زوال 22 مارس 2011 بزاوية سيدي اسماعيل لم يكن يوما عاديا ، بل كان مملوءا بالجمال، الجمال الذي رأيت انه سينقذ العالم من القبح .الجمال الذي يمنح شكل الأمل والمراد كما قال مرة دستوفيسكي ونراه بعين النسر أفقا جديدا مختلفا. الجمال الذي رأيت أن أشارككم إياه. وجوه أعرفها وتعرفني، شباب من مختلف الأعمار والزهور، فتيات ورجال ونساء من الأماكن المهمشة تصدح بالفرح بإعلان يوم الغضب بالمشاركة والتعبير عما يخالج صدرها المقموع من كام سنة . امرأة تزغرد أمام بوابة الفيلا التي اخترقها وتسلل لها الصراخ والاحتجاج كيف تبني فوق أرض أملاك الدولة ؟ ومن أين لك هذا ..؟ وأخرى تزغرد وتهلل بغد جديد أمام بوابة مجلس المنتخب (الجماعة القروية ) ترفع أصابع النصر وتصرخ بعفوية لابد منها : عاش الملك ويحيى الوطن، والبؤساء يقفون في الجانب الآخر وجوههم سوداء صدورهم منقبضة مهشمة الخواطر. الحناجر تعبر بشعارات بريئة قوية، أبناء الزاوية خرجوا عن بكرة أبيهم ، أحصاهم البعض بالمئات في الأول ثم بالآلاف بعد ذلك، كلها تنادي بالعزة والكرامة، ولأنها تمردت على الخوف وقتلته داخلها أولا ..هاهي ضد الفساد البيروقراطي الذي يمارسه البعض في المجلس تتوسد غضب الجرح الرملي تحمل شارة ارتعاشة النصر والتغييرتعلن ميلاد قصيدة الفواكه. وحين تصرخ هذه الحناجر المحررة بشعارات ضد لوبي الفساد الانتخابي المالي بالخصوص، والتهميش والإقصاء وضد سوء التسيير والبلقنة وسياسة الترقيع والمحاباة ..تذكرت لا سلطة للكبار علينا وهامات البعض تتساقط الواحدة تلو الأخرى بعلامات الأدعية والكلمات المحررة من الخوف والتسلط تتناثر وتتساقط ، أرى الابتسامات تعلو الوجوه .أرى زمن الخريف قد ولى ، أرى الأفواه تتسع وتمنحك المحبة تصعد بك درجات الحياة ، من اين تهب هذه الريح ؟ قلت لصوتي النائم على جناح الطائر هنا يتكلم الحجر ان جاز النطق، كأن الصوت احتجاج حجر وكأني اكتب الحكاية الذي بت البارحة أتهجاها وكأني أرى الجهة اليسرى من قلبي تكبر وتتسع مدى للقادمين ، هل تسألني الأغاني من اين تعلمت هذه الموسيقى.. ؟ شوارع الزاوية (زاوية سيدي اسماعيل طبعا) تكسبني المناعة للمشي طويلا في دربات تكمن لي فيها الحفر وتئن والطيور والكلاب تسأل أين المفر؟ ولا أثر للجليد من الشمال تهب الريح ومن ضوء الظهيرة نوقد الشموع وتذوب ندف الثلج وهل تعبر مثلي شاعرا ينثر الجمال تفتح عينيه الواسعتين من الدهشة كلما أوقفني قال أيها الماء تعال أيها الشاعر لا تسقط جهة اليمين، اصعد درج وطريق السوق حيث الفول والحلقة والخضر والاسفنج وتمهل ثمة أناس هناك.. أناس يقتصدون في الكلمات، في اللغة لكي يعبروا عن الأماني ( بول ايلوار) وكأنهم شعراء بالمناسبة او بدونها شعراء الحس الجمالي الذي تحدثت عنه سابقا ، ليس لأن اليوم هو 22 مارس، بل هو أكبر من ذلك يوم يعاند امتشاق النخيل وعلى درب الشعراء سلاح ضد جيوب المؤامرة ووجه من اوجه المقاومة ضد من نصب نفسه بلا حياء رئيسا للكل، ضد التسيب، ضد محاولة تكميم الأفواه ومحاصرة الكلمة الصادقة والإعلام، لأن الشعر كان ومازال سلاح مقاومة ، مقاومة جيوب الاستعمار القديم والجديد والتسلط ضد هذه البرودة وطقوس الاستسلام ، خيمة الانفتاح والاحتجاج والتمرد وبأصابعنا يتسع هذا المدى....ويكبر هذا الوطن الممتد من القلب إليكم جميعا.