في ليلة الإضراب الوطني العام، تصاعدت حدة الغضب الشعبي في خنيفرة بسبب غلاء فواتير الماء والكهرباء، رغم كل المحاولات التي قامت بها بعض الجهات في السلطة الإقليمية والمحلية، ومن جانبهم توعد المتظاهرون بمواصلة الاحتجاجات إلى حين إيجاد حل لما وصفوه ب «المصيبة»، وكم كانت مفاجأة المراقبين كبيرة أمام صمود سكان المدينة الذين نزلوا ثانية بالآلاف، بعد زوال يوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2014، أمام عمالة الإقليم بشكل فاق كل التخمينات والتوقعات، حتى أن القوات العمومية تعززت بقوات التدخل السريع التي طوقت باب العمالة تحسبا لأي طارئ ، وقد سجل ترابط أفراد الشرطة والقوات المساعدة، إلى جانب عناصر من الاستخبارات والسلطات المحلية وأعوانها، ولحظتها كانت هناك محاولات للتحاور إلا أن غضب المتظاهرين كان فوق أي حوار يعتبرونه وسيلة للتطمين ومضيعة للوقت. وتأتي المظاهرة الشعبية بعد المسيرة الغاضبة التي عاشتها المدينة، بعد زوال يوم الجمعة الماضي 24 أكتوبر 2014، والتي عبرت مقر عمالة الإقليم ومكتبي الماء والكهرباء، في حين تدفق المتظاهرون، يوم الثلاثاء، من مختلف أحياء المدينة، والتقوا أمام مقر عمالة خنيفرة حيث رفعوا عدة يافطات ولافتات تطالب ب «إسقاط الحكومة» و«رحيل الفاسي الفهري» وتندد بسياسة التجويع والتفقير ونهب المال العام، فيما رفع الكثيرون فواتير تحمل مبالغ صادمة وغير مبررة، وقد أجمعوا على أن مبالغ فواتيرهم تضاعفت بثلاث مرات وفي عدد من الحالات بأربع مرات، في حين واصل المتظاهرون رفع شعار «ما مخلصينش» تعبيرا منهم عن رفضهم أداء الفواتير إلى حين حل المشكل، وفي كل المؤشرات ما ينبئ بأن المدينة ستعرف تصعيدا قادما، سيما مع ارتفاع أصوات تدعو إلى «اعتصام مفتوح» وسط الشارع العام. وفي بيان تنديدي تلته جمعيات محلية على المتظاهرين، وحصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منه، تمت فيه «إدانة كل من المكتب الوطني للماء والكهرباء، والسلطات المحلية أيضا جراء موقفها السلبي في عدم التدخل لإيقاف تعسفات الفواتير المهولة»، وبينما طالب ذات البيان ب»إلغاء هذه الفواتير الخيالية دون قيد أو شرط»، عبر عن «إصرار الساكنة على محاسبة المسؤولين»، مع تحميلها كافة المتدخلين والمساهمين «مسؤولية أية تطورات محتملة في حال عدم التدخل الفوري لوقف المهزلة» حسب البيان الذي دعا عموم ساكنة المدينة إلى المزيد من التعبئة وحشد الدعم عبر مختلف الأشكال النضالية حتى تحقيق المطالب كاملة. المظاهرة الشعبية عرفت مشاركة واسعة لمختلف الفئات والأعمار والشرائح الاجتماعية، والفعاليات الجمعوية والحقوقية والنقابية والسياسية والتربوية، والإطارات النسائية والشبابية، والمعطلين والمتقاعدين والعمال والفلاحين والتجار والطلبة والباعة المتجولين، فضلا عن تنسيقية للأحياء الشعبية، أما عناصر الأمن والقوات المساعدة فقد اكتفت كعادتها بمراقبة الوضع دونما أي استفزاز أو تدخل عنيف، وربما كان ذلك من باب الاستجابة للتعليمات الصادرة في هذا الشأن لكافة المسؤولين بمعالجة جميع المشاكل المتعلقة بهذه الأزمة التي أضرمت نار الاحتجاجات بكل ربوع شوارع البلاد، ذلك رغم بعض المحاولات التي سعت إليها السلطات الإقليمية بغاية التخفيف من حدة الغليان الشعبي. بينما صب الكثيرون جام غضبهم على حكومة بنكيران التي تعمل جاهدة على «انتشال» المكتب الوطني للماء الصالح للشرب من أزمته المزعومة على حساب جيوب المواطنين، رغم علم الدولة بتزامن «الكارثة»، كما وصفها البعض، مع مسلسل عطلة الصيف وشهر رمضان والدخول المدرسي وعيد الأضحى، والمؤكد أن تكون لفاتورة الماء مضاعفات على القدرة الشرائية والمعيشية والكرائية للكثيرين، وتجدر الإشارة إلى أن عامل الإقليم لم يسلم بدوره من موجة المتظاهرين في مطالبته في لحظات هائجة بالخروج عندهم، إلى جانب شعارات قوية رددتها حناجرهم عاليا وكانت كافية لأن ترفع من درجة استنفار القوات الأمنية بين الفينة والأخرى.