سبق لوزير الداخلية محمد حصاد التأكيد خلال ندوة صحفية عدم وجود أية تهديدات إرهابية حقيقية تستهدف المغرب في الوقت الراهن ، معتبرا أن بدء الرباط في تطبيق مخطط أمني جديد تحت اسم «حذر» يندرج في إطار مبادرة «استباقية واحتياطية» لطمأنة المغاربة والأجانب المقيمين في البلاد. ويروم المخطط الأمني « حذر» في مرحلته الأولى حماية المرافق الاستراتيجية في ست مدن كبرى، هي العاصمة الرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس وطنجة وأكادير. حيث أكدت وزارة الداخلية المغربية في بيان رسمي أن الآلية الأمنية الجديدة تضم في تشكيلتها عناصر من قوات الجيش والدرك الملكي والشرطة والقوات المساعدة (قوات عسكرية احتياطية)، كما ستعمل على تعزيز عمل مؤسسات الدولة في حماية المواطنين والزوار الأجانب. وهي خطوة مغربية تأتي في سياق التطورات الأمنية والعسكرية بمنطقة الشرق الأوسط. وبالنزول للميدان، تتجسد «حذر» كمبادرة إيجابية حقيقية، حيث تعيش الفضاءات العمومية والمرافق الحساسة والاستراتيجية حماية إضافية واستقرارا أمنيا ملموسا يتمتع به المواطنون المغاربة والأجانب على حد سواء. وكانت الخارجية المغربية أكدت في بيان أن «هذا العمل يواكب ويستكمل التدابير الأخرى التي يجري تنفيذها فوق التراب المغربي من أجل المحافظة على الأمن وطمأنينة المواطنين المغاربة في مواجهة تهديد الإرهاب الدولي». وبخصوص تجربة «حذر» استمزجت الجريدة آراء العديد من المواطنين من مختلف الشرائح والأعمار، واستمعت إلى ارتسامات التلاميذ والتلميذات وانطباعاتهم النفسية والوجدانية، واستغورت تمثلات «الخطة» لدى شرائح متباينة في المواقف والأعمار، واستشرفت حجم هذا الحضور الأمني الدائم ، وانعكاسه على الأداء التربوي والتعايش الاجتماعي، أو على صعيد انسيابية الخدمات وأشكال التواصل وإيقاع الحياة . وتقاسمت عنف الأسئلة، وجرأتها وفيما إذا كانت مهام «حذر «تقتصر على الوظائف المتعلقة بحماية المؤسسات والمرافق الاجتماعية من «هجمات إرهابية مسلحة» لها ارتباط بما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، أم بهدف توفير الأمن والحماية للمواطن في حيزه الاجتماعي وتفاعله الدائم مع المعيش اليومي في غدوه ورواحه؟ وعلى الرغم من أن دوريات «حذر» المعروفة بانضباطها ومهارتها العسكرية، باتت تؤثث معظم المرافق والفضاءات الحساسة، فإن رصدنا سيقتصر على محيط المؤسسات التعليمية الثلاث بمنطقة المرينيين بفاس. شهادات لافتة كثيرة هي الشهادات اللافتة والمثيرة التي استقيناها، تتحدث فيها الألسن بكثير من الحماس عن التأثير الإيجابي الملحوظ لوجود دوريتي حذر المشكلة أساسا من جنديين يتوسطهما شرطي. إحدى الفتيات تحدثت صراحة عن اختفاء ملحوظ لعينة من أصحاب الرؤوس الحليقة، والسراويل الساقطة، لكن زميلتها قاطعتها بالقول «ليس نهائيا، إنما هم غادروا الأمكنة التي اعتادوها، وصاروا يراقبون الوضع عن كثب ، لكن من بعيد «ومع ذلك عبرت» سناء « التي لم تستطع كبح جماح رغبتها بالتقاط صورة لها تتوسط الدورية.. لكن التصوير يمنع في مثل هذه الحالات لتنصرف بكبرياء. وتذهب إحدى الشهادات التي قدمتها «ك.