يذكر الجميع، قبل أكثر من ثماني سنوات، نشرت الجريدة خبرا مفاده تعرض قاصر لاعتداء إثر خروجها من علبة ليليه لأحد الفنادق المصنفة بالصويرة. كما يذكر الجميع معالجة الجريدة لموضوع التواجد المكثف للقاصرات في بعض العلب الليلية غير المرخصة أصلا، بما يجعلهن عرضة للاستغلال الجنسي ويفتح المجال أمام تنامي ظاهرة دعارة القاصرات بالمدينة على مرأى ومسمع من الجميع. تتفجر تباعا قضايا التغرير بقاصرات واستغلالهن جنسيا بالصويرة. هذه النوعية من القضايا تعكس الوجه القاتم للأركان البئيسة المعتمة لإحدى أجمل الوجهات السياحية في العالم. يافعات في عمر الزهور، التفت حول أعناقهن الطرية حبائل الصور الحالمة الطائشة للعالم التحتي الليلي الحامل لكوة انعتاق من جحر الفقر المدقع، والحاضن لأبشع صور الاستغلال الجنسي للسذاجة والفقر معا يدعمهن التداعي الحر لمنظومة القيم وتنامي قيم الفردانية والاستهلاك والمقارنة الاجتماعية، وضعف رقابة الأسرة وانحسار الدور التأطيري للمؤسسات التعليمية وتوفر محيط اجتماعي يدفع بالأجساد الغضة المكتوية بنار الجوع والعري تحت أنفاس نتنة لبيدوفيلي تتحلب شفتاه على جسم طفولي لا أمان اجتماعي يستره. لن نخوض في حيثيات القضايا اعتبارا للمنزلقات الكثيرة التي تعج بها، وكون آخرها مازالت جارية أمام القضاء الاستئنافي وأحكامها ليست نهائية كما أن فصولها مازالت غير مكتملة. لكن يجدر بنا التنبيه إلى معطى صادم لم ينتبه إليه أي أحد اعتبارا لاتخاذ القضايا منحى التغرير والاستغلال الجنسي وحسر النقاش بالتالي في معطى «الوساطة» والخدمات الجنسية مدفوعة الأجر، بدون النبش في المسار الذي انتهى بالقاصر إلى الوضع الذي آلت إليه. لماذا لا تثار مسألة تواجد القاصرات داخل مجموعة من الفضاءات العامة المفترض منع ولوجها بالنسبة لمن هن في سنها؟ لماذا لم يتم الوقوف عند معطى مرافقة الراشدات لهن إلى بعض الملاهي الليلية بالمدينة؟ لماذا لم يتم الاستماع إلى مالكي أو مسيري هذه الملاهي في هذا الإطار؟ لماذا اتجه النقاش فقط نحو المسؤولية عن التغرير والاستغلال الجنسي ولم يتم الحديث مطلقا عن الفضاءات المسؤولة عن احتضان شروط التغرير والاستغلال الجنسي وتشجيعهما وتوفير التربة الخصبة لإزهارهما؟ لماذا لا يتم اعتبار هذه الفضاءات شريكة في فعل التغرير و»الوساطة « والاستغلال الجنسي، مادامت قد فتحت أبوابها للقاصرات وأصبحن، بالتالي، فريسة سهلة في عالم الليل والمتعة والغرائز الفاقد للتمييز؟ أهمية هذه النقطة تكمن في كونها تعكس فراغا وتقصيرا كبيرا على مستوى الإجراءات الوقائية المفروض اتخاذها حماية للقاصرين، ذكورا وإناثا، من أنشطة هذه الفضاءات وثقافتها. أهمية هذه المعطى الذي تم تجاهله ،علما بأنه، وحسب مجموعة من المصادر المتطابقة، توجد صور تثبت تواجد القاصرات ببعض هذه الفضاءات، تكمن أيضا في تعبيرها عن مدى قصور طريقة معالجة هذا النوع من القضايا ، حيث يتم التركيز على رد الفعل الرادع جوابا عن نتائج لمسببات يفترض أن يكون في شأنها رد فعل تلقائي وذكي من طرف الأجهزة الأمنية المنوطة بها مهمة مراقبة هذا النوع من الفضاءات. صف طويل من القاصرات بمدينة الصويرة مر ، ولا يزال، من الملاهي الليلية النائمة المصالح المختصة عن ضبط خروقاتها التي لا تعد ولا تحصى. صف طويل من القاصرات عبرن من الزوايا الضعيفة الإضاءة للملاهي الليلية إلى الغرف المظلمة لبيدوفيليين وجدوا ضالتهم في «جوطيات» ليلية غير معلنة لتسويق لحوم قاصرات المدينة ، الفقيرات المعدمات، تختزل طموحاتهن الطفولية في ملابس وأحذية ، ثم هواتف محمولة فوجبات في محلات الأكلات السريعة. المشاهد اليومية لتواصل واختلاط قاصرات براشدين البعض منهم أجانب لا تعوز أمثلتها بمدينة الصويرة وفي أماكن عامة يفترض أن لا تفلت من رقابة الأجهزة المختصة. وهنا يكمن الفراغ الذي يسمح بمرور هواء التغرير والاستغلال الجنسي المسموم الى رئة المجتمع الصويري. أين تتجسد الاجراءات الوقائية المفروض تفعيلها في اليومي حماية لهذه الفئة من هذا النوع من الممارسات المريضة؟ أسئلة ، ضمن أخرى، لا تنتظر أجوبة، لأن الاجهزة المعنية لا تتواصل، بل تنتظر استراتيجية وقائية فعالة تحمي طفولة المدينة من السقوط بين مخالب عالم الليل والأركان المعتمة. علما بأن المسؤولية مشتركة بين مجموعة من المؤسسات، وبالدرجة الاولى مؤسسات التنشئة الاجتماعية، من أسرة وإعلام وشارع ومدرسة ومجتمع مدني.