قال عبد الحميد فاتحي إن المس بنظام التقاعد قرار «لاوطني» وسيكون أداة لإنتاج فقراء جدد في بلادنا، مشيرا في هذا الإطار إلى «هجوم» الحكومة الذي وصف بالسافر على حق أساسي من حقوق الطبقة العاملة، وذلك بتمديد تقاعد رجال ونساء التربية والتكوين والأساتذة الباحثين، رغم بلوغهم السن القانونية، إلى غاية نهاية الموسم الدراسي الحالي. وأضاف الكاتب العام للفدرالية الديموقراطية للشغل، في اللقاء التواصلي، الذي احتضنه مقر مركز الدراسات والعلوم الإنسانية والاجتماعية بوجدة مساء السبت 20 شتنبر 2014، حول موضوع التقاعد والمستجدات الاجتماعية، (أضاف) أنه من الغريب التصديق بأن من اتخذ قرار تمديد سن التقاعد بالنسبة للشغيلة المغربية من موظفين ومستخدمين ويريد تمريره على الشعب المغربي، يمتلك حس الانتماء إلى هذه الفئات الشعبية ويمتلك الحس بأن هذه البلاد بناها بجهد كبير هؤلاء المتقاعدون والموظفون...، مبرزا بأن هذا الإجراء يتنافى مع القيم والمبادئ والأسس سواء لدستور 2011، أو للخطاب السياسي لحزب رئيس الحكومة الذي ملأ الشوارع والبيوت والتلفزيونات في انتخابات 25 نونبر 2011. وأشار أيضا إلى تجاهل الحكومة في اتخاذ هذا القرار، لمركزيات نقابية لها تمثيليتها على الصعيد الوطني في مؤسسات التشغيل وفي مجلس المستشارين وفي منظمة العمل الدولي وفي المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وأيضا خارج الحوار الاجتماعي الذي أدت ثمنه الطبقات العاملة في نهاية السبعينات والثمانينات. وفي نفس الإطار، ذكر فاتحي بالاتفاق الذي تم في عهد حكومة ادريس جطو بالتوجه جماعيا صوب التوافق لإصلاح أنظمة التقاعد من خلال تأسيس اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد سنة 2004 التي ضمت الحكومة والنقابات ومدراء الصناديق وممثلي وزارة المالية وجميع الأطراف المعنية، وأنتجت اللجنة الوطنية اللجنة التقنية التي اشتغلت منذ 2004 ووضعت تقريرا فيه إصلاح شمولي. وأبرز أنهم في اللجنة الوطنية كانوا سيعملون على إصلاح كل أنظمة التقاعد وكل صناديق التقاعد بمنطق يوحد بين المغاربة، سواء العاملين في القطاع العام أو القطاع الخاص، وهي الأمور التي تجاهلها رئيس الحكومة وقام بقرارات انفرادية وارتجالية يتحمل تكلفتها الموظف لوحده. وتطرق إلى الملف الاجتماعي وقال بأنه من أضخم الملفات الاجتماعية التي عرفتها الحركة النقابية في المغرب، وأشار إلى السياقات التي يأتي في خضمها هذا الملف والتي تزيد من خطورته كالممارسة السياسية اليومية لحكومة بنكيران والخطاب السياسي المتدني الذي أخرج المؤسسات السياسية من الهيبة التي كانت لها، بحيث أصبحت السياسة التي «كنا نرى بأنها نبل، مجالا لشطب الآخر والبحث بكل الوسائل الصادقة وغير الصادقة للوصول إلى مناصب المسؤولية والتحكم في زمام البلد» يضيف الكاتب العام للفدرالية الديموقراطية للشغل. وعرج عبد الحميد فاتحي على الاقتصاد الوطني وقال بأنه يعيش وضعية صعبة، حيث لم نتقدم خلال الثلاث سنوات الأخيرة في بناء اقتصاد وطني وهذا ما أشارت إليه أرقام البنك الدولي وأرقام المندوبية السامية للتخطيط وأرقام المركز المغربي للظرفية الاقتصادية وحتى أرقام الحكومة نفسها، والشيء الوحيد الذي تقدمنا فيه يقول فاتحي هو «رهن البلد من جديد في يد المؤسسات المالية الدولية، حيث وصلت مديونية