ألزمه وضعه الصحي الحرج جداً ، وهو في سن ال 55، جراء إصابته بشلل نصفي وبأمر من مسؤوليه، على وضع طلب قصد التمتع ب «التقاعد النسبي»، وهو اختيار لم يجد (م. ص) من بديل ثان له قصد ضمان حد أدنى من المعاش غير تنفيذ واحترام المساطر المتبعة بخصوصه، كما هو منصوص عليها قانوناً. السيد (م. ص) الذي كان إلى حين إصابته بالشلل النصفي، رجل تعليم بإحدى مدارس الدارالبيضاء، حيث ظل يمارس التدريس العمومي منذ سنة 1967 الى سنة 2000 ، وهي السنة التي سيدخل خلالها الرجل في إعاقة مستدامة وعجز تام عن ولوج الفصل، لم تجد معها طلباته الى نيابة التعليم أذناً صاغية قصد إعفائه من التدريس وإلحاقه ببعض المصالح الادارية الى حين بلوغه سن التقاعد القانوني. وهكذا، وجد صاحبنا نفسه مجبرا على المثول أمام اللجان الطبية المختصة بعد إدلائه بكافة الشواهد الطبية المبينة لخصوصية وطبيعة المرض والإعاقة، التي تفيد بعدم قدرته على التدريس بالفصل، وإن كانت لا تحمل في طياتها أية إشارة إلى إمكانية ممارسته لأي نشاط إداري بالمصالح التابعة لنيابات التعليم بالمدينة، حيث وبعد إخضاعه للفحص المضاد، تمت الموافقة على إحالته على «التقاعد النسبي» لدى الصندوق المغربي للتقاعد ب 68 في المائة من راتبه الشهري. الرجل الأب لستة أطفال، المنهك بأتعاب العلاج المكلِّف والمستدام، والذي لا يتوفر على سكن اجتماعي، وجد نفسه، وهو الذي قضى 33 سنة من العمل والمرتب في السلم 9، أن معاش تقاعده لا يتخطى عتبة 2500 درهم، كان اعتقد أول الأمر أنه مع بلوغه سن ال 60 سيستفيد من تقاعده كاملا بدل 68 في المائة. إلا أن وقع المفاجأة، بل الصدمة، كان قويا عليه، حين وصل الى علمه أن ال 2500 درهم التي يتقاضاها كمعاش، ستظل تجري عليه مدى الحياة وأنه لا مفر له من قبول هذا الوضع بكافة مظاهر الحاجة والفقر والبؤس الكبير، والتي ستزداد استفحالا في حالة الوفاة ، لاقدر الله، حيث لن يكون نصيب الزوجة والأبناء من المعاش سوى 1250 درهما في الشهر! هذا الوضع المأساوي الذي يوجد عليه السيد (م. ص) يشكل حالة من ضمن حالات كثيرة يتخبط فيها العديد من الموظفين والأجراء الذين أجبروا ، تحت ظروف صحية صعبة، على مغادرة مؤسساتهم براتب تقاعدي لا يرقى إلى الاستجابة إلى حاجياتهم ومتطلباتهم المعيشية وإكراهاتها المتزايدة أمام الارتفاع المهول للأسعار وضعف القدرة الشرائية المنهارة بشكل منتظم، مما يجعل هذه الفئة العريضة ، من الأجراء والموظفين، المتضررين من وضعية « اللاتقاعد» هذه، يتطلعون إلى إعادة نظر جدية وجذرية من قبل المسؤولين المعنيين، قصد تصحيح مستحقاتهم المعاشية، وذلك بدخول معاشهم التقاعدي «النسبي» التقاعد القانوني بمجرد بلوغهم سن ال 60.