يواصل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مناقشة القضايا النظرية/السياسية، والتنظيمية، تحضيرا لمؤتمره العاشر، في ظل تحولات كبيرة، عرفها الواقع المغربي، منذ مؤتمره التاسع، مما يفرض طرح أسئلة محورية، تٓهُمّ منهجية الفعل السياسي، لحزب اشتراكي، في مجتمع تتجاذبه تيارات محافظة، منها ما هي رجعية وظلامية، وأخرى حداثية، في ظل دستور جديد، مازال في حاجة إلى تأويل ديمقراطي، عميق، وليس تبسيطي. لقد أظهرت التجربة الملموسة للخمس سنوات الماضية، أن التعامل غير الواقعي، مع الإشكالات الدستورية، المطروحة في المغرب، خلق نوعا من الغموض حول المسار الحقيقي، الذي تأخذه الأمور، حيث وُجِّهت انتقادات للحكومة السابقة، بخصوص منهجيتها، في تعاملها مع المؤسسة التشريعية وكذلك في مجالات أخرى تهم الهيئات والقوانين، والمؤسسات والإدارات العمومية، بالإضافة إلى مشكلة التأويل الديمقراطي والحداثي، في العديد من التشريعات والمبادرات، التي تهم المجتمع والثقافة والإعلام... لقد عملت الدولة على الحفاظ على التوازن المطلوب بين المؤسسات، بل وقامت بعدة مبادرات ذات نفس حداثي، في الشأن الديني والثقافي والتربوي، وأشرفت على مشاريع اقتصادية وعمرانية، مُهٓيكِلة، كما مارست صلاحياتها بنجاح كبير في السياسة الخارجية وتحصين الوطن... ويمكن، اليوم، بعد هذه التجربة، تقييم النص الدستوري، بناءً على معطيات واقعية، وليس على تصور نظري، لأن الدساتير هي ابنة الواقع، وليس نماذج جاهزة، لذلك، فإن المجهود النظري والسياسي، الذي يبذله الاتحاد الاشتراكي، في أفق مؤتمره المقبل، ليس مجرد تٓرٓفٍ فكري، بل هو عمل ضروري، لحزب يتوخى التعامل مع الواقع الذي يشتغل فيه، بواقعية مُنْتِجٓةٍ، من أجل المساهمة في تطوير المجتمع. وللتقدم في هذا الاتجاه، فإن منهجية التفكير، تكون مغايرة، لأنها تبتعد عن النماذج الجاهزة، المسطرة في الكتب الجامعية، لأن ما هو مطروح هو تقديم أجوبة عن أسئلة ملموسة، ينتجها الواقع المغربي، وليس التصور النظري المجرد. فالمجتمع المغربي، يحتاج إلى إصلاحات جذرية، في المجالات الاجتماعية وليس إلى سياسات ترقيعية، وإلى مشاريع اقتصادية وأشغال عمرانية ضخمة، وإلى توجهات تربوية وثقافية وإعلامية حداثية، وإلى نموذج تنموي يحفظ كرامة الموطن، وإلى توازن بين المؤسسات، دون هيمنة أو تسلط، وإلى تأويل للدستور، بنفس حداثي، منفتح على الحضارات وعلى العالم، أي إلى مشروع نهضوي إصلاحي كبير0