بين دورات الأرقام القياسية ودورات الجبر والحلايقية هل يكفينا ميثاق واحد للقطع مع سياسات جماعية سابقة أغرقت مدننا في بحر من الفوضى واللاتنظيم؟ و هل يكفي سماسرة الشأن المحلي ميثاق واحد لردع طموحاتهم المالية؟ وهل يكفي وزارة الداخلية ميثاق واحد لتطوير العمل الجماعي ببلادنا؟ بل وهل يحتاج الأمر إلى شهادة ابتدائية فقط لتسيير جماعات لها مكانة متميزة إما لموقعها أو للأنشطة الاقتصادية المزاولة فيها ؟ مناسبة هذا القول الأخبار الواردة من أكثر من جماعة حول أشغال دورات الحساب الإداري بمجموعة من الجماعات والتي اتسمت جلسات البعض منها بالسوريالية والبعض الآخر بالإنتهازية وأخرى بالكوميدية. هناك دورات حطمت الرقم القياسي في قصر مدتها الزمنية، افتتاح، عرض، مصادقة بالإجماع، تلاوة البرقية المرفوعة إلى جلالة الملك وتصفيق فغذاء ومآرب أخرى كعربون «محبة» على الانضباط. وهناك دورات الجبر والتقويم، افتتاح، نقط نظام، مشاداة، توقف واستئناف الأشغال بعد جبر الخواطر ولكل خاطر «جبيرته الخاصة التي تقوم اعوجاجه»! وهناك دورات (الحلايقية)، افتتاح، نقط نظام انطلقت لكي لاتنتهي، ارتباك مداخلات لايدرك المتدخل نفسه محتواها، فوضى، تعليق الأشغال إلى موعد لاحق بعد أن تتدخل السلطة بالترغيب أوالترهيب لدفع العجلة إلى الأمام. وهناك دورات جماعية على قِلٌَتها تشكل استثناءا حقيقيا في مشهدنا الجماعي، دورات يتم الإعداد القبلي لها من خلال تفعيل عمل اللجان الدائمة للمجلس وتكون الجلسة العامة مجرد لقاء لعرض الأشغال وبالتالي يتم قطع الطريق على الغوغائيين الذين يفضلون لعبة المقاطعة بالانسحاب من القاعة، أو الغياب والاكتفاء بمحاولات الاصطياد في الماء العكر خارج القاعة. فليختر رؤساء جماعاتنا تصنيف دوراتهم ضمن هذه التشكيلة أو تلك وليصنفوها إن كانت ضمن لائحة الأرقام القياسية أو دورات الجبر أو الحلايقية أو تلك الدورات الاستثنائية. يحكى والعهدة على الراوي - بالواو أو الميم فالأمر سيان - أن رئيس مجلس جماعي كان يعقد جلسة عمل موسعة مع كاتبه الخاص شهرا قبل موعد الدورات العادية للمجلس، كانا لا يتدراسان مشاكل الجماعة بل السبل الكفيلة بضمان سير عاد لأشغال الدورة وكان لكل مستشار من أغلبيته «كود PIN» وكان هناك مستشارون من العيار الثقيل لايجدي معهم ال «PIN» نفعا! فهم بحاجة إلى «كود PUK» لتلطيف الأجواء مع احترام قاعدة التخصص بالنسبة لكل واحد على حدة. بعد كل هذا وذاك هل يمكن الحديث عن ميثاق جماعي فقط شخصيا، لا أظن وأعتقد أننا لسنا في حاجة إلى ميثاق جماعي فقط، بل في حاجة إلى ميثاق أخلاقي قابل للتفعيل على أرض الواقع. ميثاق لايتوقف عند حدود ديباجته ومتنه وخاتمته بل يمتد إلى الواقع ويؤطر عملنا الجماعي بالشكل الذي يحول الدورات العادية والاستثنائية إلى جلسات لمناقشة الشأن العام المحلي بنوع من الترفع عن الحسابات الضيقة وبعيدا عن التمييع وأسلوب المزايدات للإبتزاز ولي الذراع. وفي انتظار خروج مثل هذه المواثيق إلى أرض الواقع تبقى الدورات الجماعية بمجموعة من الجماعات رهينة لعبة ال «PIN» وال «PUK» ..!