآيلة للسقوط حيث تتكفل الوكالات الحضرية بمشاريع إعادة هيكلة الأحياء الناقصة التجهيز بتمويل من الجماعات المحلية، كما تتكلف بالأنسجة القديمة والمساكن الآيلة للسقوط و بإعادة التأهيل الحضري.
تنظيم المهن المرتبطة بقطاع الإنعاش العقاري وخصوص مهن الوكلاء العقاريين، مع تحفيز المنعشين العقارين الكبار لولوج البورصة للاستفادة من كل أشكال التمويل المتاحة.
توسيع عمل الوكالات الحضرية ليشمل التخطيط والاستشراف والتدبير الحضري ومشاريع التأهيل الحضري، وتعميم فروع الوكالات الحضرية لتشمل كل المراكز القروية التي تعرف دينامية عمرانية متسارعة، مع تكثيف التجزئات العقارية بالمراكز القروية الصاعدة.
تعميم وتحيين مخططات التهيئة الحضرية، مع تبسيط مساطر المصادقة ومراجعة وثائق التعمير (6 أشهر على أقصى تقدير)، مع فرض آجال محددة لإنجاز تصاميم التهيئة للجهات التي تشكو من خصاص في إنتاج السكن وتقييد الفوائد خلال مرحلة إنجاز هذه التصاميم.
إعادة النظر في المؤسسات المتدخلة، وخاصة مؤسسة العمران، لتقوية التخطيط الاستراتيجي، مع بلورة أشكال جديدة للشراكة بين الدولة والقطاع الخاص في مجال إنعاش السكن بحثا عن الفعالية وسرعة التنفيذ والجودة.
إحداث مركز وطني للتكوين في التدبير الترابي، وإعداد برامج للتكوين المستمر الملائم.، مع تكوين المنتخبين الجهويين والمحليين لتمكين من آليات التدبير الضرورية لممارسة مهامهم.
تطوير إطار مؤسساتي خاص بالقياس والبحث والتكوين (إحداث مرصد لقياس ملاءمة العرض والطلب في مجال السكن، خلق مؤسسة للأبحاث والدراسات في مجال البناء والإنعاش العقاري وجلب التقنيات الخارجية، خلق مراكز للتكوين المهني والتقني في مجالات البناء والإنعاش العقاري).
تخصيص جوائز لأحسن المشاريع السكنية لتشجيع المهندسين المعماريين والمنعشين العقاريين وشركات البناء الصغرى والمتوسطة والكبرى الذين يساهمون في الرفع من الجودة المعمارية.
الإدارة العمومية
تشكل الإدارة العمومية، في الوقت الراهن، مظهرا مهما من مظاهر تحديث الخدمات القطاعية (الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية) وعقلنة تدبير الشأن العام استجابة للحاجيات المتزايدة للمواطنين. وقد أصبح مقتضى تطوير الإدارة العمومية مقترنا بالحكامة الإدارية وما تستلزمه من آليات وظيفية وتقنية للرفع من مستوى أدائها ومردوديتها، وضمان شفافية تسييرها ونجاعة تدخلاتها. غير أن التجليات المختلفة للإدارة العمومية المغربية تبرز عدم قدرتها على التخلص من العديد من السمات التقليدية التي تتمثل في بطء التدخل وتعقد المساطر وانعدام الشفافية في مجمل المعاملات الإدارية.
واستنادا إلى ذلك، يهدف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية – بناء على المكتسبات المحققة في عهد حكومة التناوب – إلى إقرار تصور شامل وعصري يروم الإصلاح الحقيقي للإدارة المغربية من خلال تحديث بنياتها وتطوير وسائل اشتغالها وتمكينها من الموارد البشرية والمالية والتقنية اللازمة. كما يسعى إلى وضع مجموعة من التدابير الضرورية الرامية إلى المراجعة الشاملة للمنظومة الإدارية وتخليق المرفق العمومي وتعميم الخدمات العمومية. والقصد من ذلك جعل الإدارة العمومية آلية للرفع من قدرات التنمية الاقتصادية والبشرية من خلال الارتكاز على مبادئ القرب والتواصل والحكامة.