المغرب اليوم إلى حوالي 65% من الناتج الداخلي». وفي ما يتعلق بالمكتسبات التي تحققت في الميدان الاجتماعي، أبرز الكاتب العام للفدرالية الديموقراطية للشغل بأنها أصبحت مهددة في عهد حكومة بنكيران التي تستعد لإخراج القانون التنظيمي للإضراب لمحاصرة الحق النقابي، وتستعد أيضا لإخراج قانون النقابات لخنق الحرية النقابية، كما تستعد لإدخال آليات المرونة على مدونة الشغل لتسهيل تسريح العمال... وقام بمقارنة ما تحقق من مكتسبات لفائدة الشغيلة المغربية في عهد الحكومات السابقة، بدءا من حكومة التناوب مع السي عبد الرحمان اليوسفي، حين تم الاتفاق على مأسسة الحوار الاجتماعي في دورتين (شتنبر وأبريل) وهي الآلية التي استمرت في عهد حكومتي ادريس جطو وعباس الفاسي وحققوا خلالها عدة مكتسبات كالترقية الاستثنائية والزيادة في الأجور... لكن -يستطرد عبد الحميد فاتحي- «منذ ثلاث سنوت لم نر زيادة في الأجور ولا ارتفاعا في نسبة التشغيل، كما تم إفراغ الحوار الاجتماعي من محتواه ولم يعد محترما»، وأشار إلى اتفاق 26 أبريل 2011 الذي رفضت الحكومة الالتزام به رغم أن بعض الأمور الإيجابية التي جاءت فيه لا تكلف الدولة ولو درهما واحدا، ويتعلق الأمر بإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الذي بموجبه يحاكم العمال الذين يقفون في باب المعمل بتهمة عرقلة العمل، والمصادقة على اتفاقية 87 لمنظمة العمل الدولية المتعلقة بالحريات النقابية. وفي مقابل ذلك، يضيف الكاتب العام، اجتهدت الحكومة في تجميد الحوار الاجتماعي وإفراغه من محتواه، واجتهدت في تجميد الأجور والاقتطاع من أجور المضربين، كما اجتهدت في إحداث ضريبة جديدة في القوانين المالية الثلاثة تمس الأجراء وتمس الطبقة العاملة، كذلك اجتهدت وبشكل كبير في الزيادة في أسعار المحروقات وكذا الزيادة الأخيرة في الماء والكهرباء، والتي سيكون المتضرر الكبير منها هم الفئات الوسطى التي عصبها وقوتها هو الطبقة العاملة والأجراء، سواء موظفين أو مستخدمين في القطاع الخاص... وتساءل فاتحي إن كانت الإجراءات المذكورة إصلاحا؟ مبرزا بأنها إجهاز على حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة، معربا بأنهم مع الإصلاح ولكن في إطار حوار اجتماعي يضمن الحقوق والمكتسبات ويكون فيه العطاء متبادلا، لا أن يستغل هؤلاء ما وصل إليه المغرب ويتربعوا في سدة تدبير الشأن العام لكي يمرروا كل الملفات التي لم ترد أي حكومة تمريرها على حساب الطبقة العاملة والجماهير الشعبية، «ليس لأن هؤلاء أكثر وطنية من السابقين ولكن كانت هناك روح الحوار وروح الإشراك والتشاور واحترام ما تم الاتفاق بشأنه». وتحدث عن إضراب يومه الثلاثاء 23 شتنبر 2014، وقال في هذا الإطار بأنهم في الفدرالية الديموقراطية للشغل مع إخوانهم في الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، يؤكدون بأن محطة 23 شتنبر هي محطة إنذارية مقدمتها وجوهرها هو وقف هذا النزيف وهذه الهجمة على التقاعد التي ستستنزف الموظف، «فإما نعود للحوار الاجتماعي ونعود لمواصلة النقاش داخل اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد وإلا سنكون مضطرين ومكرهين ومرغمين على أن نخوض هذه المعركة، وإذا لم تستجب الحكومة سنكون في حل مما يمكن أن يهدد في المستقبل استقرارنا الاجتماعي» يقول عبد الحميد فاتحي.