البعض ينعته ب "الورقة"المتعددة الاستعمال(jock) في ساحة الدراما الوطنية، تبعا لحضوره الملموس والمتوالي في العديد من الإنتاجات الدرامية المغربية، تلفزية، سينمائية ومسرح: وتبعا، أيضا، لإسناد إليه أدوارا ارتكازية أساسية في معظم الاعمال التي شارك فيها، وآخرها الفيلم التلفزيوني "الطيور على أشكالها تقع".. والبعض الآخر يؤاخذ عليه تقوقعه في أدوار نمطية تحد من تفجير امكانياته التجسيدية الكبيرة.. " الاتحاد الاشتراكي" ، تسائل محمد البسطاوي، الفتى الآتي من عمق هضبة الفوسفاط، عن هذه القضايا وقضايا أخرى لها صلة بالموضوع فكان الحوار التالي: -آخر ظهور لك على الشاشة كان في فيلم "الطيور على أشكالها تقع" لعبت فيه شخصية مغايرة تماما عن نمط الشخصيات التي أديتها في أعمال درامية أخرى.. بدءا، كيف تقيم أداءك لهذه "الشخصية" وهل أنت راض عن المردودية؟ --بدءا كل سيناريو أطلع عليه وأقبل الاشتغال على ضوئه ،إلا وأشرع في البحث في طبيعة الشخصية المسنودة إلي، حتى يكون الأداء صادقا وفي المستوى المناسب والمطلوب وبالتالي ينطبق مع ماهو متخيل??? وبخصوص الفيلم التلفزي "الطيور على أشكالها تقع" للمخرج ادريس شويكة الذي بتثه القناة الثانية مؤخرا، فأعتقد، وحسب ما توصلت إليه من انطباعات الناس، فمشاركتي في هذا الفيلم، كانت ايجابية.. فشخصية "عبد الله، في الفيلم، هي شخصية مركبة، ويتطلب تأديتها التوفر على مرجعية وهي مرجعية معيشة.. العديد منا قد يكون عاشها، وعرف حالات القلق والشك والوسواس والنظر الى الحياة بلون سوداوي إزاءها. لذلك فانطلاقا من هذه الرؤية، اشتغلت على هذه الشخصية (عبد الله)، بمساعدة ادريس اشويكة وكانت النتيجة كما ذكرت، وأنا جد سعيد بذلك. تبعا للسؤال السابق، دور "عبد الله"، في فيلم "الطيور على أشكالها تقع" هل تعتقد أنه "أنقذك" من بعض أدوارك المكرورة? كما يعتقد البعض؟ إن الاشتغال على أي عمل درامي لا يتطلب الارتجال، بل يتطلب البحث والتنقيب عن ما يناسب الأدوار تفاديا في الوقوع في النمطية أولا، ثم ثانيا للظهور بمظهر جديد يختلف عما تم القيام به، من قبل، ، أقول ذلك، من منطلق أننا، كممثلين، نشتغل بتعبيراتنا الجسدية والصوتية ونقدم أدوارا وشخصيات بعيدة عنا وعن نمط معيشنا اليومي في غالب الأحيان. وبطبيعة الحال، فإن الاشتغال على أي عمل درامي يتطلب الاستعداد والبحث قد يشكلان هما كبيرا لنا، وتخوفا إلى درجة قد نصاب بسببهما بالإرهاق التام.. وسلاحنا الوحيد لمجابهة هذا الإرهاق هو الإحساس الصادق بما نقوم به أثناء العمل، إرضاء لذواتنا ولمتابعات المشاهدين.. وتبعا لهذا الحديث، فإن المؤاخذة التي توجه إلي من بعض الأشخاص ومفادها أن البسطاوي يكثر من أداء شخصية "العروبي"، فإن ردي، على هؤلاء هو أن طبيعة وأداء هذه الشخصية في أي عمل درامي هما مختلفان بالضرورة عن أية شخصية أخرى في عمل درامي آخر? فعندما أحسُّ أنني أصبحت نمطيا،سأنسحب من الميدان بالمرة? فلابد إذن، من البحث والتنقيب، ليس خوفا من انتقادات الناس ولكن بحثا عن راحتي وهدوء بالي.. ف "راحتي في عذابي؟" أنت الآن من الوجوه المعروفة البارزة على ساحة الدراما الوطنية التي تسند لها أدوار البطولة أو الرئيسية، ألا تعتقد أن اقتصار بعض المخرجين والمنتجين على أسماء معينة سوف يحد من توسيع "قاعدة النجوم" لدينا؟ المسألة تتعلق في نظري أولا بالإيمان بالأشخاص وبكفاءتهم، وإذا كان مخرج ما يشتغل مع مجموعة من الممثلين يرى أنهم هم الأكفأ لأداء ما يريد، فهذا ليس عيبا.. ثم إن المسألة، بصفة عامة هي مسألة حظوظ واختيار ممثلين "كاستينغ". وعلى العموم، فمهمتنا ليست مستقرة، فلو كانت غير ذلك لظهرت وجوه جديدة ونجوم جديدة. فنحن الآن، مازلنا ننتظر ما سيحمله قانون الفنان حتى يكون لنا اعتبار ونقدم شيئا مهما لهذا المجتمع ونشتغل في ميدان يخلو من الفوضى والتسيب والتوفر على بطاقة تحدد هويتنا المهنية.. أظن أن هذا القانون وما سيحمله من جديد سوف يشجعنا ويفتح آفاقا واسعة لنا وللأجيال الجديدة. لماذا الإلحاحية على البطاقة المهنية؟ البطاقة سوف تحدد من هو الفنان من غير الفنان، انطلاقا من مقاييس ومعايير مضبوطة ستحددها الجهات المختصة ، إضافة إلى ما ستخوله من امتيازات وتخفيضات في قطاعات معينة بعد الاتفاق مع الجهات المسؤولة، كما هو جار به العمل مع مهن أخرى. وماذا عن حكايتك مع الدراما العربية وخصوصا السورية بعد مسلسل "صقر قريش"، فهل من جديد؟ فعلا كانت لي تجربة قصيرة في المسلسل السوري "صقر قريش" (ثلاث حلقات) بمعية الممثل الزميل محمد خيي، وقد عرض عليَّ في الموسم الماضي الاشتغال في مسلسل سوري آخر يحمل عنوان "ربيع قرطبة" وقد تعذر عليَّ ذلك بحكم التزامي في عمل درامي آخر مع المخرج المغربي داوود أولاد السيد ثم التزامي بعد ذلك مع المخرج سعد الشرايبي في فيلمه "جوهرة". فقد كان السوريون يصورون عملهم هذا بالمغرب بالتوازي مع تصوير العملين المذكورين? وعلى العموم فقد قدم الى هذا العرض من منطلق إيمانهم (السوريين) بإمكانيات (المغاربة) أداء وتشخيصا. لماذا لم يكن حضورك في تجربة "صقر قريش" بنفس ثقل حضورك في الدراما المغربية؟ أعتقد أنه ليس هناك فرص كثيرة. فالإخوة السوريون لم يكتشفوا ويستثمروا بالشكل المأمول، إمكانيات المغرب البشرية والطبيعية إلا في الآونة الأخيرة. وقد تجلى ذلك بوضوح بالتعامل ،مثلا ، مع الزميل محمد مفتاح الذي أضحى نجما عربيا كبيرا. بصفة عامة المسألة مسألة فرص فقط. اشتغلت في المسرح ،التلفزيون والسينما، من كان له الفضل في بروزك أكثر؟ لا أستطيع أن أحدد من له الفضل في ذلك، لأنه بكل بساطة، أن شخص أحب هذه المهمة، اشتغلت في المسرح لسنوات طويلة: مع "مسرح اليوم" 9 سنوات ومع "مسرح الشمس"، 5 سنوات ومازلت ، واشتغلت في عدة أعمال درامية، تلفزيونية وسينمائية وسعت من دائرة مشاهدة أعمالي، بدءا من مسلسل "أولاد الناس"? و "دواير الزمان" لفريدة بورقية الى ما لحق بهما من أعمال... فالأهم بالنسبة لي في كل هذا هو أني أحب هذه المهنة لأجل هذه المهنة وليس لأمور وأهداف أخرى.