إدارة عتيقة .. إكراهات ضاغطة
يفوق العدد الإجمالي لموظفي الدولة 860 ألف موظف موزعين إلى 521 ألفا و553 موظفا تابعين للقطاعات الوزارية، و190 ألفا و442 موظفا تابعين للمؤسسات العمومية، وما يفوق 150 ألف موظف تابعين للجماعات المحلية، مع هيمنة التربية الوطنية (54,09 % من العدد الإجمالي للموظفين) والداخلية (15,64 %).
تتميز الإدارة بتوجهها نحو الشيخوخة حيث إن 53 % من الموظفين تتجاوز أعمارهم 45 سنة، في حين لا تتعدى الفئة المتراوح أعمارها بين 25 و35 سنة، 21.5 %.
كلفت كتلة الأجور الخاصة بموظفي الدولة سنة 2013 ما مجموعه 98 مليار درهم (ما يفوق 11 % من الناتج الداخلي الخام)، مقابل 103,7 مليار درهم سنة 2014 ؛ وهي كتلة تمثل 53 % من نفقات التسيير، وتتميز بالتفاوت الصارخ في تخصيصها لفئات الموظفين.
ضعف إرادة الإصلاح ومحدودية الإجراءات
انعدام الإرادة الحكومية القوية لإصلاح المنظومة الإدارية بالنظر إلى الأداء الحكومي الباهت المتمثل في اللجوء إلى الحلول الظرفية والجزئية في معالجة الإشكالات المتعددة التي تطرحها الإدارة العمومية.
عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل الوفاء بالالتزامات الحكومية المتعلقة بإصلاح الإدارة العمومية ومحاربة الفساد الإداري، مع البطء والتعثر في تفعيل البرامج الحكومية والعجز عن الارتقاء بالأداء الإداري.
خضوع القيادات الإدارية لإكراهات التسيير اليومي في غياب رؤية استراتيجية للتأهيل الإداري ونقص كبير في التدبير التشاركي الذي يتيح تعبئة جميع الطاقات والكفاءات الإدارية، وخاصة الشركاء الاجتماعيين والمهنيين.
تزايد التفاوت الصارخ على مستوى الأجور المعتمدة في الوظيفة العمومية، وعجز الحكومة عن اتخاذ الإجراءات العملية لإقرار منظومة جديدة للأجور، محفزة ومنصفة وشفافة، مع اللامبالاة في التعامل مع فئات عريضة من الوظفين، وخاصة ملف المتصرفين.
هيمنة عنصر التعويضات على التركيب العام لمنظومة اللأجور المعتمدة حاليا في الوظيفة العمومية، وذلك مقارنة مع الراتب الأساسي المرجعي الذي تتميز شبكة أرقامه الاستدلالية بالمحدودية وعدم التناسق.
انعدام العدالة الإدارية من خلال استمرار المقاربة ذات الأساس الفئوي في مجال الأجور، والمؤدية إلى تعميق التفاوتات بين هيئات الموظفين وغياب التجانس بين الأنظمة الأساسية للوظائف.
تصاعد وتيرة الفساد وانتشار مظاهر الرشوة والزبونية وإهدار المال العام في مجموعة من مفاصل المرفق العمومي، الشيء الذي يمس في الجوهر مبدأ المجانية ويؤثر سلبا في ثقة المواطن ومصداقية الإدارة.
عدم التخلص الكلي من ثقل البعد المركزي ومنهجية التدبير التقليدية والطابع الروتيني للعمل الإداري وجمود وتعقد الكثير من المساطر وغياب النزاهة والشفافية.