ح» فتاة في ربيعها ال 15 موضحة كيف اختفت تلك الحركات البهلوانية التافهة التي تعود بعض الشباب القيام بها، خاصة تلك التي دأب القيام بها أحد المراهقين المهووسين فوق دراجته النارية التي استعارها خلسة، ويقودها بلا أوراق ثبوتية للفت انتباه الفتيات وجذب إعجابهن، ولا شيء غير ذلك إنهم يحملون سلاحا رشاشا حقيقيا «تقول شابة وهي ترد بكفها خصلات شعر تعبث بها رياح «الشرقي». يبدو أن كفاءتهم عالية، ومستوى تدريبهم كاف للتصدي لأي اعتداء، ثم تضيف بنبرة ثقة منذ أن وطأت أقدامهم الستة محيط الثانويات، اختفت نهائيا وجوه مشبوهة وعلامات، أشياء مربكة وتفاهات، سلوك غريب وممارسات، شباب متهور وانحرافات، كما اختفت نهائيا شوهة ..ودراجات نارية بمحركات تقتل، اختفت كليا أوجزئيا وجوه مدموغة بالوشم الدموي، ومقطبة على الجوانب والأشداق بعنف الجريمة وباتت أقدامهم على مدار الساعة تدك أرضية الثانويات الثلاث ذهابا وإيابا دون كلل أو ملل، عيونهم راصدة مترصدة، وأصابعهم على الزناد». قرار حكيم «هكذا إذن تتم الأمور منذ أن صدر قرار حكيم بإخراج الجيش من ثكناته والشرطة من معاقلها، في مهمة أمنية ترسخ الاستثناء والاستقرار المغربي» يقول أحد المستجربين. وفيما تتسمر عيون عناصر «حذر «على كل «الشبهات»، ظلت نظراتهم الصارمة تشي بالكثير من الحقائق والأشياء الدالة على أنها النخبة القادرة على التدخل والحفاظ على النظام ومكافحة الإرهاب في كل لحظة وحين ودون أدنى تردد. إن الوقت لم يعد كما كان، يقول «ح ك» يدرس في السنة الثانية باكالوريا أدب عربي «وأن لا أحد يمكن أن يفهم ميولات شاب عدواني متربص مدجج بالأفكار السافلة والمناولات التواصلية الفجة والرديئة، سوى رشاش يتحرك بعيون ثاقبة، تتبعها خطوات متزنة دون كلل أو ملل «ويدعم أقواله زميل له يدعى «م ب» طالب بالسنة الثانية باكالوريا «واه...واه يصمت قليلا ثم يضيف بحماس «من أجل مواجهة العنف والانفلات الأمني والجريمة بفاس، لابد من حذر أولا، وحذر ثانيا، وحذر ثالثا «ويسترسل في كلامه «ما تعيشه العاصمة العلمية من أحداث واعتداءات يومية بالسلاح الأبيض، وما يعرفه محيط الثانويات هنا أوهناك خصوصا في المناطق الشعبية الآهلة، أمر مقلق ولا يبشر بخير، لذلك برافو لمن فكر هكذا، لأنه كان لابد من تكاثف الجهود الأمنية في تحقيق الطمأنينة والاستقرار، كان لابد من إخراج الجيش من ثكناته». بعد انطلاق العملية الأمنية «حذر» بات الكثير من المتتبعين والمهتمين يرونها آلية جديدة للأمنِ لمكافحة مختلفِ المخاطر، لكن هل يقتصر أمرها على تغطية مجموعة من المناطق الحساسة بالمدينة فقط؟ يتساءل معظم من التقت بهم الجريدة؟ صحيح أن المغرب مطالب الآن أكثر من أي وقت مضى بالرفع من درجة الحذر واليقظة، وتعزيز التواجد الأمني بكل المناطق، لدفع كل مكروه يهدد استقراره وأمنه الاجتماعي، وذلك من خلال تفعيل وتقوية المجال الأمني على مستوى ربوع المملكة مع تكثيف المراقبة والرقابة على مستوى جميع النقط الحساسة فضلا عن توفير الحماية للفضاءات الاجتماعية التي غالبا ما تكون عرضة لاعتداءات لأسباب ودوافع إجرامية. التلميذات وهن يستحضرن قصصا وحكايات لها ارتباط «بحذر» تم استيقاء معظمها من مواقع التواصل الاجتماعي، حوادث وتدخلات بطولية ثمة من عاينها لحظة الوقوع ، لكنها أجمعت على استحسان الظاهرة والذهاب بها إلى أبعد من المرحلية سيما بعد استحضار بعض المسلكيات الغريبة لبعض من تحولوا فجأة إلى «دعاة» ومصلحين اجتماعيين، وما تتركه بربرية «داعش «في نفوس أسر الضحايا من أجواء مشحونة بالحزن العظيم وكآبة عميقة وغصص أليمة ،عتاة التطرف والتعصب وغلاة الهويات المكسورة التي تغلّب عليها الجهل المتعالم هي من حتمت وجود حذر «أليس كذلك؟ تتساءل أستاذة. بدورها تفتخر «مريم» التي تقطن بحي عين هارون وتعبر عن رغبتها في نجاح مهمتهم التي تتمنى لها الاستمرار والدوام. الأستاذة «ف.ز.غ.م» تشعر بالفخر والاعتزاز وهي تتحدث عن «حذر» لأنها بفضل نشاطها الاجتماعي وتفاعلها التربوي تحتاج إلى دعم أمني في تنقلاتها.. لكن الجرأة التي ميزت حديث» إكرام ط» تلميذة بالجذع المشترك لم تستطع أن تقنع بها العديد من زميلاتها اللواتي ظللن يمتدحن التجربة الأمنية ل»حذر»رغم أنها في البداية. والحقيقة تقول إكرام «أن توفير الحماية والأمن والاستقرار الدائم في محيط الثانويات الذي «ينغل» بذوي السوابق والمسجلين خطر ، ليست بالسهلة لكنها تهون على عناصر أمنية على مستوى عال من اللياقة والكفاءة والتدريب العسكري». ويسرد «ح.م» تلميذ في السنة الأولى بكالوريا قصة عاش فصولها حيث كانت دورية «حذر « صلة وصل بينه وبين المصالح الأمنية ،على إثر اعتداء نشب بمحيط حيه السكني، حيث قامت الدورية بإشعار السلطات الأمنية التي حضرت فورا لمسرح الجريمة وقامت بالمتعين». اعتناء وتطوير ويقدم «م.ه» أستاذ بثانوية، تدشين قاعة متعددة الرياضات بمقر ولاية أمن فاس، مجهزة بأحدث المعدات، بكونه يدخل في إطار استراتيجية عمل تروم المديرية العامة للأمن الوطني من ورائها استثمار العنصر البشري من أجل النهوض بالأوضاع الأمنية بالعاصمة العلمية، حيث يرى في ضمان تكوين مستمر على المستويين الأكاديمي والمحلي للمنظومة الأمنية بالعاصمة العلمية يتماشى وواقع الأحداث بل ويستبقها «وقد جهزت القاعة الرياضية، التي أقيمت على مساحة تناهز 1005 متر مربع، بأحدث التجهيزات الرياضية في مجال فنون الحرب والدفاع الذاتي والكمال الجسماني، حيث تتوفر على طاقم من الخبراء والمدربين الرياضيين على درجة من الكفاءة العالية، حيث ستستفيد من خدماتها على مدار ستة أيام كل الشرائح الأمنية ذكورا وإناثا، عاملين أو متقاعدين، مما سيمكن من إعداد الشرطي بدنيا وفكريا لمواكبة متطلبات عمله». ويشاطره