غياب التوازن بين الإدارات و المرافق العمومية سواء من حيث توزيع الموارد البشرية بطريقة غير منصفة أو من حيث تخصيص الاعتمادات المالية بطريقة غير متكافئة، مما يؤدي إلى وجود قطاعات إدارية بامتيازات واضحة وأخرى مهمشة.
غياب العدالة المجالية في توفير الخدمات الإدارية نظرا للتفاوتات الموجودة في ما بين الجهات من جهة، وفي ما بين الوسط الحضري والعالم القروي الذي يعاني من نقص حاد في الموارد البشرية والمالية والتقنية.
اللجوء إلى الممارسات المناهضة للشفافية وتكافؤ الفرص بفعل اللجوء إلى المناورات والالتفاف على المساطر القانونية المعتمدة في التعيين في المناصب العليا خدمة للأهداف الشخصية والولاءات السياسية.
غياب مخططات فاعلة لتأهيل الموارد البشرية وتنمية المؤهلات والكفاءات الإدارية وتطوير أساليب التدبير الإداري نتج عنه ضعف واضح في برامج التكوين المستمر الموجهة للأطر الإدارية ومختلف فئات الموظفين.
انعدام الاستراتيجيات التواصلية المتمحورة حول المنظومة الإدارية وسياساتها العمومية مما أدى إلى خصاص مهول في الإخبار بالمقتضيات الإدارية، ووعدم تيسير اللجوء إلى المعلومات الإدارية، وقلة التواصل مع فئات الموظفين.
عدم تحقيق أي تقدم ملموس في معالجة تعقد المساطر والإجراءات الإدارية وتشعب المسالك المتعلقة بالخدمات الإدارية حيث تعاني مجموعة من المرافق العمومية الحيوية، في العديد من الحالات، من الطابع البيروقراطي وفرض الشروط التعجيزية.
ضعف الحكامة الإدارية وقصور الرقابة في المجالات العمومية نتيجة قصور عمليات التفتيش الإداري وعدم تفعيل الآليات القانونية والإدارية المتعلقة بالمحاسبة والمساءلة وتقييم المردودية.
تقديم الحكومة ومؤسساتها الإدارية العمومية لنموذج سيء في احترام العدالة والامتثال للقرارات القضائية حيث ارتفعت حالات الإدارات الممتنعة عن تنفيذ الأحكام القضائية، وبالتالي عدم إنصاف العديد من المقاولات والموظفين.
الإرادة والحكامة لإصلاح إداري شامل
بلورة سياسة استراتيجية تشاركية ناجعة لإصلاح المنظومة الإدارية في شموليتها والتركيز، على الخصوص، على المحاور المتصلة بمراجعة النظام الأساسي للوظيفة العمومية وتأهيل التنظيم الإداري وتحديث المؤسسات الإدارية وترسيخ مبادئ الجهوية والإنصاف والشفافية.
نهج مقاربة نسقية متعددة الأبعاد تأخذ بعين الاعتبار المستويات الإدارية والوظيفية والتنموية وتعيد النظر في الجوانب القانونية والتنظيمية والتدبيرية بغية عقلنة المشهد الإداري العمومي.
تعزيز الآليات الرامية إلى تقوية الحكامة الإدارية وضمان نجاعة الرقابة المالية، مع الحرص على تكريس ثقافة التقييم المنتظم والتدبير المنبي على النتائج وربط المسؤولية بالمحاسبة.
اعتماد مخطط متكامل محكم للارتقاء بالموارد البشرية من خلال تحسين ظروف العمل والاشتغال، وتعميم المحفزات المالية ودعم البرامج التكوينية وتقوية الحماية والرعاية الاجتماعية.
مراجعة منظومة الأجور وفق مخطط متماسك يضمن حق الموظفين في أجرة قائمة على مبدأ الإنصاف ومستوى الكفاءة وطبيعة المسؤوليات وتعقد الوظيفة ومجهود الموظف.