الجميع فكرة الاعتناء برجال الأمن الوطني وخصوصا في المجال الصحي والتكوين المستمر في الحقل المعلوماتي، لأن ذلك سيمكنهم دون شك من المراقبة اللصيقة للواقع الملتهب والسيطرة عليه ، وكذا التتبع ومواكبة مسار المستهدفين سواء عبر الشبكة العنكبوتية أو الواقع الميداني حفاظا على الأمن وحرصا على سلامة أفراد المجتمع ،ويضيف «لا شك أن الامر يتعلق بإحساس المواطن بأمن إضافي ظل يفتقده مدة طويلة، وحتى في أدنى مستوى فإن ل «حذر» صلاحية التدخل الأمني ،وكذا إخبار الجهات المعنية فور وقوع الاعتداء، وهو ما لم يكن متاحا في السابق». نعم، إنهم يشكلون قيمة أمنية مضافة بحضورهم الدائم، يصرح تلميذ السنة أولى باكالوريا بثانوية ابن خلدون، إننا نشعر بالأمان التام بوجودهم، حيث يلعبون دورا كبيرا في حمايتنا، ونحن ملزمون بالاحترام التام لهؤلاء الجنود على عملهم اليومي الشاق، بالطبع نحن بحاجة ماسة لهذه الخدمة بالنسبة لي إنها ناجحة، لأنها توفر الأمن والأمان للتلاميذ خاصة و المواطنين عامة». ورغم أن شعور «إكرام.ا» بالأمن ليس كثيرا على حد قولها، لكنها، تشعر بقليل من التوتر والخوف من انخفاظ قيمة الأمان بمحيط مؤسستها بعد مغادرة عناصر حذر «لمحيط المؤسسة». الشعور والإحساس بالأمان والأمر لا يقتصر على التلاميذ، بل امتد ليشمل الأساتذة كذلك ، حيث أجابت ذة:» ف زغ» نعم بالتأكيد، حتى نحن الأساتذة شعرنا بأمان أكثر من ذي قبل بوجودهم، فمجرد رؤيتهم يتجولون أمامك يجعلك تحس بالأمان على الأقل في الدائرة التي توجد فيها». وترى ذة» في المبادرة الامنية خطوة ضرورية من أجل مكافحة الإرهاب بشتى أنواعه! نعم نحن في حاجة ماسة لهذه الخدمة، لأن فاس أصبحت بكل أسف مدينة يغلب عليها طابع الإجرام و التسيب.» من أجل دوام المهمة ولا يخفي الكثيرون شعورهم بالإحباط حين يعلمون أن مهمة» حذر» محدودة في الزمان والمكان، وقد يعتريها الفتور كمثيلاتها السابقة «مع الأسف.. كل شيء نسبي! لا شيء يدوم»! «الفكرة جيدة لكنني كما قلت، لن يكتب لها النجاح، إذا كانت مؤقتة مرتبطة بظروف استثنائية. يقول الشاب ذو الشعر المشبوك، وهو يستبدل وضع حقيبته على كتفه «فالأمان لا يحدد بوقت معين، والعنف والإجرام أصبح لغة الشارع مع الأسف «ثم يضيف كمن يقلب الصفحة «مهمة نبيلة، ونحن في حاجة ماسة إلى هذه الخدمة الأمنية رغم ما يمكن أن يعتبر تقصيرا، نحن في الواقع لا نريدها أن تنتهي، لأنها ضرورية في حياتنا بصفة عامة نحن في حاجة إلى هذه الدورية يوميا، لكي نشعر بالأمان ..فهل يصغي الينا اصحاب الحل والعقد حتى يكتب لها النجاح مستقبلا». ونختم جولتنا هذه ونحن نصغي السمع للطيفة 16 ربيعا، تلميذة بثانوية القرويين تقول «نعم، إننا نشعر بالأمان التام بوجودهم، حيث أنهم يلعبون دورا كبيرا في حماية التلاميذ» الرأي ذاته تتبناه برشاقة مذهلة، سهام زميلتها في الثانوية، وتدافع عنه بقولها «نعم، إنهم يشكلون قيمة أمنية مضافة بحضورهم الدائم، فهل يستمرون؟».