وضع استراتيجية جديدة للنهوض بالإدارة المغربية وتحديث أنماط وآليات تدبيرها بما يجعلها إدارة مواطنة ذات مصداقية وقريبة من الانشغالات اليومية للمواطنين وقادرة على تقديم الخدمات الإدارية بأقل تكلفة وأكبر جودة.
اتخاذ تدابير عملية لجعل الإدارة تنخرط فعليا في الإسهام في إنعاش الاستثمار وتعميم الخدمات ذات البعد الاجتماعي والرفع من قدرات التنمية البشرية وتوفير شروط حياة أفضل للمواطنين.
اتخاذ إجراءات تهدف إلى عقلنة التدبير داخل الإدارة العمومية من خلال التخفيف من حدة البيروقراطية، وإعادة تنظيم الهياكل الإدارية، وإقرار سياسة لامركزية قوية عبر منح اختصاصات فعلية للمصالح الخارجية ومدها بالموارد البشرية والمالية اللازمة.
اتخاذ الإجراءات الرامية إلى ضمان الشفافية اللازمة والرفع من حس التواصل مع المواطنين في مراكز تقديم الخدمات العمومية (الصحة، القضاء، النقل، الضرائب، الجمارك، الأمن، ...).
تركيز الإصلاح الإداري على إعادة الاعتبار للمواطنات والمواطنين وتحقيق المصالحة بينهم وبين الإدارة، من خلال تقديم خدمات جيدة بالسرعة والفعالية المطلوبتين.
إعداد وثائق مرجعية عمومية تهدف إلى نشر وتعميم الشروط المطلوبة للحصول على الوثائق والخدمات الإدارية مع تحديد آجال صريحة لتسليم الوثائق المطلوبة من طرف المواطنين والتقيد بها.
دعم البعد المهني وتحسين طرق ومساطر اتخاذ القرارات، خاصة بالإدارات المركزية، ورصد الآليات احترامها في صياغة وتفعيل وتقييم السياسات العمومية بطريقة ناجعة تقوم على تأهيل المورد البشري وتطوير منهجيات التدبير وأساليب الحكامة الإدارية.
اعتماد منهجية موضوعية في مراجعة النظام الحالي للأجور بغية التقليص من حدة الفوارق بين الأجور الدنيا والأجور العليا، وتحفيز الموظفين على الرفع من أدائهم الإداري، بما يعيد الاعتبار للراتب الأساسي والمسار المهني للموظفين وبما يضمن العدالة الإدارية وفي نفس الوقت تحفيز الموارد البشرية.
وضع آليات لنشر الثقافة الإدارية الديمقراطية المؤسسة على مبادئ الحوار والتشاور بين مختلف المتدخلين (الإدارة، الموظف، المواطن، الشريك الاقتصادي والاجتماعي، ...) وإشراك الموظف لإبداء وجهة نظره في المشاريع والبرامج القطاعية والمساهمة الفعلية في صناعة القرار العمومي.
تحيين النصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بالمنظومة الإدارية وتوسيع مجالات تبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية، مع الاستثمار الأقصى للتقنيات الحديثة للمعلومات والتواصل ودعم الإدارة الإلكترونية.
العمل على تفويت المهام والأنشطة التي تثقل كاهل الإدارات العمومية (السكرتارية، خدمات النسخ، النقل، ...) إلى متعهدين خواص ، وذلك باعتماد دفتر تحملات يحدد حقوق وواجبات الطرفين المتعاقدين.
تشديد الإجراءات الموجهة للقطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية للتقيد بالاحترام التام المفروض على الإدارة اتجاه القانون والعدالة من خلال الامتثال لقرارات القضاء وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في حقها.
إعادة النظر في الإطار القانوني للمجلس الأعلى للوظيفة العمومية من أجل تنظيمه بشكل جيد عن طريق تغيير طريقة تشكيله وصلاحياته، وتحديد آليات تواصله مع الموظفين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.